لم تحقق أمريكا مساعدة كبيرة في استرداد الأموال المصرية المهربة بعد سقوط مبارك، فأنشأت إدارة جديدة لتحقيق نتائج أسرع بعد هروب الرئيس الأوكراني ، سباق مع الزمن ووثائق في بركة الرئيس وأموال تتنقل حول العالم ومخاوف من التدخل الأمريكي في شؤون الغير
داون جونز – NASDAQ
ترجمة: منة حسام الدين
أنشأ مكتب التحقيقات الفيدرالية فريق مهام خاصة “SWAT” معني بالشؤون المالية من أجل مساعدة الدول التي اطاحت بحاكمها وتبحث عن أصولها المسروقة، وذلك في إطار حملة البيت الأبيض لدعم الديمقراطيات الوليدة.
هذا الجهد، كما وصفه المسؤولون الأميركيون، وأعلن عنه رسمياً (الثلاثاء)، وزير العدل الاميركي، إريك هولدر، ياتي ضمن الاستراتيجية الجديدة التي تهدف إلى الإسراع من التحقيقات والملاحقات القضائية للقادة الاجانب المشتبه في قيامهم بنهب اموال امتهم او الهرب بها، والتي في كثير من الاحيان قد تصل قيمتها إلى بلايين الدولارات.
“في مثل هذه الحالات، تكون حقاً في سباق مع الزمن، قبل أن يتم تدمير الأدلة او اختفاء تلك الأصول، كما انه لا يوجد بديل يجعل الناس متواجدين على ارض الواقع في أسرع وقت ممكن”، يقول ديفيد اونيل، رئيس القسم الجنائي في وزارة العدل.
سيتم تعيين نحو عشرات الوكلاء والمحللين الاميركيين في تلك المبادرة، التي تشتمل على مطاردة الحسابات المصرفية والمنازل و السيارات الفاخرة التي اشتراها الزعماء الاجانب، ومساعدة السلطات المحلية على تجميع الدعاوى الجنائية للمسؤولين السابقين.
وإلى حد كبير، يعتمد نجاح تلك المبادرة على مدى استعداد الحكومات الأجنبية الوليدة للعمل مع محققي الولايات المتحدة الاميركية، ومدى قدرة تلك الحكومات على الحفاظ على سلامة المحققين، مع تمكينهم من الوصول إلى الوثائق والشهود المحتملين.
في حالات كثيرة، ستعمل الولايات المتحدة الاميركية مع الحكومات الحريصة على العثور على الأموال المفقودة، لكنها ستكافح أيضاً لفرض سيطرتها على مختلف فروع الحكومة.
بالفعل، تم استخدام ذلك النهج في اوكرانيا، حيث أرسلت الولايات المتحدة الاميركية عملاء تابعين لمكتب التحقيقات الفيدرالية ووكلاء نيابة فيدراليين في غضون أيام من رحيل الزعيم فيكتور يانوكوفيتش.
وقال مسؤولون اميركيون إن مايقرب من 10 عملاء ووكلاء نيابة مازالوا في أوكرانيا، يعملون على فحص الادلة، وتعقب الحسابات المصرفية، وتقديم المشورة للمسؤولين عن تنفيذ القانون الاوكراني حول كيفية القيام بأعمال مماثلة.
كما قام العملاء الأميركيون بتعليم الصحفيين كيفية تجميع الوثائق المالية الممزقة، فضلا عن تتبع بعض المشتبه بهم الذين قاموا بسرقة الأصول وتهريبها إلى الولايات المتحدة الاميركية أو إلى أي مكان آخر.
وأوضح المسؤولون الاميركيون أن الوثائق المالية التي انتشلها أنصار المعارضة والصحفيون من البركة الموجودة خلف قصر الرئيس، ثبت فعلياً انها مهمة في تحقيقاتهم.
من جانبه، نفى يانوكوفيتش أي مزاعم تتهمه بالفساد.
وعلى صعيد آخر، جاء إعلان أمس (الثلاثاء) من بعض مشرعي الكونجرس الذين يريدون الضغط على إدارة أوباما لتقديم الزيد من المساعدة للحكومة الأوكرانية في مواجهتها مع روسيا.
“الحكومة الاوكرانية تستطيع أن تستخدم الأصول المستردة من أجل تقوية بلادها، وإظهار تقدم حقيقي فيما يخص القضاء على الفساد، كما أن ذلك الوضع سيساعد الزعماء الأوكرانيين على إقامة نوع من الحكم يقوم على المصداقية، وسيادة القانون المطلوب قبل عقد الانتخابات في مايو”، يقول بوب كوركر، السيناتور الجمهوري البارز في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ.
تلك الخطط تعتبراً تحولاً في وزارة العدل، في التي بحثت في الماضي عن الاموال بعد فترة طويلة من انتهاء الثورات الأجنبية، تخطط وزارة العدل الآن، والتي تشرف على مكتب التحقيقات الفيدرالية، لدخول الدول في أعقاب الاضطرابات التي تمر بها.
وقال المسؤولون إن ثورات الربيع العربي في الشرق الاوسط عام 2011، أجبرت الولايات المتحدة الاميركية على إعادة النظر في نهجها المرتبط بالحصول على المال، وعلى الاستجابة السريعة للاحداث التي تتغير بشكل كبير.
ديفيد أونويل، الذي أرجع المجهود الجديد لفريق المهمات الخاصة المعني بالشؤون المالية، قال إن الولايات المتحدة الاميركية متحمسة لفعل مثل ذلك العمل، بحجة أن الدول الفاسدة تعتبر أرضاً خصبة لأنواع أخرى من الجرائم، بما في ذلك الإرهاب، ويمكنها أن تضر قطاع الأعمال الأميركي.
“لقد تعيّر العالم بسرعة خلال العام أو العامين الماضيين، وتسارعت وتيرة التغيير السياسي، لذا كان على الولايات المتحدة الاميركية ان تتكيف باستجاباتها”، يضيف أونويل ويوضح :” ليس فقط في أوكرانيا، لكن في المرة التالية التي يتم فيها خلع رئيس سارق، نحتاج ان يكون معنا الموارد، والمهارات، و والقدرة على وضع فريق في ذلك البلد في غضون أيام من اندلاع الاحداث. “
ومن جانب آخر، يتضمن ذلك النهج عدة معوقات، من ضمنها الأخطار الجسدية التي قد يتعرض لها العملاء بسبب ارسالهم إلى تلك الاجزاء المضطربة من العالم، مع استمرار وجود النية السيئة من مسؤولي الأمة في حالة عدم استرداد الكثير من الاموال.
الرئيس المصري حسني مبارك، الذي حكم مصر لفترة طويلة، بعدما ترك منصبه، تحرك المسؤولون االأميركيون بسرعة لمساعدة الحكومة الجديدة من أجل استعادة الأموال التي كان يُعتقد ان اعضاء النظام ثاموا باخفائها.
“الحكومة والشعب كانوا يأملون أننا سنجد البلايين”، يقول مسؤول سابق في وزارة الخارجية، وكان يعمل على برنامج مكافحة الفساد الحكومي في القاهرة.
وأضاف ذلك المسؤول، إنه على الرغم من أن المبلغ الاجمالي الذي تم استرداده تكون من سبعة أرقام، إلا أن بعض المسؤولين المصريين اتهموا الولايات المتحدة الاميركية بالابقاء على الاموال المخفية.
كان هناك عدم فهم لتفاصيل الإجراءات التي نحاجها للمساعدة في مصادرة الممتلكات” “يوضح ذلك المسؤول، ويقول:” كانت هناك تلك التوقعات الضخمة ولكنهم كانوا يعتقدون أيضاً أننا بطريقة ما سنكون قادرين على القيام بكل التحقيقات بأنفسنا. “
المسؤولون الأميركيون يقولون إن جهودهم في مصر كانت في وضع حرج بسبب التعاون المحدود من السلطات المحلية، على سبيل المثل، لم تعيد السفارة المصرية إرسال الرسائل التي كانوا يريدون تعليقاً عليها.
ستيورات جيلمان، الرئيس سابق لبرنامج مكافحة الفساد العالمي للأمم المتحدة، قال إن التحقيقات السريعة غالباً ما تكون السبيل الوحيد للقبض على الأصول قبل أن يتم تهريبها .
“عندما تبدأ حكومة فاسدة في السقوط، ينظر الرئيس السارق إلى الوضع ويقول:” إذا لم اتمكن من الاحتفاظ بقدر من اموالي، فأنا لست بكامل قواي العقلية”، ثم يبدؤون في تحريك أموالهم بأسرع وقت ممكن”، يضيف جيلمان الذي يعمل حالياً مستشاراً للحكومة الاوكرانية الجديدة، في مجالي مكافحة الفساد واسترداد الأصول المسروقة.
“من السهل أن يتم تتبع الاموال في البداية، ولكن بعد أن يتم نقلها ثلاث أو أربع مرات، يصبح الوضع صعب جداً”.
كما يقول جيلمان إن الولايات المتحدة كانت واحدة من الدول القليلة التي لديها المهارات التقنية لتعقب الأصول المخفية. لكنه اعترف بأنه يمكن النظر لذلك النهج الجديد، بكثير من الريبة.
“المشكلة أنه في السنوات العشر الماضية، تم النظر للولايات المتحدة الأمريكية على أنها تتدخل بشكل مبالغ فيه” ، يوضح جولدمان: ” عندما تتدخل الولايات المتحدة الأميركية يكون هناك دائماً شك حول أننا نساعد الحكومات الأجنبية لتحقيق مصالحنا الخاص