ترجماتحياتنا

لست وحدك من يخاف.. كيف تواجه اضطرابات “القلق الجنسي”؟

تعلم أن تتحدث إلى شريك حياتك وتستمتعا بأنشطة لا تصيبكما بالتوتر

يمر البعض بحالة من “القلق من الجنس” لعدة أسباب نفسية، منها التعرض لاستخفاف من قِبل الطرف الاخر، بما قد يشعِر الإنسان بالخجل والتوتر والخوف من ان يكون “محبِطًا” لشريكه في المرات القادمة . بحسب ما تقوله سيدة مرت بعلاقة تعرضت فيها لهذا الموقف، ثم كان عليها مواجهته مجددًا حين تزوجت من شخص آخر: “وجدتُ أنني لا أشعر برغبة في الجنس أو الدخول في علاقة حميمة على الإطلاق، ولا أبادر بأي شيء في العلاقة الجديدة”.

كانت السيدة ستيف أوتيري، التي أصبحت فيما بعد كاتبة عن الجنس، تأمل أن يمر وقت العلاقة الحميمة سريعًا وتشعر بالانكسار، بل إنها شعرت أنها “متهمة” لأنها لا تتعامل مع الجنس بشكل طبيعي، وكأن هذا يجعل منها امرأة لا تستحق أن يتزوجها أحدهم، ووجدت نفسها تبكي في لقائها الحميم الأول مع زوجها الجديد.

يوضح موقع “هيلث لاين” الأمريكي أن ما تمرّ به هذه السيدة وغيرها الكثيرات يُعرف بـ “القلق الجنسي”، وهو ليس تشخيصًا طبيًا معتمدًا بشكله الحالي، بل هو مصطلح غير فصيح يصف “الخوف وترقب الأسوأ المتعلقيْن بالجنس”، ويحدث فعلًا لعدد من الناس يفوق العدد المعروف عبر الإحصائيات.

مايكل سالاس، المستشار والمعالج الجنسي الحاصل على رخصة من الجمعية الأمريكية لمعلمي ومستشاري ومعالجي الجنس، يوضح أن العديد من الاضطرابات الجنسية شائعة نسبيًا، وتكاد تتضمن جميع هذه الحالات التي عمِل على علاجها عنصرًا ما من القلق في العلاقة.

الطرق التي يظهر بها القلق الجنسي قد تحدث بطرق عديدة ومتنوعة لأنماط مختلفة من الأشخاص. عند النساء، مثلًا، تتمثل الأعراض في نقص في الرغبة الجنسية أو الاهتمام بممارسة الجنس، أو تجد صعوبة في أن تُثار أو تصل إلى النشوة، أو تمر بألم جسدي أثناء العلاقة الحميمة. فيما قد يجد الرجل صعوبةً في الأداء أو القدرة على القذف. والبعض يشعرون بتوتر شديد إزاء فكرة ممارسة الجنس بحد ذاتها، ومن ثم يتجنبونه تمامًا.

رافي شاه، الطبيب النفسي والأستاذ المساعد بالمركز الطبي لجامعة “كولومبيا” الأمريكية، ينصح من يعانون هذا القلق بالنظر إليه على أنه “عَرض” وليس مرضًا، والبحث عن التشخيص النفسي الحقيقي للحالة.

ربما تشعر بقلق تجاه الجنس لأن جميع من حولك ينتابهم القلق بشأن شيء ما، فينتقل إليك نفس الشعور. ربما تمثل لك الجنس شيئًا من “الشعور بالتهديد”، فتنتابك الحيرة بين خوضه أو تجنبه كتصرف طبيعي لعقلك في حالات التهديد؛ ولاحِظ أن المواد الكيميائية التي يفرزها المخ في هذه الحالة لا تشارك في شعورك بالرغبة الجنسية بل تثبط هذه الرغبة.

وبشكل عام؛ إذا كنت تمرّ بأشكال أخرى من اضطرابات القلق في مرحلة ما من حياتك فيُحتمل أن تمر باضطرابات جنسية أيضًا، بحسب نيكول بروز المعالجة النفسية الجسدية. يندرج تحت ذلك أيضًا مرورك بصدمة ما، كاعتداء أو عنف جنسي، بما يحفز ليدك خشيةً من الجنس. ويحدث نفس التأثير إذا كنت مصابًا بألم مزمن أو تغيرات هرمونية (كما يحدث لدى النساء بعد الولادة أو قبل انقطاع الطمث).

الثقافة الجنسية عامل مؤثر أيضًا، حيث يشير سالاس: “التعليم الذي يدعو إلى الزهد في هذه العلاقة يخلق وصمة عار وخجل محيطين بممارسة الجنس، وقد تستمر هذه المشاعر مع تقدم عمر الشخص. التثقيف الجنسي الذي لا يركز سوى على الحمل وما شابه بتجاهل أهمية التحفيز والسعادة الجنسية، وقد يدفع هذا الأشخاص إلى الاتجاه للمحتوى الإباحي كمصدر للتثقيف، وهو ما قد يخلق لديهم أساطير حول الأداء الجنسي ويزيد القلق عند الممارسة”.

ويتفق معه شاه موضحًا أن هذا المحتوى الإباحي ينمي لدى الأفراد توقعات غير واقعية حول ماهية الجنس الصحي وكم مرة يُفترض أن يُمارس الجنس، وحين يصطدم هذا بالواقع يحدث نقص في تقدير الذات التي لا تستطيع الوصول إلى مستوى ما يجري في الأفلام الإباحية، فضلًا عما تنميه هذه الأفلام من معتقدات بأن الجميع يمكنه ممارسة الجنس في أي وقت، وشعور من يعاني القلق بأنه لا أحد يعاني مشكلة تجاه الجنس سواه.

كيف تخفف القلق الجنسي؟

تذكّر أن العلاقة الجنسية الصحية تقوي علاقتك بشريك الحياة، وتعزز تقديرك لذاتك، فضلًا عن فوائدها لصحة جسدك وتقوية مناعته؛ بل إن الجسد يفرز هرمونات أثناء العلاقة تشعِرك بأنك في حالة أفضل وتخفف التوتر والقلق.

تأكد أولًا أن هذا القلق ليس نابعًا من مشكلة جسدية ما تسبب اضطرابًا في الأداء الجنسي، وتتضمن هذه المشكلات الأمراض المزمنة كالتهاب المفاصل والسرطان والسكري. لاحِظ أن بعض العقاقير الطبية، كمضادات الاكتئاب، قد تؤثر على رغبتك الجنسية أيضًا.

جرِّب استكشاف أشكال أخرى من العلاقة الجنسية، فربما كان الشكل المعتاد غير مثير أو مريح لك. يمكنك أن تجرب تمارين “التركيز على الإدراك الحسي”، من خلال لمس كلٍ منكما للآخر حتى إسعاده، تنصحك نيكول ألا تبدأ بلمس الأعضاء التناسلية؛ لذا جرب لمس الأعضاء الأخرى وطوِّر من جرأة اللمس مع تطور التمرين، وسيساعدك في النهاية على معرفة مصدر القلق ووقت الشعور به إن كان مصدره موضع ما من جسدك أو جسد شريك الحياة.

كثيرًا ما يحدث القلق في اللحظات المحيطة بالإيلاج، لذا ربما يكون مفيدًا أن تتجنب هذا الفعل قليلًا حتى تستعيد ثقتك بذاتك وتجرِّب أشكالًا أخرى من التواصل الجنسي تمنحك سعادة دون ضغوط. كل ما عليك هو التحدث مع شريكك حول رغبتك في تغيير جزء ما من العلاقة أو تجربة جزء جديد.

لا تستسلم للمخاوف من ألا تصل إلى توقعات شريكك، واعتمد في قياس مدى رضاه على ما يدمه جسديكما من إشارات على الرضا والتواصل. لا تنتظر من نفسك شيئًا بعينه، كالانتصاب مثلًا عند الرجل، واستمتع باللحظة الحالية أيًا ما كانت. لا تطلق أحكامًا حول رضا شريكك أو قدراتك؛ والأهم أن تقدِّر مشاعرك ومشاعر شريكك، ولا تعتبر أن عدم رغبة أحدكما في العلاقة في وقت ما دليل على مشكلة لديه أو لدى الطرف الآخر، كما تنصح ستيف.

تحدث مع شريكك عن رغباتك بلطف، أخبره أنك تحبه وأنك تريد أن تكون حياتكما الجنسية أفضل، لكنك  تشعر براحة إزاء شيء ما. لا تنسَ أن تدعوه هو أيضًا إلى الحديث عما يرغب فيه، واستكشفا معًا ما قد يشعِر أحدكما بالخجل أثناء العلاقة من نفسه أو من الآخر، وكيف تتغلبان على هذا الخجل. كذلك اصنعا معًا مخزونًا من اللحظات السعيدة، ولا تكتفيان بالجنس التقليدي أو تهملا المداعبة.

وإذا لم تكن اضطرابات القلق مقتصرة على النشاط الجنسي، أو جرّبت جميع الطرق في تحسين الحياة الجنسية وفشلت، فاطلب مساعدة متخصص، فربما تكون في حاجة إلى جلسات علاجية أو أدوية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى