ثقافة و فنمنوعات

مريم تقفز في طهران

parc

في حديقة إيرانية تثير مريم وجوهار وسيديغان وأثينا دهشة المارة برياضة الباركور

عن menafn

ترجمة ملكة بدر

في حديقة بالعاصمة الإيرانية طهران، ثمة مجموعة من الشابات، والرجال الشجعان ، المستهزئين بما حولهم ، الذين تحيق بهم النظرات المصدومة وهم يقومون بالشقلبات والدورانات في الهواء، يتحركون من عمود إلى عمود في مشهد مفاجئ ومدهش بالنسبة لتلك الدولة الإسلامية المحافظة.

اكتشفت تلك المجموعة رياضة “الباركور”، وهي رياضة تتضمن التحرك السريع وتمزج بين الأكروبات والتمارين الرياضية والقفز وتسلق الحواجز، ومنذ ذلك الوقت، أصبحت تلك الرياضة وممارستها هي طريقتهم في التهرب من القيود الاجتماعية والتعامل مع التوتر.

تقول معلمتهم مريم سيديغيان راد (28 سنة) التي تحمل شهادة ماجستير في علم الفيسولوجيا، “كامرأة، الأمر معقد قليلا”. هل ترتدي الحجاب إجباريًا كالأخريات في إيران، ويتطلب ذلك منهن تغطية شعورهن ومعظم أجسادهن بملابس واسعة فضفاضة لا تبين شكل هذه الأجساد ولا تظهر منها، وعادة ما يرافقهن ذكر عندما يقمن بالتدريب، لإبعاد الرفقة غير المرحب بها، وأحيانًا إبعاد الشرطة نفسها.

بعد أن ظهرت “الباركور” في فرنسا بأواخر الثمانينات، تضمنت تلك الرياضة الالتفاف حول العوائق والحواجز أو تخطيها، بمزيج من الجري والقفز وحركات الجمباز والوثب.

ولأنها تقدم كوكتيل من الإثارة والخطر واقتحام المخاطر، فقد اجتذبت هذه الرياضة اهتمام الكثيرين حول العالم، والفضل يرجع لأفلام شهيرة تناولتها مثل ” Yamakasi” وفيلم ” District B13″.

أما الآن، فقد اشتهرت تلك الرياضة في إيران، وليس فقط بين الذكور من الشباب الهواة. فمن بين مئات الإيرانيات اللاتي تمارسن تلك الرياضة غير التنافسية، هناك سيديغيان راد ومعها 50 شابة أخرى، من المراهقات والبالغات، إذ تحولت من رياضة يمارسها أفراد الجيش في تمريناتهم اليومية، إلى رياضة حضرية بحتة.

ويبدو أن شعار الباركور “لا تتحرك أبدًا للوراء” يجد صدى كبير هنا بالتحديد. تدرب سيديغيان راد مجموعتها ثلاث مرات أسبوعيًا في ثلاث مجمعات رياضية في أماكن مغلقة. وتقول “نواجه مشكلات لكننا نحاول بذل قصارى جهدنا للتأقلم معها لأننا نحب ممارسة رياضة الباركور”.

وبينما تسمح ملابسهن الفضفاضة بحرية الحركة، إلا أن القفز والوثب والشقلبة يتسبب أحيانًا في سقوط حجاب رأسهن. هيليا جوهاربافار (16 سنة) تقوم بإعادة تعديل حجابها عقب كل حركة، وتقول “لا يزعجني، الطقس بارد على أي حال وعليك أن ترتدي شيئًا، ثم إننا معتادات عليه”.

وتعترف عارفة شواري (17 سنة) وهي أكثرهن رشاقة وخفة في الحركة بأنها أحيانًا ما تخشى أن تؤدي بعض الحركات إلى كشف أجزاء من جسدها، لكنها والفتيات الأخريات تقول إن الباركور، التي كانت رمزًا للانضباط، قد منحتهن الحرية والثقة.

تقول سيديغان راد “كانت هناك قفزة لم أستطع تنفيذها في البداية، لكنني بعد تعلمها أدركت أنني قادرة على القيام بأي شيء وأنني قادرة على التغلب على أي عواقب”، مضيفة “أشعر بأنني حرة”.

وتوضح شواري أن الباركور تسمح لها بالتأقلم مع الحياة اليومية، قائلة “إنني حقًا متوترة بسبب دراستي لكن الباركور تساعدني كثيرًا على التعامل مع هذا التوتر، وأشعر بأنني سعيدة”.

أما جوهاربافار فتقول إن “التدرب على رياضة الباركور يوضح أنه حتى لو كنتِ امرأة، فلست مضطرة للبقاء في المنزل”.

وبالإضافة إلى خطورة التعرض لإصابات في هذه الرياضة القاسية، تتمتع النساء أيضًا بشجاعة ممارسة تلك الرياضة في بلد تحظر فيها الأنشطة المختلطة.

تقول سيديغيان راد “أحيانا ينتقدنا الناس ويقولون إنها ليست رياضة ملائمة للبنات. يقولون إننا من المفترض أن نقوم بالتطريز والحياكة، ولا يتخيلون أن هناك فتاة يمكن أن تتمرن مثل الولد تمامًا”.

تتذكر آثينا كارامي (19 سنة) كيف أنها اضطرت ذات مرة لمغادرة المنتزة التي كانت تتمرن فيه بعد أن استهزأ عدد من المراهقين الأولاد بها هي وصديقاتها وقاموا بتصويرهن بكاميرات الموبايل.

ولتجاوز مثل هذه المشكلات، تصطحب سيديغيان راد عادة معها أحد الأعضاء الذكور من نادي “هيتال” والذي انضمت إليه في مايو 2012، إذا قررت هي ومجموعتها ممارسة الباركور والتمرن في الهواء الطلق، إلا أن الشرطة أحيانًا ما تقتحم تمرينهم وتقاطعهم.

وتقول سيديغيان “عندما يرون أنها مجرد رياضة وأننا نتمرن فعلا، يتركوننا وشأننا، وأحيانًا حتى يعبرون عن اهتمامهم بالباركور ويسألوننا عن مكان يتمرنون فيه عليها”.

 

فيديو:

تعرف أكثر  على رياضة الباركور

         

شاهد أيضا:

إيران أخرى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى