اقتصادسياسة

بلومبيرج: الخدمة المدنية.. موظفو مصر في مواجهة “رجلهم القوي”

صندوق النقد: قرارات الحكومة لتقليل النفقات تحمل الفقراء العبء الأكبر

بلومبيرج – سلمى الورداني-أحمد فتيحة

ترجمة: محمد الصباغ

أعطت أمينة مصطفى صوتها للسيسي في انتخابات العام الماضي، ورأت فيه ”رجلاً قوياً“ يمكنه السير بمصر إلى الأمام. لكن مع تحرك الحكومة نحو تخفيض كتلة الأجور لحوالي 6 ملايين موظف حكومي، اتجهت إلى التظاهر في الشارع.

تعمل أمينة، 42 عاماً، بالهيئة القومية للتأمين وقالت أثناء مشاركتها بمسيرة ضمن 2000 موظف مدني في 10 أغسطس إن ”لديها التزامات مادية والأسعار ترتفع، ولو فقد موظفو الدولة احترامهم، فماذا سيتبقى بالبلد؟“ كانت تلك المسيرة هي الأضخم التي خرجت احتجاجاً على السياسات الاقتصادية للحكومة خلال 14 شهراً من حكم السيسي.

تستهلك الخدمة المدنية حوالي ربع إنفاق الدولة ويحاول السيسي إنعاش الاقتصاد والعودة إلى المسار السليم. وإذا نجح سيساعده ذلك على السيطرة على عجز الميزانية الذي ارتفع إلى حوالي 10% منذ عام 2010. أما في حالة الفشل فسيخاطر بغضب الكثير ممن تمسكوا به، والأبعد من ذلك قد يدمر ثقة المستثمرين. والنتيجة ستعتمد بشكل كبير على إذا ما كان سيصطف موظفو الخدمة المدنية حول خطة السيسي.

ويقول ياسين الشيمي الباحث بجامعة بوسطن ”إنها مقامرة كبيرة، أن يقوم الرئيس بهذا الخفض الكبير مع القاعدة الشعبية الأكبر من داعميه“.

تعد تلك المظاهرة، والتصعيد الذي وعد به اتحاد من الموظفين الحكوميين، مؤشر على أن وعود السيسي بالاصلاح الاقتصادي الشامل ستصبح صعبة التنفيذ، حتى مع زيادة الانفاق على المشاريع العملاقة مثل توسيع قناة السويس. ومنذ اتخاذه خطوة خفض الدعم عن البنزين التى لا تحظى بشعبية كبيرة، تراجعت الحكومة عن ضريبة أرباح رأس المال وهي الضريبة الأكبر على أثرياء مصر.

وتحدث عمر الشنيطي العضو المنتدب لمجموعة “مالتبيلز” للاستثمار ”من الصعب فهم توجه الاستراتيجية الاقتصادية للحكومة مع جعل المستثمرين في وضع (انتظر لنرى) والذي ينعكس على بطء الاستثمارات الأجنبية والمحلية وبالتالي النمو“.

يحدد قانون الخدمة المدنية زيادة سنوية في الراتب بنسبة 5%، بالإضافة إلى أنه يقلل الوقت المطلوب للترقية ويجعل التوظيف مركزياً لمنع المحسوبية.

ويقدّر المركز المصري للدراسات الاقتصادية أن القانون سيوفر حوالي 22 مليار جنيه بالمقارنة مع طريقة الأجور السابقة، التي ارتفعت بنسبة 18% سنوياً في الثلاث سنوات الماضية.

لم يرد نائب وزير المالية أيمن القفاص على هاتفه من أجل التعليق.

يمثل الموظفون الحكوميون 25% من القوى العاملة بالمقارنة بـ 21% في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، ونسبة 12% في دول تشيلي والمكسيك وتركيا. وقال السيسي إن مصر في حاجة إلى ربع عدد موظفيها فقط، فيما لم يحدد القانون حتى الآن حجم البيروقراطية. وفي خطابه الشهر الماضي قال السيسي إن الحكومة ”لم ولن“ تفصل أو تحيل موظفا إلى التقاعد. فيما تصل معدلات البطالة في مصر إلى 13%.

ويضيف الشنيطي: ”من البديهي أن القطاع الحكومي في حاجة إلى إعادة تفكير، فهو مكلف وغير كُفء. لكن إعادة هيكلة الحكومة ليست مهمة سهلة لأن الكثيرين سيعانون من تلك العملية”.

وعانت مصر من معدل تضخم وصل إلى 10.8% خلال العام الماضي رغم انخفاض أسعار السلع العالمية. وبالإضافة إلى خفض دعم الوقود، قامت الحكومة بزيادة أسعار المواصلات والكهرباء من أجل تقليل الضغط على خزينة الدولة.

اتهمت إدارة السيسي بتفضيل خفض النفقات على زيادة الإيرادات والذي يضعف من المالية العامة.

في مارس، ألغى المسؤولون ضريبة بقيمة 5% على المصريين الأعلى دخلاً،  عقب 9 أشهر فقط من تطبيقها. وانتقد صندوق النقد الدولي قرار تأجيل ضريبة رأس المال على الأسهم بالبورصة، وقال الصندوق إن ذلك قد يترك للفقراء العبء الأكبر من تقليل الحكومة للنفقات.

وقال الشيمي الباحث بجامعة بوسطن إن القانون يتم تنفيذه ”في الوقت الذي تقل فيه شبكة الضمان الإجتماعي وخفض الدعم والخدمات الحكومية“.

فيما تقول نعمة مرسي، 37 عاماً، والموظفة بمصلحة الضرائب المصرية إنها تتوقع راتبها الشهري يزيد إلى 2230 جنيهاً بدلاً من زيادته إلى 2400. وذلك قبل تغيير القانون.

حملت نعمه صورة السيسي وارتدت ملابس بألوان العلم المصري في المسيرة التي خرجت ضد الحكومة بدلاً من الرئيس.

ورداً على التظاهرات قال السيسي في خطاب تلفزيوني: ”هل حجم البيروقراطية اليوم طبيعي ومناسب لدولة مثل مصر؟“ وطالب المتظاهرين بتقبل القانون وأن يضحوا من أجل بلادهم. وأشار إلى بعض البيانات الاقتصادية بجوار ذلك.

من المتوقع أن ينخفض العجز إلى نسبة 10.8% من الناتج الإجمالي المحلي خلال العام الذي ينتهي في يوم 30 يونيو بدلاً من 13.7% في العام السابق. كما ارتفع النمو الاقتصادي بنسبة 4% لأول مرة منذ 2010، اعتماداً على قوة مشروعات البنية التحتية الحكومية.

يحصل موظفو الخدمة المدنية على رواتب أعلى من العاملين بالقطاع الخاص وإلى الآن –على الأقل علنياً- يوجهون غضبهم إلى الحكومة لا السيسي.

يخطط اتحاد عمال مصلحة الضرائب الحكومية لمسيرة مليونية يوم 12 سبتمبر، وفقاً لما صرحت به رئيسته فاطمة فؤاد. ويجري الاتحاد محادثات مع الحكومة من أجل تعليق القانون حتى انتخاب البرلمان، والتي من المفترض أن تجرى منتصف أكتوبر.

كان السيسي ”الحل الوحيد للفوضى وعدم الاستقرار السياسي الذي غرقت فيه البلاد. وأتفهم أن مصر تمر بوقت صعب ويجب أن نضحي“، وأضافت أمينة مصطفى الموظفة الحكومية أنهم يجب أن يدافعوا عن أنفسهم بما أنهم القوة الأساسية للدولة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى