فايننشال تايمز: أهالي سيناء في مرمى نيران معركة مصر مع داعش
فايننشال تايمز: المدنيون في سيناء في مرمى نيران معركة مصر مع دعش
فايننشال تايمز
ترجمة: فاطمة لطفي
أظهرت اللقطات التي نشرتها وزارة الداخلية المصرية جثثا مغطاة بالدماء لعدد من الرجال مطروحين أرضًا في شقة وبجانبهم أسلحة مبعثرة حول جثتهم.
وزعمت وزارة الداخلية أن ذلك المشهد البشع كان نتيجة لتبادل إطلاق نار بين قوات الأمن ومسلحين منتمين لداعش، وذلك عقب أيام من تفجير سيارة في مدينة العريش أسفرت عن مقتل ثمانية من أفراد الشرطة. لكن أسر هؤلاء الرجال تصر على أن ما تناقلته الداخلية مجرد تلفيق، زاعمة أن الشرطة أعدمت أبنائهم بعد احتجازها لهم لأشهر.
ومع تصاعد حدة الغضب في العريش بين أقارب ستة من العشرة رجال المقتولين في الحادثة التي وقعت في يناير الماضي، إلى درجة التهديد ببدء حملة من العصيان المدني. وهو ما يعد تعبيرا نادرًا عن الغضب في منطقة مضطربة وحرجة في معركة مصر ضد تنظيم داعش وهامة لتأمين حدودها مع إسرائيل.
لطالما ظلت عمليات داعش في مصر مقتصرة على معقل الجماعة الجهادية في شمال سيناء، وقتل التنظيم مئات الجنود ورجال الشرطة فضلًا عن امتلاكه القدرة على شن غارات بشكل دوري خارج مناطقه محدثًا تأثير مدمر. وفي عام 2014، هرّب التنظيم قنبلة داخل الطائرة الروسية قتلت 220 شخصًا بشرم الشيخ.
ويسلط رد الفعل العنيف الذي أحدثه مقتل الرجال الستة الضوء على الطريقة التي يمكن أن يتم بها حشر مدنيين في الحرب الضارية بين داعش وقوات الأمن.
يقول علي عبد العاطي، الذي قُتل ابنه الأكبر في الحادث السابق:” أيًا كان المسئول عن القتل، لابد من محاسبته”. مضيفًا ” أي شخص يمكنه استغلال غضب الشباب هنا ليوجهه في اتجاه خاطئ”.
وأوضح عبد العاطي أن ابنه كان بين خمسة رجال كانوا محتجزين منذ بداية شهر أكتوبر. ” لم نتمكن من رؤيته عندما كان معتقلًا لكننا سمعنا بأنهم يجرون تحقيقات عنه فقط”.
يقول حسام الرفاعي، نائب برلماني من المنطقة أن هناك ضرورة ملّحة لإجراء تحقيق مستقل بشأن مقتل الرجال لتهدئة مخاوف الأهالي بالمدينة. ” يوجد الكثير من الشباب رهن الاحتجاز، وعائلاتهم في قلق بشأنهم، لهذا مسألة التحقيق عاجلة”.
في الأشهر الأخيرة، ركز الجهاديون هجماتهم على العريش بعد تعزيز الجيش للأمن في الشيخ زويد، المدينة التي تبعد 35 كيلو عن الشرق الذي كان مركزًا للكثير من أحداث العنف. يقول سكان العريش أنهم يعيشون على أصوات إطلاق النار ويخافون من أن يطالهم العنف الدائر هناك.
يقول مصطفى سنجر، صحفي من سكان العريش :” يمكنك توقع حدوث أي شيء هنا، ولا شيء مضمون”. مضيفًا ” يمكن أن تصيب أي رصاصة طائشة أو قنبلة أي شخص، هذا بالإضافة إلى احتمالية حدوث اعتقالات في أي وقت. وهذا ما يجعل الأهالي خائفين ولهذا يقللون من تحركاتهم. ويوجد ضحايا مدنيين كل يوم”.
يستخدم المسلحون عادة سيارات مفخخة وقذائف صاروخية لمهاجمة النقاط الأمنية ومراكز الشرطة، بالإضافة إلى زرع متفجرات على الطريق التي تتسبب في قتل مدنيين، فضلًا عن استهدافهم الأقلية المسيحية. أطلق مسلحون النار وقتلوا مدرس مسيحي قبطي في شمال سيناء الخميس، حادث القتل الرابع في غضون أسبوعين.
يرد الجيش والشرطة على هذه الهجمات بشن عمليات تمشيط واسعة واعتقال العشرات لفترات طويلة في أماكن مقطوع عنها الإتصال، ومن ثم بدء عمليات تتضمن ضربات جوية ضد أهداف لجهاديين مفترضين. أجبر العنف آلاف الأهالي على مغادرة قراهم، تاركين خلفهم منازل خربة وبساتين زيتون مدمرة بسبب الاشتباه بأنه تم استخدمها كمخابئ سرية للمسلحين.
يقول مختار عوده، باحث في برنامج حول التطرّف في جامعة جورج واشنطن أن الجيش المصري حقق “الكثير من النجاحات” ضد الجهاديين. لكن يضيف أنه من الصعب تخمين مدى قربه من القضاء على التمرد.
ويضيف عوده ” لقد شهدنا تقدمًا إضافيًا عدد وهزائم كبيرة، لكن المشكلة الدائرة في العريش حول مقتل الرجال الشباب الآن تشير إلى صدع كبير. لابد من أن يكون هناك ثقة بين الناس والشرطة لأجل نجاح استراتيجية عمليات مكافحة هذا التمرد”.