سياسة

فورين بوليسي: “انتكاسات السعودية” وأزمة إيران و”التعقيد السوري”

فورين بوليسي: ستنعكس الخلافات على الأطراف المدعومة من إيران والسعودية في المفاوضات حول سوريا في جينيف

فورين بوليسي – دان دي لوس – ترجمة: محمد الصباغ

قطعت المملكة السعودية علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، ومع الحرب الكلامية المتصاعدة بين الغريمين هناك تهديد للمساعي الدولية نحو إيقاف الصراع في سوريا.

أمهلت الرياض الأحد الدبلوماسيين الإيرانيين على أراضيها 48 ساعة لمغادرة المملكة بعدما ندد القادة في طهران بإعدام الداعية الشيعي الشهير نمر النمر، وبعد مظاهرات أيضاً تم خلالها اقتحام سفارة المملكة السنية بإيران في غضب كبير عقب مقتل النمر. وسارت ثلاث دول يحكمها قادة من السنة على نفس الدرب، فقطعت دول البحرين والسودان العلاقات الدبلوماسية مع إيران فيما قامت الإمارات العربية المتحدة بخفض العلاقات وسحب سفيرها من طهران.

تتأزم العلاقات السعودية الإيرانية في لحظة حرجة من الجهود الدبلوماسية الهادفة إلى بدء محادثات سلام أواخر هذا الشهر بين النظام السوري بقيادة بشار الأسد وبين ممثلي المعارضة.

كان من المفترض أن يعقد ستيفان دي ميستورا، وسيط الأمم المتحدة في الصراع السوري، محادثات في الرياض الإثنين من أجل تمهيد الطريق للمفاوضات في جينيف. لكن الدبلوماسيين الغربيين أبدوا قلقهم من أن الأزمة بين السعودية وإيران قد تسمم الأجواء وتدمر المناقشات حتى قبل بدايتها.

يقول دبلوماسي بالأمم المتحدة لفورين بوليسي إن الأجواء ”لا يمكن أن تكون جيدة.“

ويضيف الدبلوماسي إنه بعد التوترات السعودية الإيرانية الأخيرة، من المحتمل أن يقوم ممثلو المعارضة –أغلبهم مدعومين من السعودية- باتخاذ مواقفاً أكثر تشدداً تجاه رعاة نظام الأسد، إيران وروسيا. وفي المقابل، من المتوقع أنهم سيكونون أقل قدرة على حل أزمة تشكيل وفد المعارضة في المحادثات المخطط لها.

وسيكون على الولايات المتحدة وروسيا بذل المزيد من الجهود الدبلوماسية من أجل تقليل الأضرار عقب الأحداث الأخيرة.

ويقول: ”أعتقد أن الأمور تعتمد مرة أخرى على الولايات المتحدة وروسيا، لو كانوا يريدون إنقاذ الموقف وإبقاء المحادثات على قيد الحياة.“

من المفترض أيضاً أن يعقد ميستورا  محادثات في طهران هذا الأسبوع، ومازال الرجل يعاني من أجل إيجاد أرض مشتركة بين القوى الرئيسية من خلالها يمكن السماح لجماعات سورية معارضة المشاركة في المحادثات. فروسيا دفعت إلى منع بعض مجموعات المعارضة من المحادثات، ووصفتهم ب”جماعات إرهابية“ وساوتهم جميعاً بجبهة النصرة التي تمتلك علاقات بالدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة.

ويقول ستيفان ديوروريتش، المتحدث باسم الأمين العام للامم المتحدة عبر البريد الالكتروني، إن خلال زيارته للمنطقة، سيعمل مبعوث الأمم المتحدة على إبقاء ”الأزمة بعيدة قدر الإمكان عن الإضرار بالعملية السياسية المخطط لها في سوريا.“

فيما طالبت فيدريكا موجريني، مسؤولة العلاقات الخارجية بالاتحاد الأوروبي، بالتهدئة وأخبرت وزير الخارجية اإيراني جواد ظريف أن اللهجة الحادة بين طهران والرياض تخاطر بإفشال الدبلوماسية في سوريا. وقالت في بيان: ”يعمل المجتمع الدولي والقوى الإقليمية الرئيسية بكل نشاط سوياً من أجل دعم حل سياسي في الأزمة السورية وتشكيل قوات ضد المجموعات الإرهابية، وتلك الجهود لا يجب عرقلتها بوجود عدم استقرار جديد.“

أما وزير الخارجية ورئيس الوزراء السويدي السابق فكتب عبر حسابه بموقع تويتر إن قرار السعودية بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران كان ”خطوة سيئة ولا خلاف على ذلك“ ويمكن أن تؤجج التوترات في المنطقة.

طالبت الحكومات الغربية ومنظمات حقوق الإنسان السعودية بعدم إعدام النمر، المنتقد الكبير للعائلة السعودية الحاكمة. ظلّت واشنطن محتفظة بمخاوفها لكن صرّحت باستيائها من حكم الإعدام ضد الداعية، الذي أعدم مع 46 آخرين يوم الأحد. ومعظم من تم إعدامهم من السنّة الذين اتهموا بالمشاركة في هجمات للقاعدة على الأراضي السعودية، لكن منظمات حقوقية قالت إن بعضهم كانوا من المعارضين السياسيين.

واتهمت منظمة العفو الدولية المملكة السعودية باستخدام أحكام الإعدام في ”تصفية الحسابات وسحق المعارضين.“

بعد إعلان الإعدامات، أصدرت وزارة الخارجية بياناً أعربت فيه عن بأن تلك الخطوة تخاطر ب”تفاقم التوترات الطائفية في الوقت الذي نحتاج فيه بشكل عاجل إلى تقليلها.“

كما كتب المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامئني، على حسابه بتويتر إن السعوديين سيواجهون ”انتقاماً إلهياً“ لإعدامهم النمر، ووصف الأمر بأنه ”خطأ سياسي“ و”جريمة“.

وفي طهران، أشعلت الحشود النار بالسفارة السعودية، ودمروا النوافذ، وألقوا بالأوراق من على الأسطح. وأدان المسؤولون الإيرانيون أعمال العنف ووعدوا بعقاب المسؤولين عن تدمير الممتلكات.

لكن وزير الخارجية السعودي قال إن إيران أصيبت ب”الطائفية العمياء“ وذلك بالدفاع عن أفعال ”إرهابية“، كانت طهران ”شريكة في جرائمهم في المنطقة بالكامل.“

كان النمر قائداً للمعارضة الشيعية للنظام، وقاد المظاهرات حتى ألقي القبض عليه عام 2012. لكن النمر أصر على أنه لم يدعو أبداً للعنف.

وكجزء من قطع العلاقات الدبلوماسية، قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إنه ستم قطع الروابط التجارية وإيقاف رحلات الطيران. لكنه قال لاحقاً إن الحجاج الإيرانيين المسافرين إلى الأراضي المقدسة بمكة والمدينة سيتم السماح لهم بدخول البلاد.

كما قال محللون ودبلوماسيون غربيون إن تلك التوترات لن تساعد سوى المتطرفين في الدولتين، مغذية صراع السنّة والشيعة القائم في كل من العراق وسوريا واليمن.

العلاقات بين الحليفتين –السعودية والولايات المتحدة- شهدت بعض الاختلافات في السنوات الاخيرة، مع انعدام ثقة الرياض في الدبلوماسية التي ينتهجها الرئيس باراك أوباما وتواصله مع إيران، وإحباطهم لعدم رغبته في مواجهة رأس النظام السوري.

وكمثال آخر على هشاشة التحالف، فشلت واشنطن في إقناع السعودية بإنهاء تدخلها العسكري الفاشل في اليمن. مع ذلك يستمر البنتاجون في تقديم المعلومات الاستخباراتية والدعم للسعودية في هجماتها الجوية التي أدانتها منظمات حقوق الإنسان لتسببها في سقوط  أعداد من الضحايا المدنيين.

ويرى خبير ومسؤول رسمي سابق بالولايات المتحدة أن قيام القيادة السعودية بقطع العلاقات الدبلوماسية مع طهران يعكس القلق الكبير من التهديد الإيراني في المنافسة من أجل القوة الإقليمية. لكن المملكة الغنية بالنفط تهتز بسبب عدم الاستقرار الداخلي، وتراجع أسعار النفط، والانتكاسات في المعركة اليمنية، والتكهنات حول من سيجلس على العرش في المستقبل.

ويقول بروس ريدل ،العميل السابق بالاستخبارات الامريكية والزميل الحالي بمؤسسة بروكينجز، ”يواجه السعوديون عاصفة محتملة متكاملة: انخفاض أسعار النفط، والتعثر بمستنقع اليمن، والتهديدات الإرهابية المتعددة، وتساؤلات حول من سيخلف الملك، والمشكلة مع إيران. يحاولون ترهيب المعارضة في الداخل.“

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى