سيمون بيلز.. “أعظم لاعبة جمباز في التاريخ” لم تر والدها قط!
ترجمة: محمد الصباغ
صغيرة الحجم لكنها تُصمت كل الحضور، كسبت الأمريكية صاحبة الـ19 عاما بالفعل ميداليتين ذهبيتين وتنافس على 3 أخريات في دورة ريو دي جانيرو الأولمبية الجارية، ويتوقع لها الخبراء أن تصبح أعظم لاعبة جمباز في التاريخ.
شخص واحد على الأقل سيتابع منافساتها بمشاعر مختلطة. في منزل بكولومبوس، أوهايو، تُصر أمها التي أنجبتها، شانون، على أنها فخورة جدا بما تفعله ابنتها، لكن بالتأكيد ستكون نادمة على أن كل النجاح الهائل الذي تحققه سيمون، لا يد لها فيه.
في الحقيقة، لو ترعرعت سيمون بأي مكان قريبا من والدتها، لكان تاريخ الرياضة مختلفا الآن، حيث نشأت سيمون مع جدها وزوجته. الوالد والوالدة اللذان طالما بعثت لهما بالقبلات في أثناء جلوسهما بمدرجات أولمبياد ريو.
أسر نجاح سيمون الذي لا يصدق الخبراء والجماهير، واعتبروها نموذجا متكاملا يجمع بين الحجم الصغير والقوة الكبيرة والرشاقة المذهلة.
لكن القريبون منها قالوا إنه من الضروري معرفة تاريخها لإدراك إبداعها. فعلى عكس الكثير من النجوم الذين تربوا بين أبوين طموحين شجعاهم على ما يفعلونه، كانت سيمون بولادتها تواجه احتمالات قاتمة.
لم تعرف والدها قط، حيث هجر الأسرة، ونادرا ما تعاملت مع والدتها.
كانت أمها شانون مدمنة على الكحوليات والمخدرات، وتعيش في كولومبوس وغير قادرة على رعاية أبنائها الأربعة. عندما وصلت سيمون إلى سن الثالثة، انتقلت هي وأختها للعيش مع جدهما، رون بيلز، وزوجته الثانية “نيللي” وابنيها المراهقين من زوج سابق.
كان الزوجان من بيئة فقيرة وعملا بجد ليستطيعا مواصلة الحياة. ويتطلعان إلى مرحلة المعاش في العمل بعدما يكون الأبناء قادرين على الخروج إلى الحياة.
ويقول الجد “بيلز” صاحب 67 عاما “اتصل بي موظف الشؤون الاجتماعية وأخبرني أن الأطفال في دار رعاية.” وتابع: “أخبرته أن يرسلهم إليّ. لم أرد أن يربيهم شخص غريب.”
انتقلت سيمون وأشقاؤها للحياة مع جدهم في هيوستن تكساس، لحوالي عامين. كانت الترتيبات أن تكون الإقامة مؤقتة -فما زالت حقوق الحضانة لوالدتهما- وأمل جميعهم في أن تستطيع مواجهة الإدمان وتتغلب على مشاكلها.
عاد الأطفال للحياة مع “شانون”، لكن سرعان ما اتصلوا مرة أخرى بالجد، وأخبروه أن الصغار سيتم عرضهم للتبني. فوالدتهم ما زالت تدمن المخدرات، وغير مؤهلة لرعايتهم. ولم يكن القرار سهلا على “رون” و”نيللي”.
كانت الزوجة، 61 عاما، تعمل ممرضة بدوام كامل، ومن الصعب عليها رعاية الأطفال والاستمرار في تلك الوظيفة. قالت: “أتذكر كيف أنني كنت أتمنى ترك هذه العائلة نهائيا، لأنني كنت تحت ضغط كبير، الجميع كان يحتاجني.”
ثم حان وقت التحدي، استقال الجد بيلز من وظيفته، وأراد أن يتبنى الفتاة الأصغر صاحبة 14 شهرا، آدريا، لكن زوجته أصرت على الاحتفاظ بسيمون الأكبر منها معها، حتى تبقى كلتا الفتاتين برفقة الأخرى. (وذهب الأخوان الآخران للحياة مع شقيقة السيد بيلز).
قال بيلز عن سيمون: “عانت والدتها من مشاكل كبيرة مع المخدرات والكحوليات.”
عادت الفتاتان إلى الجد مرة أخرى بشكل دائم عام 2002.
قالت زوجة جدهما إن سيمون كانت قوية نفسيا منذ بداية عمرها، وأكدت أنها تصرفت كأم صغيرة في المنزل، لأن أمهما الحقيقية لم تكن أبدا قادرة على رعايتهما.
وفسرت الأم بالتبني قائلة: “اتخذت قرارات عن نفسها وشقيقتها. لقد نجت. صارت ناجية منذ عمر صغير جدا جدا.”
في أحد الأيام وبعدما انتهت عملية التبني رسمية، طلبت السيدة بيلز من الفتيات أن يبدأن في مناداتها وجدهما بأبي وأمي. قضت سيمون يوما كاملا أمام المرآة تتدرب على الكلمتين التي نادرا ما استخدمتهما.
وتابعت السيدة: “عندما كنت أصغر، اعتقدت أن كل الأطفال تم تبنيهم. لم أدرك لماذا قد يعتبر الناس ذلك قرارًا كبيرًا. بالنسبة لي الأمر عادي جدا.”
طوال الفترة التي كانت تتعاطى فيها “شانون” 44 عاما، المخدرات، أخبرها والدها أن لا تزور أو تتصل ببناتها حتى تحاولان التكيف مع العائلة الجديدة.
وقالت الأم الأصلية “استغرق الأمر 6 سنوات حتى استطعت رؤيتهما مرة أخرى. كان من الصعب التخلي عن أطفالي، لكن كان عليّ فعل ذلك. لم أكن قادرة على رعايتهن. لم أدرك ذلك في البداية، لكن بعد سنوات، فهمت.”
ومع إصرار شانون على أنها مستمرة في حب فتياتها، إلا أنها لم تلتق بهن أو تتصل بهن إلا مرات محدودة وفي أعياد ميلادهن أو الكريسماس. لكن سيمون أعلنتها صريحة أن عائلتها هي الأشخاص الذين قاموا بتربيتها.
قالت سيمون في شهر يونيو الماضي “ما شكل حياتي لو لم يحدث ذلك. أريد أن أعرف لماذا فعلت أمي ما قامت به. يبدو أنها لم تستطع التخلي عن حياتها قبل إنجابي.”
يتذكر والداها بالتبني كيف أنها كانت طفلة سعيدة، تبتسم دائما لكن مفرطة الحركة في انحاء المنزل مما أصاب نيللي بالرعب.
لاحظوا أنها قد تصبح رياضية لأول مرة في حديقة المنزل. رغبت بشدة أن تلتحق بشقيقها آدم وزملائه في ممارسة رياضة الترامبولين، لكنها كانت قلقة جدا من طلب ذلك.
وعند وصولها لسن الخامسة، امتلكت شجاعة أن تطلب ذلك، ووقعت في حب اللعبة. ويتذكر شقيقها آدم حينما حاولت تقليده في إحدى الحركات فأدمت أنفها.
محاولتها الثانية، كانت تقريبا مثالية. وقال آدم “نادرا ما تفعل الشيء الخطأ مرتين.”
كانت تتابع حركات الفتيات الأكبر منها سنا، ثم تحاول تقليدهن. أصابت مدربيها بالذهول وأخبروا والديها بذلك.
بدأت التدرب مع أحد المدربين في سن الثامنة ومعها شقيقتها آدريا.
وفي سن الثالثة عشرة، كرّست سيمون حياتها للجمباز وأقنعت والديها بذلك، ووصلت ساعات تدريبها إلى 32 أسبوعيا أي ما يزيد على 6 ساعات يوميًا (5 أيام في الأسبوع).
وقالت السيدة بيلز، إن سيمون لم تفوت يوما واحدا في التدريبات، حتى مع الإصابات أو الإرهاق.