ثقافة و فنمجتمعمنوعات

إلى أي مدى يفيدك التمرّن على آلة موسيقية؟

التمارين الموسيقية لها تأثير كبير على بنية الدماغ، حيث تعمل على تحسين وتقوية الذاكرة، وتطوير التفكير المكانيّ، والمهارات اللغوية. 

الجارديان

ترجمة: فاطمة لطفي

يمكن أن يكون لممارسة أنشطة بعينها وتبني خيارات حياتية منافع في تقوية الصحة الدماغية الشاملة، وتساعد أيضًا في جعل الذهن حادًا وقويًا عند تقدمنا في السن. واحدة من هذه الأنشطة هي التمارين الموسيقية. كشفت أبحاث أن تعلم لعب آلة موسيقية مفيد للأطفال وللبالغين على حد سواء، كما أنه مفيد أيضًا للمرضى المتعافين من الإصابات الدماغية.

الموسيقى تؤثر تأثيرًا استثنائيًا كما توضح عالمة الأعصاب، كاثرين لافداي من جامعة وستمنستر: “الموسيقى تحفّز الدماغ بطريقة فعالة جدًا، يعود ذلك إلى ارتباطنا العاطفي بها”.

لعب آلة موسيقية هو تجربة ثرية ومتشابكة تتضمن دمج معلومات من حواس الرؤية، والسمع، واللمس حيث يُحدث التعلم تغييرات طويلة المدى في الدماغ. الموسيقيون المحترفون ذوو المهارات العالية قضوا سنوات في التمرّن، وهم لذلك يقدمون لنا مختبرًا طبيعيًا يمكن لعلماء الأعصاب من خلاله دراسة كيفية حدوث هذه التغييرات، على مدار عمرهم.

أظهرت مسوحات الدماغ الباكرة تغييرات جوهرية في بنية وتكوين الدماغ بين الموسيقيين وغير الموسيقيين من نفس الأعمار. مناطق الدماغ التي تتضمن الحركة، والسمع والقدرات البصرية المكانية بدا أنها أكبر عند عازفي البيانو المحترفين.

قارنت هذه الدراسات البيانات من جماعات مختلفة. لم يستطيعوا خلالها تحديد إذا ما كانت الفروقات الملحوظة بسبب التمارين الموسيقية أم أن الفروقات التشريحية الموجودة توهب للبعض ممن يصبحون فيما بعد موسيقيين. لكن بعدها، أظهرت دراسات أجريت على المدى الطويل وتتبعت أشخاص أن الأطفال الصغار الذين يمارسون تمارين موسيقية لمدة 14 شهرًا أظهروا تغييرات تكوينية جوهرية ووظيفية في الدماغ مقارنة بهؤلاء من لم يلعبوا على آلات موسيقية.

تظهر هذه الدراسات معًا أن تعلّم لعب آلة موسيقية لا يزيد فقط من المادة الرمادية في مناطق متعددة بالدماغ، لكن أيضًا يقوي الارتباطات طويلة الأمد بينهما. أظهرت دراسة أخرى أن التمارين الموسيقية أيضًا تعزز الذاكرة اللفظية، والتفكير المكاني، ومهارات القراءة والكتابة، ولهذا يتفوق الموسيقيون عن غيرهم بهذه القدرات.

في الآونة الأخيرة، بدا واضحًا أن التمارين الموسيقية تسهل من إعادة تأهيل المرضى المتعافين من السكتات الدماغية وغيرها من أشكال التلف في الدماغ، ويقول بعض الباحثين الآن إنها ربما أيضًا تحسّن عملية الخطابة والكلام والتعلم عند الأطفال الذين يعانون من عُسر في القراءة وغيرها من نواحي الضعف اللغوي . والأكثر من ذلك، يبدو أن منافع التمارين الموسيقية تدوم لأعوام عدة، أو حتى لعقود، ويمكن استخلاص من كل هذه الأدلة أن تعلّم لعب آلة موسيقية في الطفولة يحمي الدماغ من حدوث تطور في الضعف الإدراكي والخرف، حيث تصل الموسيقى إلى أجزاء في الدماغ، غيرها من الأنشطة لا يمكنها بلوغه.

ولذلك يبدو أن تعلم لعب آلة موسيقية واحدة من أكثر أشكال تأثيرًا وفاعلية لتمرين الدماغ. ويعتمد الأمر على أي الآلات الموسيقية اخترت أن تلعبها ومدى كثافة وحماسة نظامك في التمرين.

إنها مثال لكيف يمكن لتجربة تستمر لمدى الحياة تغيير الدماغ على نحو كبير حيث يصبح أكثر ملاءمة مع تفكير وصفات صاحبه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى