اقتصاد

اقتصاديون لـ”زحمة” عن زيادة الأجور والمعاشات: خُطوة إيجابية.. لكن

كمال القزاز: الأسعار سترتفع قبل قبض الزيادة

قراءة اقتصادية في قرارات الرئيس السيسي بشأن رفع الحد الأدنى للأجور والمعاشات

 

كتبت- ندى الخولي

ربط خبراء ومحللون بين قرارات الرئيس عبدالفتاح السيسي برفع الحد الأدنى للأجور والمعاشات، وبين بَدء تعافي الاقتصاد وظهور بوادر التحسن بعد تنفيذ أكثر من 90% من بنود برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تنفذه الحكومة وتشرف عليه مؤسسات دولية.

وأعلن عبدالفتاح السيسي مساء أمس السبت، زيادة الحد الأدنى للأجور لجميع العاملين في الدولة من 1200 إلى 2000 جنيه بزيادة تبلغ نحو 66%، وذلك اعتبارا من مطلع العام المالي الجديد الذي يبدأ في أول يوليو المقبل.

ورأت الدكتورة أمنية حلمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة والمدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز المصري للبحوث الاقتصادية، في قرارات الرئيس السيسي “بادرة إيجابية لتخفيف العبء عن المواطنين”.

وقالت لـ”زحمة”، إن برنامج الإصلاح الاقتصادي بالطبع له تبعات وتكلفة ضخمة تحمل فيها المواطن كثيرًا، وجاءت هذه القرارات من الرئيس بمبادرة طيبة للتخفيف عن المواطنين، وتقليل أعبائهم المالية.

نتيجة بحث الصور عن دكتورة أمنية حلمي
دكتورة أمنية حلمي

وأكدت حلمي أن هذه الزيادات تواكب التزام الحكومة ببرنامج الإصلاح الاقتصادي الخاص بقرض صندوق النقد الدولي، ومن شأن هذه الزيادات أن تخفف الحمل والأعباء عن المواطنين سواء الأعباء المنقضية، أو اللاحقة، في إشارة إلى خطوة وشيكة لرفع الدعم مجددًا عن المواد البترولية.

يشار إلى أن “الحكومة المصرية لا تزال ملتزمة باسترداد تكاليف معظم منتجات الوقود بحلول منتصف 2019، في إشارة إلى برنامج الحكومة لرفع الدعم عن المنتجات البترولية الذي تطبقه منذ 2014″، حسب ديفيد ليبتون، النائب الأول للمدير العام لصندوق النقد الدولي.

وأضاف ليبتون، في بيان صحفي في 6 فبراير الماضي، أن “تطبيق آلية التسعير التلقائي للوقود واسترداد تكاليف معظم منتجات الوقود بحلول منتصف العام الجاري، ضروريان لتشجيع استخدام أكثر كفاءة للطاقة. سوف يساعد مع إصلاحات تعزيز الإيرادات على خلق مساحة مالية للإنفاق على الأمور ذات الأولوية العالية مثل الصحة والتعليم”.

كما أن الدكتورة هبة الليثي، أستاذة الإحصاء بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة والمسؤولة السابقة عن بحوث الدخل والإنفاق الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ترى أن قرارات الرئيس السيسي كانت ضرورية، خاصة أن الأسعار زادت بنسبة حوالي 60% منذ عدة أعوام.

لكن الليثي، قالت لـ”زحمة” إن “قرار الحد الأدنى للأجور لا يعد زيادة لكنه تعديل أو تصحيح في الأجور والمعاشات”، مرجعة الأمر للقوة الشرائية للمواطن مقابل غلاء الأسعار.

ورأت الليثي أن زيادة المعاشات بنسبة 15%، ليست كافية، وأن أصحاب المعاشات لا يجب أن يتحملوا تكلفة خلل منظومة المعاشات منذ سنوات.

كما تمنت الليثي أن لا تلاحق تلك الزيادات في الأجور زيادة في الأسعار، إذ إن الحسبة الاقتصادية ستختلف تمامًا إذا ما زادت الأسعار.

نتيجة بحث الصور عن دكتورة هبة الليثي
دكتورة هبة الليثي

وقفزت معدلات التضخم في الشهور التالية لقرار تعويم الجنيه في نوفمبر 2016 لتسجّل مستويات قياسية في آخر 3 عقود بلغت ذروتها في يوليو من 2017 عند 34.2%، وهو ما أثر على المستويات المعيشية للمواطنين، في الوقت الذي عملت خلاله الحكومة على اتخاذ بعض حزم الإجراءات الاجتماعية للتخفيف من تأثير إجراءات الإصلاح.

يشار إلى أن الحكومة في بداية شهر يناير الماضي قررت تطبيق آلية التسعير التلقائي على الوقود وبدأت ببنزين 95، وثبتت سعره عند السعر الحالي على أن تتم مراجعته كل 3 أشهر تبدأ من مارس المقبل، وهو ما يعني أن سعر بنزين 95 قد يشهد ارتفاعا أو انخفاضا أو يظل مستقرا في بداية أبريل.

ومنذ تطبيق مصر برنامج الإصلاح الاقتصادي في نوفمبر 2016 تخطط لرفع الدعم نهائيًا عن الوقود بنهاية يونيو 2019 (في ما عدا البوتاجاز)، ورفعت الحكومة أسعار الوقود 3 مرات منذ 2016، ضمن برنامجها لتقليل فاتورة دعم الطاقة.

من جانبه، رأى الدكتور كمال القزاز، أستاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة ومدير الجمعية المصرية لحماية المستهلك، أن جميع القرارات الاقتصادية يتم تقييمها من زاوتي المزايا والعيوب.

فمن ناحية المزايا، قال القزاز لـ”زحمة”، إن جميع المصريين عانوا من القرارات الاقتصادية منذ نوفمبر 2016 حتى مارس 2019، وإن القيادة السياسية رأت ضرورة تعويض المصريين عن المعاناة الاقتصادية التي لحقت بهم خلال السنوات الثلاث الماضية، وجاءت هذه القرارات لتخفيف العبء وزيادة الدخل الذي يعني زيادة الإنفاق وزيادة الطلب على السلع الاستهلاكية وبالتالي زيادة العمالة والتشغيل.

وأشار القزاز إلى تصريح وزير المالية، محمد معيط، منذ نحو أسبوع، الذي أكد فيه أن “إيراداتنا تعادل مصروفاتنا”.

وقال الدكتور محمد معيط، وزير المالية، في 24 مارس الجاري، أمام الجلسة العامة لمجلس النواب خلال الجلسة العامة للبرلمان اليوم برئاسة علي عبدالعال في الماضي خلال مناقشة الحساب الختامي للسنة المالية 17/18، إن “الثلاث سنوات الماضية كان الاقتصاد المصري يمر بمرحلة شديدة وتم اتخاذ العديد من الإجراءات لعودة الثقة للاقتصاد المصري، وبدأنا نرى آثاره الإيجابية تدريجيا وكان من آثاره ولأول مرة منذ 20 سنة أن إيرادات الدولة الجارية تكفي المصروفات الجارية دون خدمة الدين وفوائد وأقساط الديون”.

لكن القزاز تخوف من أن زيادة الإنفاق يصاحبها عيبان رئيسان، الأول “قبل قبض الزيادة الجديدة سيفاجأ المواطن برفع الأسعار”، والثاني “الزيادة الجديدة قد يصاحبها تضخم مؤقت نتيجة تقليل الواردات ورفع الأسعار.

وفي هذا الشأن، أشار القزاز إلى تصريح السيسي أمس، بشأن الاستغناء عن السلع التي سيرتفع ثمنها، مشيرًا إلى أن جمعية حماية المستهلك، دائمًا ما تطالب المواطنين بهذه الإجراءات في مواجهة غلاء الأسعار.

وقال الرئيس أمس، خلال كلمته فى حفل تكريم المرأة المصرية والأم المثالية لعام 2019، إن “الحل لمواجهة جشع التجار هو مقاطعة السلع المبالغ في أسعارها”، لافتا إلى أن “المقاطعة تدفع المنتجين لتخفيض أسعارهم وضبطها حتى تتناسب مع الأسواق”، قائلًا: “الحاجة اللي تغلي ماتشتريهاش“.

وأجاب القزاز على سؤال متعلق بكيفية تحمل الموازنة تكلفة رفع الأجور التي تقدّر بـ60 مليار جنيه بأن الدولة “ستتمكن من سد خانة رفع الأجور من بند رفع الدعم من المحروقات والسلع البترولية”.

اقرأ أيضا: وزارة المالية: 60 مليار جنيه تكلفة زيادة الأجور والمعاشات

وذكر بيان أصدرته وزارة المالية الأحد، أن حزمة الإجراءات الاجتماعية التي وجه بها الرئيس يبدأ تنفيذها من أول يوليو المقبل ستكلف الخزانة العامة نحو 60 مليار جنيه تتضمن نحو 30.5 مليار جنيه لتمويل زيادات الأجور والمرتبات، بجانب 28.5 مليار جنيه لتمويل زيادات المعاشات الاجتماعية ونحو مليار جنيه لتمويل ضم 100 ألف أسرة جديدة لبرنامجي تكافل وكرامة.

ومنذ يومين، قال مصدران لوكالة “رويترز” إن الحكومة خفضت دعم المواد البترولية في مشروع موازنة 2019-2020 إلى 52.8 مليارات جنيه (3.06 مليارات دولار) من نحو 89 مليار جنيه في موازنة السنة الحالية.

الرئيس السيسي في أثناء قرارات رفع الحد الأدنى للأجور والمعاشات

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى