سياسةمجتمع

الفرنسية: موجة جديدة من العنف الطائفي في مصر بلا عقاب

فيديو: موجة جديدة من العنف الطائفي في مصر بلا عقاب

فرانس 24- مونيك الفايزي

إعداد وترجمة: محمد الصباغ

تصاعدت وتيرة الاعتدءات ضد أقلية الأقباط الأرثوذكس في مصر، أحد أكبر وأقدم المجموعات المسيحية في الشرق الأوسط، إلى معدل خطير خلال الأسابيع الأخيرة، وسط ردود أفعال رسمية قليلة.

منذ مايو الماضي، تعرّض المسيحيون في مصر لعشر هجمات طائفية على الأقل، وقال نشطاء وسياسيون إن الحكومة فعلت القليل لإيقاف هذه الهجمات وذلك على الرغم من المبادرات المبكرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي نحو الأقباط ودعمهم القوي له.

قال مينا ثابت، مدير برنامج الأقليات في المفوضية المصرية للحقوق والحريات “الأمر في تصاعد خلال وقت قصير جدا.”

وكانت إحدى هذه الاعتداءات في نهاية مايو ضد سيدة مسيحية في المنيا تمت تعريتها، وضربها وطافوا بها عارية بسبب شائعة بأن ابنها على علاقة بامرأة مسلمة. وعلى الأقل تم إشعال 7 منازل في هذا الاعتداء.

وقال الضحايا إن استجابة الشرطة كانت متأخرة وغير كافية.

وزادت حرارة الصراعات الطائفية في 30 يونيو، بعد 3 سنوات من بداية المظاهرات التي أدت للإطاحة بالرئيس محمد مرسي، عندما أطلق النار على قس في العريش بشمال سيناء وزعم تنظيم داعش بشمال سيناء مسؤوليته عن الهجوم. واتهم التنظيم القس بأنه “يشن حربا ضد الإسلام.”

وبالرغم من بشاعة هذا الهجوم فإن أغلب الهجمات لم تحدث في مناطق سيطرة تنظيم داعش بشمال سيناء بل في محافظة المنيا التي تقع على بعد 250 كيلومترا جنوب القاهرة.

في المنيا يتواجد أكبر عدد من المسيحيين في مصر، بتقديرات قد تصل إلى 50% من سكان هذه المحافظة. لا توجد إحصائيات موثقة بأعداد المسيحيين في مصر، لكن يعتقد بشكل كبير بأنهم يمثلون 10% من عدد السكان في مصر.

قبل ساعات من إطلاق النار على راهب العريش، كان منزل يمتلكه أحد الأقباط قد أحرق بواسطة حشود اعتقدوا أنه يبني كنيسة، على الرغم من توقيعه خطيا على أوراق في حضور الشرطة وعمدة القرية وشيخها بأن البناء سيكون مسكنا ولن يستخدم لأغراض أخرى. كما تم إحراق 4 بيوت أخرى لإخوته.

يعد بناء الكنائس نقطة محورية في الصراعات الطائفية في مصر. مقارنة بعدد الأفراد، نسبة الكنائس التي تخدم المسيحيين قليلة جدا مقارنة بأعداد المساجد التي تخدم المسلمين. بالإضافة إلى وجود قيود صارمة على بناء كنائس جديدة وفقا للقانون المصري ويتطلب ذلك تصريحات خاصة. وعلى مدار عقود وجد المسيحيون صعوبات في الحصول على الموافقات اللازمة، وعادة ما يجدون معارضة من الجيران المسلمين.

بينما جرت أحداث العنف الأخيرة في المنيا وما حولها، عانت مناطق المسيحيين القوية أيضا. على سبيل المثال، وقع هجوم في محافظة سوهاج، التي تبعد حوالي 500 كم عن القاهرة وبها نسبة كبيرة من المسيحيين، وذلك يوم 2 يوليو حينما جذبت مراهقة صغيرة ابنة أحد القساوسة من شعرها وطُعنت في رقبتها في ما بدا كأنها محاولة ذبح فاشلة. أنقذها المارة واستطاعت النجاة من الموت بعد الواقعة.

بدأت الأحداث في التصاعد بالمنيا مع نهاية الأسبوع عندما نهبت 5 منازل لأقباط وتم إحراقها في 15 يوليو بعد شائعات بأن أحد المباني المخصص كحضانة أطفال سيتم تحويله إلى كنيسة. تم إخبار الشرطة بمجرد بدء الهجوم لكنها لم تصل إلا بعد ساعة. كما أن أجهزة إطفاء الحريق التي جلبت إلى مكان الهجوم لم تكن بها مياه.

وبعد يومين وتحديدا يوم 17 يوليو، تعرض أحد أقارب كاهن بالمنيا للطعن وأصيب 3 آخرين خارج منزله.

وفي حين وقعت الاشتباكات في أنحاء مصر، كانت المنيا منطقة مخاوف خاصة، سواء عبر التاريخ أو مؤخرا. فكانت أو بؤرة لأحداث العنف عقب خطاب السيسي في 3 يوليو 2013 والذي أعلن فيه الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين الذين يلقي أتباعهم على المسيحيين بجزء من مسؤولية الإطاحة بقائدهم. وتمتلك المنيا نسبة مرتفعة إن لم تكن الأعلى، في معدلات اختطاف المسيحيين والمطالبة بفدية.

ويقول ثابت “كل هذه عوامل. لا يمكنك أن تفصل العوامل الاقتصادية عن الاجتماعية من المعادلة. إنها معادلة معقدة.”

لكن ربما تكون المشكلة الكبرى، وفقا لنشطاء، هي عدم وجود عقاب. ويوضح شريف عازر، الناشط المختص في الحقوق المدنية، أنه وخلال الوقائع الأخيرة، لم يواجه الجناة سوى ضربة على اليد.

وفقا للتقاليد، بدلا من رفع دعاوى قضائية، تجبر السلطات المحلية المسيحيين على جلسات عرفية، فيها يجتمع الطرفان للتفاوض حول تسوية بعيدا عن النظام العدالة الجنائية. وعادة ما يواجه المسيحيون ضغوطا للتنازل عن حقوقهم القانونية وأحيانا يجبرون على الرحيل عن مجتمعاتهم.

وأصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بيانا في بداية هذا الأسبوع وصفت فيه عملية الصلح بأنها “أداة تستخدم لإدامة التوتر وتخلق مناخا فيه أي نزاع بين مواطنين يمكنه أن يصل إلى العنف الطائفي والعقاب الجماعي.”

بدلا من ذلك، يقول النشطاء والسياسيون إنهم يريدون تطبيق القانون في حالات العنف الطائفي. وقال النائب البرلماني هيثم الحريري إن جلسات الصلح العرفية غير دستورية ولا قانونية. “يجب تطبيق القانون على أي منتهك له، دون القبض على أبرياء فقط لصنع توازن في القضية.”

واتفق معه الأنبا مكاريوس، أسقف المنيا، وأشار إلى أن ضحايا الهجمات يعارضون الصلح لأن جلساته عادة تقود إلى هروب الجناة دون عقاب. بدلا من ذلك دفع إلى استخدام القانون في تلك الحالات.

لكن ما يريده نادرا ما يحدث.

أجبرت سيدة المنيا على التصالح. وتم تغريم المتهمين الثمانية عشرة آلاف جنيه مصري لكل منهم.

وفي أزمة حرق المنازل في 30 يونيو بالمنيا، ألقي القبض على بعض الأشخاص لكن لم يكن هناك أي تغير. ووضع الرجل الذي حاول ذبح الفتاة تحت التقييم النفسي.

حتى عندما يرفض المسيحيون التصالح، تذهب جرائم قليلة إلى المحاكم وتغلق أغلبها بسبب قلة الأدلة، وفقا لقول إسحق إبراهيم، الباحث النتخصص في الحريات الدينية بالمبادرة المصرية.

انتشر الإحباط حينما ذكر الأنبا مكاريوس في تغريدة له الرئيس السيسي بأن المسيحيين هم مواطنون مصريون وأن محافظة المنيا “تقع ضمن حدود الدولة المصرية.”

ورد السيسي يوم 21 يوليو خلال خطابه قائلا: “لن نقبل بالتفريق بين المصريين المسلمين والمسيحيين.”

ويقول النشطاء إن أول خطوة نحو تهدئة الأجواء هي برفع القيود على بناء الكنائس. لكن دون تطبيق القانون سيكون التغيير قليلا طالما غاب تطبيق القانون.

ويقول إبراهيم “ما حدث في المنيا لا شيء، ونتيجة طبيعية لعدم تطبيق القانون في الهجمات الطائفية السابقة ضد الأقباط، وإجبار المسيحيين على الاتجاه نحو التصالح والرضوخ للحلول غير الدستورية المهينة.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى