مجتمع

هواتف اللاجئين الذكية تستفز البريطانيين

الاندبندنت: بريطانيون يتسائلون: كيف يحمل اللاجئون كل هذه الهواتف الذكية

الاندبندنت – جيمس أومالي – ترجمة: محمد الصباغ

”من غادروا سوريا بسبب الحرب ليسوا فقراء أبداً! فلديهم جميعاً هواتف ذكية“. كانت تلك الشكوى متكررة بشكل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي مؤخراً. وكأن امتلاكك لهاتف ذكي، يمكنه أن يساعدك وأسرتك على تجنب الموت في الحرب السورية.

ظاهرياً يبدو أن من يشعرون بالخوف من الأجانب يبحثون عن شئ ما لتغيير موقف الرأي العام نحو اللاجئين القادمين من الشرق الأوسط. حقيقة يعبر هذا الرأي عن المواقف التى تتبدل تدريجيا تجاه اللاجئين: منذ عدة أسابيع كانت فصائل معادية للمهاجرين تشكو  من أنهم لا يمتلكون مهارات ويريدون فقط العوائد المادية. والآن يقولون إن المهاجرين شديدي الثراء، وبالتالي يجب توجيه مساعداتنا نحو الفقراء. لكن على أي حال، يطرح ذلك سؤالاً: إلى أي مدى يجب أن نندهش عندما نرى السوريين يحملون هواتف ذكية؟

سوريا ليست دولة غنية، وليست فقيرة أيضاً: الدخل هناك أقل من المتوسط وفقاً لتصنيف البنك الدولي. وفي عام 2007 (آخر عام كان البيانات متاحه فيه) كان معدل الدخل القومي للفرد في سوريا 1850 دولار، وهو أكثر من معدل الدخل القومي للفرد في مصر الذى كان يبلغ 1620 دولار. وانتشار الهواتف المحمولة في سوريا مشابه لانتشارها أيضا في مصر. وفقاً لكتاب حقائق العالم للاستخبارات الأمريكية عام 2014، كان في سوريا 87 هاتفاً محمولاً لكل 100 شخص من السكان، بالمقارنة بـ 110 هواتف محمولة لكل 100 شخص في مصر (123 هاتفا لكل 100 شخص في المملكة المتحدة).

في عام 2011 رأينا المصريين في الشوارع، وهم يستخدمون قوة الهواتف الذكية من أجل حشد الدعم عبر التطبيقات ووسائل التواصل الاجتماعي. وطرح ذلك سؤالاً آخر: لماذا نتقبل وجود هواتف ذكية في مصر ساعدت في التمهيد للثورة بينما نبدو مندهشين عندما نجد دولة أغنى قليلاً في نفس الموقف؟

نعلم أن سوريا ليست شديدة الفقر ونعلم أن هناك الكثير من هواتف المحمول: لكن لماذا الهواتف الذكية؟ لم لا؟ في الغرب يمتلك كثيرون أجهزة كمبيوتر مكتبية، وجهاز كمبيوتر محمول وأجهزة لوحية (تابلت) بالإضافة إلى الهواتف الذكية. لكن لو أردت التخلي عن العديد من ممتلكاتك وتعيش بمبلغ 1850 دولا سنوياً، فبعد الملابس والطعام، ماذا ستشتري بعد ذلك؟ من الصعب التفكير في شئ أكثر إفادة من امتلاك هاتف ذكي، خاصة إذا كنت سترحل عن بلادك.

السبب الذي يدفع السوريين لاستخدام الهواتف الذكية وليس هاتف نوكيا 3210 القديم هو نفس السبب الذي يجعل مستحقي الإعانات في بلدنا يلهثون وراء شاشات التلفاز المسطحة… هل حاولت شراء أي نوع آخر مؤخراً؟ تصل ميزانية الهواتف الذكية إلى أقل من 100 جنيه استرليني، وتشمل مميزات الكاميرا والشاشات الكبيرة وكل شئ متوقع من الهاتف الحديث. وحيث أننا الآن نقوم بتبديل هواتفنا القديمة كل عام أو عامين بالأحدث، بالتالي تنخفض قيمة الهواتف الأقدم قليلاً.

كما يمكنك الحصول على الأجيال الثانية من هواتف آيفون –آيفون 3G- بحولي 25 جنيه استرليني، ورغم مرور سنوات على صناعته فمازال قابل للاستخدام بطريقة جيدة. هناك هواتف محمولة أكثر من عدد سكان العالم، لذا الفرص متاحة لأي يشخص يستطيع الحصول على هاتف محمول –مثل ملايين السوريين- وبالفعل يحصل عليها.

لذلك فإن الإجابة عن إلى مدى يمكن أن نندهش من امتلاك كثير من اللاجئين السوريين لهواتف ذكية تبدو واضحة، وهي ”ليس كثيراً“. العالم ليس منقسماً بين غني وفقير، ويجب أن نعدل من تصوراتنا عن الناس وفقاً لذلك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى