إعلامترجماتسياسة

رويترز: بوتين يلهم الاستبداديين

تساؤلات غربية حول جدوى العقوبات الاقتصادية في مواجهة بوتين ومستبدي الشرق الأوسط
تساؤلات غربية حول جدوى العقوبات الاقتصادية في مواجهة بوتين ومستبدي الشرق الأوسط

حكام الشرق الأوسط على خطى  أسلوب بوتين في تحدي الولايات المتحدة الأميركية

عن رويترز – ترجمة منة حسام الدين

بعد ربع قرن من سقوط الاتحاد السوفيتي، أظهر بعض الحكام الاستبداديين مثل فلاديمير بوتين وبشار الأسد، أن بامكانهما تحدي الأعراف الدولية، وقمع المعارضين واستخدام القوة العسكرية، بينما بدا  صناع السياسات الأميركية عاجزين عن التعامل مع ذلك.

“إنه سؤال فلسفي كبير، حول كيفية التعامل مع دولة قوية، لديها ميول استبدادية ومعادية للغرب”، يقول مايكل ماكفول، السفير الاميركي لدى روسيا،  ويضيف:” أود أن اقول إننا في هذا القبيل، نشعر كدولة، بنوع من الارتباك”.

وبعيداً عن عدم الشعبية الكاسحة التي حظيت بها الحرب على العراق، اعتمد المسؤولون الاميركيون على العقوبات الاقتصادية كوسيلة أساسية للضغط على الحكومات الأجنبية.

في إطار الاقتصاد العالمي المترابط للقرن الحادي والعشرين، يقول الرئيس باراك أوباما، إن العقوبات الاقتصادية صارت الأقوى من أي وقتٍ مضى، وإذا استمرت روسيا على نهجها الحالي، حذر أوباما الأسبوع الماضي، قائلاً:” العزلة ستتعمق، العقوبات ستزداد، وسوف يكون هناك المزيد من العواقب على الاقتصاد الروسي”.

ويبدو أن أوباما سيثبت أنه على حق، فخلال العام 2014، قد يؤدي فرض عقوبات اقتصادية على روسيا إلى تراجع بوتين فيما يتعلق بأوكرانيا وجزيرة القرم،  كما أن العقوبات التاريخية التي تم فرضها على إيران، وبموجبها انخفضت مبيعات النفط في البلاد وتم عزل إيران عن النظام المصرفي العالمي، قد ينتج عنها  في النهاية اتفاق يوقف البرنامج النووي الإيراني.

وإن لم ينتج ذلك عن العقوبات، ستعيد بديهياً النظرية المكيافيلية للقرن السادس عشر فرض هيمنتها: الجانب الأكثر استعداداً لاستخدام القوة ، سيحسم الأمر ويتغلب على الخصم.

ويوضح أندرو فايس، الخبير في الشأن الروسي بمعهد “كارنيجي”، والمسؤول السابق في إدارتي جورج بوش، كلينتون :” ما رأيناه من الأسد وبوتين، هو الرغبة في الابتسام للأعراف الدولية مع استخدام سياسات القوة بغض النظر عن التكلفة”.

ويضيف:” لولم يكن الغرب موحداً، ومصالح أميركا غير مهددة حالا، فإن رد الفعل الفوري يصبح  هيناً”.

كيفية الرد على ممارسات بعض الدول أصبح بالفعل إحدى قضايا السباق الرئاسي الأميركي للعام 2016. في الأسابيع التي تلت ارسال بوتين القوات الروسية إلى القرم، انتقد عضوا مجلس الشيوخ الجمهوريين موقف أوباما، لكن لم يدع أياً منهما إلى التدخل الأميركي في أوكرانيا.

العلاقات الاقتصادية

فيونا هيل،  الخبيرة في الشأن الروسي بمعهد بروكينغز والمسؤولة  السابقة قي مجلس الاستخبارات القومي ، قالت إن أولئك الذين يعتقدون أن انهيار الاتحاد السوفيتي يدل على انتصار الرأسمالية الديمقراطية الغربية، هم يخدعون أنفسهم.

فيونا التي أشارت إلى ان العديد من الروسيين يتشككون فعلياً في المعايير الغربية ، أضافت :”كان هناك نخبة صغيرة جداً حول يلتسن هم الذين اقتنعوا فقط بذلك، الكثير من المواطنين في الغرب يرون ما يريدون أن يروه وليس ما كان يحدث”.

كما توضح فيونا :”عززت الأزمة المالية العالمية من تصور بعض بلدان العالم بأن الديمقراطية الغربية قد فشلت على الصعيدين السياسي والاقتصادي”،

من جانبه، قال شادي حامد، خبير شؤون الشرق الأوسط في مركز سابان بمعهد بروكينجز إن قرار أوباما بعدم التدخل في سوريا بعد الهجوم بالأسلحة الكيميائية في سبتمبر الماضي، أدى إلى خلق تصور عن الضعف الأميركي، وعزز من جرأة بعض الأقوياء مثل الحاكم العسكري في مصر عبد الفتاح السيسي.

“يعتقدون أنهم يستطيعون الفرار أكثر من أي وقت سابق”، يضيف حامد ويؤكد :” هذا مرتبط بالشعور المتزايد بضعف أميركا تحت إدارة اوباما، سواء كان هذا الحكم عادلاً أو غير عادل”.

من جانبهم، ينفى المسؤولون في إدارة أوباما هذا الطرح، هم يعتبرون أن تدخلا مكلفا آخر في الشرق الأوسط من شأنه أن يزيد من ضعف الاقتصاد الأميركي،   ويؤكدون أن القوة الاقتصادية والتكنولوجية ستكون المصدر الرئيسي للقوة خلال عدة عقود مقبلة، وذلك دون الاعتماد على القوة الوحشية وحدها.

يرى خبراء أن الضعف الأميركي تجاه حلفاء روسيا قد زاد من جرأة السيسي

ستيفن بايفر ، السفير الأمريكي السابق لدى أوكرانيا و الزميل الحالي في معهد بروكينغز، يؤكد أن الاقتصاد العالمي المترابط سيكون لديه تأثير على بوتين، ويقول إن الزعيم الروسي يعرف أنه يحتاج إلى التجارة مع العالم الخارجي.

ويكتب بايفر في رسالة إلكترونية :” بينما يستبعد الغرب الخيار العسكري، فإن لديه أدوات أخرى من بينها العزلة السياسية، والعقوبات الاقتصادية التي يمكن أن تتسبب في معاناة حقيقية  للاقتصاد الروسي”.

فايس خبير معهد “كارنيجي” رأى ان روسيا وسوريا تمثلان حالتين مختلفتين إلى حد كبير، روسيا تتصل بالعالم اقتصاديا أكثر بكثير من سوريا، كما أن بوتين ليس متهماً بقتل الآلاف من شعبه وتشريد الملايين في محاولة للتشبث بالسلطة، مثل الأسد.

لكن فايس قال إنه ليس متاكداً من أن العقوبات الاقتصادية ستؤدي وحدها إلى وقف ممارسات الزعيم الروسي:” إنه يفكر  بألسيب  شديدة المكر، والقوة الصافية”

يتسائل فايس :” ماحجم النفوذ الذي لدينا ضد بوتين؟” ،  ويجيب :” لهذا السبب يشعر الناس بالحيرة إلى حد ما حول ما يجب القيام به.”

في حالة إيران، الادعاءات الكاذبة من المسؤولين بشأن برنامجها النووري والمستمرة منذ سنوات، دفعت أخيراً أوروبا إلى فرض عقوبات اقتصادية واسعة عليها، أدت إلى ازدهار أوروبا أكثر مما حدث مع الولايات المتحدة الأميركية.

وحول منع الجيش الروسي من التوغل في أوكرانيا، يقول فايس:” الاوروبيون ليسوا على استعداد للذهاب أبعد من ذلك، هم سعداء بالاشتباك الجزئي ثم العودة إلى العمل كالمعتاد”.

وعلى صعيد آخر، تقارن فيونا هيل بين العالم الحالي، و العالم إبان القرن التاسع عشر، عندما كانت التجارة متشعبة، والبلدان متصارعة، وتقول:” كان العالم متصلاً تجاريا بشكل لا يصدق، ولم يؤدِ ذلك إلى أي آثار  سياسية كبيرة”.

وكـ”سياسات البوارج”، تضيف فاين إن ترابط الاقتصاد يسير على كلا الاتجاهين :” هناك اعتماد متبادل ونفوذ مشترك، يمكننا استخدامه، ولكن هم أيضاً يمكنهم استخدامه”.

الخبراء يؤكدون أنه بالنسبه لبوتين، يعتبر ميناء ” سيفاستوبول” بجزيرة القرم هدفا حيويا، وأن في مصر، يؤمن السيسي بأنه يحارب تهديدا خارجيا يمثله الإخوان المسلمون، وفي واشنطن يختلف المسؤولون الاميركيون حول ما إذا كانت المصالح الاميركية الأساسية في خطر، والمستبدون يعرفون ذلك.

“إنها مسألة حسابات”، يضيف حامد “وهم يعرفون أنهم يحتاجون إلى تلك الحسابات أكثر منا”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى