سياسة

“الجارديان”: ليبيا تعرقل التوصل إلى “قاتل” ريجيني

“الجارديان”: ليبيا تعرقل التوصل إلى “قاتل” ريجيني

إيطاليا في حاجة كبيرة إلى التعاون المصري في الأزمة الليبية

الجارديان- Stephanie Kirchgaessner – Chris Stephen – Ruth Michaelson

ترجمة- محمد الصباغ

تعوّق مخاوف الأمن القومي محاولات إيطاليا للضغط على مصر بعد القتل الوحشي للباحث جوليو ريجيني، خصوصًا لحاجتها إلى تعاون القاهرة في ليبيا.

خلق مقتل ريجيني بداية هذا العام، والذي يعتقد أن من ورائه أجهزة بالدولة المصرية، توترات دبلوماسية كبيرة بين روما والقاهرة، وبلغت ذروتها باستدعاء السفير الإيطالي إلى مصر في الشهر الماضي، في حين أصرت مصر على عدم تورطها في مقتل ريجيني.

تنغمس إيطاليا وحلفاؤها المناصرون لحكومة فايز السراج الوليدة، التي تدعمها الأمم المتحدة في القتال في ليبيا، حيث يعد التحالف مع مصر عاملا رئيسيا في نجاح هذه الحكومة.

وقال مسؤول إيطالي بارز، اشترط عدم الإفصاح عن هويته، إن إيطاليا كانت تشعر بالقلق من الدعم المصري المزعوم لخليفة حفتر، القائد التابع لحكومة طبرق في الشرق والمعادي للإسلاميين، وزعم المسؤول أن مصر قدمت مساعدات عسكرية لطبرق، مما يعيق عملية السلام.

يقود حفتر قوات تقاتل ضد مسلحي ”فجر ليبيا“، المتحالفة مع ميليشيات في غرب ليبيا، كما أن بعضا منها يقف إلى جانب الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة والبعض يؤيد حكومة الإنقاذ التي يقودها الإسلاميون، الموجودة في طرابلس.

ورفضت الخارجية الإيطالية التعليق على دعم مصر المزعوم لقوات طبرق الحكومية، لكن هذا التوتر الكبير سيؤثر على الخطوات القادمة لروما في قضية ريجيني.

من جانبه قال فرج سليم الحباتي، المبعوث العسكري الليبي إلى مصر، والموالي لحكومة طبرق، إن هناك ”تعاونًا على مستوى التخابر، لكن لا توجد صادرات أسلحة من مصر إلى ليبيا.“

وأضاف أن الدعم كان ”لوجيستيا فقط“ وأن القاهرة تدعم حكومة ليبية موحدة، بمجرد انتهاء البرلمان من التصويت على تلك القضية، وتابع أن الخطوة التالية كانت ”المطالبة برفع حظر التسليح“.

ومع دعم الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي المعلن لحفتر، فقد قابل أيضًا السراج خلال هذا الشهر.

وقال باولو جينتيلونين وزير الخارجية الإيطالي، هذا الشهر إن حفتر ”يمكنه ويجب“ أن يكون له دور في الحكومة الانتقالية في ليبيا، لكن دوره يجب أن يقرر في النهاية من قبل حكومة السراج.

قد تتم مناقشة تلك الأزمة في مؤتمر فيينا، الإثنين، إذ سيجتمع قادة أوروبيون وأمريكيون بارزون لمناقشة مقترح ببعثة دولية مساعدة لليبيا، تقوم بتدريب القوات الليبية لمواجهة الدولة الإسلامية.

هناك ثلاثة اهتمامات قومية إيطالية على المحك، فهي ترى أن الاستقرار في ليبيا أمر ضروري لوقف تدفق اللاجئين والمهاجرين إلى جنوب إيطاليا، وللقضاء على تهديد تنظيم الدولة الإسلامية في إحدى أقرب دول الجيران، بالإضافة إلى حماية مصالحها في الغاز والبترول التي تعمل بها شركات الطاقة الإيطالية.

وذكرت إحدى لجان الأمم المتحدة بداية هذا العام أن الأسلحة تتدفق من مصر والإمارات إلى قوات حفتر، في حين تتدفق الأسلحة من تركيا ودول أوروبية شرقية إلى قوات فجر ليبيا، ضاربين عرض الحائط بالحظر الدولي للأسلحة. وقال جون هاميلتون، مدير شركة لندن لخدمات المعلومات: ”لو أرادت القوى الغربية إنجاح الحكومة الجديدة، فهم بحاجة إلى توافق دولي حقيقي بين الدول الداعمة للفصائل المختلفة.“

تعتقد الدول الغربية، ومن بينها إيطاليا، بأنها أقنعت إلى حد كبير جماعة فجر ليبيا بدعم الحكومة الجديدة، في مقابل دور رئيسي في تأمين طرابلس. لكن كان ثمن ذلك إغضاب الكثيرين ممن يشعرون بالتهميش في الشرق. يتزايد الضغط الدبلوماسي المفروض على القادة الغربيين للتوافق بشأن الحكومة الجديدة، وسط مخاوف من مطالب شرق ليبيا، من بينها المطالبة ببقاء حفتر كقائد للجيش، وهو أمر غير مقبول من جانب فجر ليبيا.

وقال أستاذ العلاقات الخارجية بجامعة لويس الإيطالية، رافاييل ماركيتي: ”مصر تدعم حفتر، سياسيا وعسكريا، وهذا الدعم مرتبط بالدول الخليجية التي دعمت حفتر منذ البداية.“

وتابع أن إيطاليا تواجه مسألة معقدة في مصر، فهي تسعى لإبقائها بجانبها في القضية الليبية لمصلحتها القومية، لكن أيضًا عليها التعامل بقوة مع الضغط الداخلي المتزايد بسبب مقتل ريجيني.

وفي نقاشاته مع مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، مارتن كوبلر، أصر حفتر على دعمه لوحدة ليبيا وأنه سيتعاون في عملية السلام.

أما ميشيل دان، مدير برنامج الشرق الأوسط بمعهد كارنيجي، فقالت إنه من الواضح أن مصر دعمت حفتر من البداية، وأنه كان ”عقبة رئيسية“ أمام عملية السلام الدولية ودعم حكومة السراج.

وأضافت: ”هناك سببان رئيسيان لتتدخل مصر في ليبيا، فالتهديد الأمني من ليبيا حقيقي، وليس خيالا من المصريين. ولا يقتصر الأمر فقط على وضع إصبعهم في عين إيطاليا.“

واجهت محاولات روما هذه لتأمين الدعم انتكاسة خلال الأسبوع الماضي حينما تراجع جان باولو سيرا، المستشار العسكري لمهمة الأمم المتحدة لدعم ليبيا، عن زيارة إلى مدينة الزنتان المؤيدة لحكومة طبرق، بسبب الحشود الغاضبة من ميل إيطاليا إلى جانب قوات فجر ليبيا.

ما زالت قوات فجر ليبيا وجماعة جيش الكرامة تتقاتلان للسيطرة على منطقة حوض سرت الغنية بالنفط، بالرغم من قتالهما معا ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى