حيوانات

حيوانات لا ترضع.. تعرف على السبب

بعض الحيوانات فقدت القدرة على الرضاعة مع تطور أفواهها لأكل فريسة قاسية

المصدر: science magazine – Gretchen Vogel

ترجمة: ماري مراد

من المعروف أن الثدييات ترضع؛ فالقدرة على إرضاع الحليب سمة مميزة للمجموعة، وليست من قبيل التطور البسيط. وتتطلب الرضاعة- وكذلك الشرب باستخدام “شاليمو”- تشريحًا معقدًا لإغلاق مجرى الهواء في كل مرة نرشف فيها ونبتلع.

لكن أحد فروع الثدييات لا يرضع: الحيوانات أحادية المسلك التي تبيض؛ وتشمل خلد الماء وإيكيدنا، أو آكل النمل الشائك. هذه الحيوانات تفتقر إلى الحلمات. وبدلاً من ذلك، يسحب صغارها الحليب من بقع على جلد الأم.

ويُعتقد أن أحادية المسلك قد انحرفت عن الثدييات الأخرى قبل 190 مليون سنة تقريبًا، لذلك فكر معظم علماء الأحافير في أن الرضاعة قد تطورت بعد هذا الانشقاق.

الآن، بإلقاء نظرة قريبة على الحيوانات الحديثة والحفريات الرئيسية قبل الانقسام، نجد أن الأسلاف الأحادية كان بإمكانها الإرضاع، لكن الحيوانات فقدت في وقت لاحق هذه القدرة مع تطور أفواهها لأكل فريسة قاسية.

عالم الأحافير والتشريح الوظيفي، ألفريد فوز كرومبتون من جامعة هارفارد، الذي قاد الدراسات الجديدة، يؤكد أن النتيجة “تلقي ضوءًا جديدًا على الحيوانات أحادية المسلك” وتشير إلى أن الرضاعة هي جزء من الحزمة الأصلية للثدييات.

ومن جانبها، تقول عالمة الفسيولوجيا العصبية، ريبيكا جيرمان، من جامعة شمال شرق أوهايو الطبية في رووتستاون، إن العمل “مثير للاهتمام ومهم للغاية لفهم تطور الثدييات. لقد بدأوا يفهمون جزء التشريح المهم لتغذية الرضع”.

في بحث سابق، حدد كرومبتون وآخرون مجموعة من العضلات التي تلعب دورا رئيسيا في الرضاعة. إحداهما يطلق عليه اسم “tensor veli palatini”، تمتد من قاعدة الأذن إلى أطراف الحنك الرخو، وهو النسيج الذي يشكل الجزء الخلفي من سقف الفم. وعندما تشرب من “شاليمو”، فإن هذه العضلة تسحب الحنك الرخو، لذلك يمكن للسانك أن يشكل ختمًا محكمًا بسقف فمك. عندما يسقط الجزء الأمامي من اللسان، يصبح الفم منطقة منخفضة الضغط وتسحب السائل إلى الداخل.

وفي الآونة الأخيرة، لفهم كيفية تطور الرضاعة، حلل كرومبتون وزملاؤه رؤوس حيوان الإبسوم بأمريكا الشمالية، وخلد الماء، والوَرَل بالإضافة إلى الجماجم الأحفورية.

وفي المؤتمر الدولي الخامس للحفريات الأسبوع الماضي، وصفت كاثرين موسينسكي، كاتبة البحث المشاركة لكرومبتون، تشريح اثنين من أسلاف الثدييات: ثريناكسودون، الذي عاش منذ حوالي 250 مليون سنة، والبرازيليثرويم، الذي عاش قبل حوالي 220 مليون سنة، الإثنان قبل أول سلف مشترك للثدييات الحية. (يعتقد أن هذا الحيوان عاش في أوائل العصر الجوراسي، الذي بدأ منذ حوالي 200 مليون سنة).

وتفتقر الزواحف الحديثة إلى “tensor veli palatini” ويبدو أن ثريناكسودون، لم يكن لديه أيضا. لكن الباحثين وجدوا في البرازيليثرويم أن شكل العظام والندوب التي تلتصق بها العضلات تشير إلى وجود نسخة بدائية من العضلات.

هذا، جنبا إلى جنب مع غيرها من الأدلة، قادهم إلى الاستنتاج المدهش أن قريب الثدييات القديم هذا ربما كان يشكل ختمًا محكمًا بين لسانه وحنكه وربما رضعت.

ويقول عالم الحفريات زهي شي لوه من جامعة شيكاغو في إلينوي، الذي قام بفحص البرازيليثرويم عن كثب: “الفكرة مدعومة بشكل جيد للغاية” من خلال مجموعة الباحثين من التشريح الحديث والأدلة الحفرية.

ومن أجل استكشاف تشريح الحيوان أحادي المسلك بمزيد من التفصيل، قسم الباحثون أيضًا بشق الأنفس رأس خلد الماء الحديث وتم مسحه ضوئيًا. على الرغم من أن هذه الحيوانات تشعبت من الثدييات الأخرى بعد والبرازيليثرويم، فقد فقدت الـ”tensor veli palatini”.

وبدلا من ذلك، تطورت الفم والفك لطحن قذائف قاسية من القشريات. وتحرك الفك السفلي من جانب إلى آخر لطحن فرائسها مع منصات خشنة على اللسان والحنك، والتي حلت محل الأسنان. هذه التعديلات تعني أن خلد الماء لا يمكن أن يشكل الختم الضيق المطلوب للرضاعة.

وبالنظر إلى أن الرضاعة هي واحدة من الخصائص المميزة للثدييات، يقول كرومبتون إنه “من المدهش إلى حد ما أن إحدى المجموعات الأولى للتفرّع خسرت هذه الخاصية مرة أخرى”.

ويوافقه لوه، معللًا ذلك بأنه لوه يوافق، لأنه بما أن الرضاعة تسمح للمواليد الجدد بالوصول بكفاءة إلى الغذاء عالي الجودة، والسعرات الحرارية العالية، فإن أسلاف خلد الماء يواجهون مقايضة باهظة الثمن عندما يستبدلون هذه الطريقة.

على سبيل المثال؛ فإن لعق الحليب من جلد الأم يعرض الحيوانات لخطر الإصابة بالعدوى بشكل أكبر، لكن مثل هذه العوائق ربما أدت إلى تكيفات أخرى، إذ أشار ماسينسكي إلى أن: الباحثين درسوا لبن خلد الماء لخصائصه المحتملة المضادة للميكروبات.

وفي السياق ذاته، ذكرت جيرمان أن نهج كرومبتون وموسينسكي، يقدم طريقة قيمة لفهم كيفية تطور سلوك الإرضاع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى