سياسة

ترامب يطالب بحظر دخول المسلمين: لا يحترمون الحياة

دونالد ترامب: المسلمون لا يحترمون الحياة ولا يؤمنون إلا بالجهاد

نيويورك تايمز – باتريك هيلي – مايكل باربرو – ترجمة: محمد الصباغ

طالب دونالد ترامب يوم الإثنين الولايات المتحدة بمنع المسلمين من دخول البلاد إلى أن يستطيع قادة الدولة ”إدراك ما يحدث“ بعد الهجمات الإرهابية في سان برناردينيو بكاليفورنيا، وذلك في تصعيد كبير بخطاباته التي تستهدف أصوات الناخبين الذين يعيشون في خوف من المسلمين.

حظر المسلمين، كان ذلك هو المقترح الغير مسبوق من المرشح البارز في سباق الرئاسة الأمريكية، وتتماشى تماماً تلك الفكرة مع طريقة جماعات الكراهية. يعكس المقترح انعدام الثقة الذي زاد كثيراً والمتأصل في الأيدلوجية والسياسات.

ترامب الذي قال في سبتمبر ”أنا أحب المسلمين“، تحول بشكل كبير ضدهم بعد هجمات باريس الإرهابية، وطالب بقاعدة بيانات لتعقب المسلمين في أمريكا وكرر كثيراً شائعات لا تحمل أي مصداقية بأن آلاف المسلمين كانوا يحتفلون في نيوجيرسي أثناء هجمات 11 سبتمبر. ارتفعت أسهمه في استطلاعات الرأي بشكل هائل كنتيجة لما يقوله، حتى حدثت انتكاسة في ”أيوا“ صباح الإثنين. بعد عدة ساعات طالب ترامب بالمقترح، وتلائم ذلك مع شكل تعليقاته الصاعقة بعدما أصبح تصدره لسباق المرشحين الجمهوريين للرئاسة في خطر.

1449186903_10076841+2camp120415

قال إن ”الكراهية“ بين الكثير من المسلمين الأمريكيين ”تفوق القدرة على الاستيعاب“، وأضاف في تصريح أن الولايات المتحدة احتاجت إلى مواجهة ”منبع وأسباب تلك الكراهية“.

قال ترامب أيضاً ”إلى أن  نستطيع تحديد وفهم تلك المشكلة وخطورة التهديد الذي تمثله، لا يمكن أن تكون بلادنا ضحية لهجمات مريعة يقوم بها أشخاص لا يؤمنون إلا بالجهاد، ولا يحترمون الحياة.“ وقالت المتحدثة باسم حملته إن ما دفعه إلى تصريحاته هو ”الموت“.

كان الرفض لما صرح به ترامب شديداً وفورياً بين المجموعات الدينية والسياسيين من كلا الحزبين. فقال منافسه الجمهوري، جيب بوش ”ترامب معتوه.“ فيما قال السيناتور ماركو روبو من فلوريدا إن مطالبته بالمنع ”عدائية وهمجية.“ أما هيلاري كلينتون فقالت إن تلك الفكرة كانت ”مستنكرة، ومغرضة وانقسامية.“ فيما نددت جماعات تمثل اليهود والمسيحيين ومعتقدات أخرى بمقترح ترامب، جنباً إلى جنب مع المسلمين.

قال الحاخام جاك مولين، المدير التنفيذي لتحالف الأديان، ملمحاً إلى شعار حملة ترامب الانتخابية: ”زرع التعصب الديني والتمييز في سياسة الهجرة التي تنتهجها أمتنا لن يجعلها عظيمة مرة أخرى.“

أدلى ترامب بتصريحاته بعد يوم واحد من خطاب الرئيس أوباما للشعب الأمريكي من المكتب البيضاوي مطالباً إياهم بعدم التحامل على المسلمين بعد الهجمات الإرهابية.

كما عبّر خبراء في سياسات وقوانين الهجرة عن صدمتهم من المقترح. فقالت نانسي مورافيتز، أستاذة القانون بجامعة نيويورك والمتخصصة في الهجرة: ”يتناقض تماماً مع تاريخ الولايات المتحدة. من غير المعقول أن نقوم باختبار ديني لمن يريدون تصريح بدخول بلادنا.“ وأضافت ”لا أستطيع تذكر أي رئيس في التاريخ رفض الهجرة بسبب أمور تتعلق بالدين.“

كما قال ستيفان يالي لوهر، أستاذ القانون بكورنيل والمرجع البارز في شؤون الهجرة، إن البدء في تنفيذ تلك السياسة سيتطلب قانون غير محتمل وجوده من الكونجرس. وتوقع إنه حتى لو تم تمريره من الكونجرس، فالمحكمة العليا ستقوم بإبطاله لأنه يقيد نظام الهجرة أكثر من اللازم عكس ما هو موجود في مادة الحماية المتساوية في التعديل الدستوري رقم 14. وقال ”سيتم بالفعل اعتباره غير دستوري، وأتوقع أن تقوم المحكمة العليا بإسقاطه.“

يمتلك ترامب سجلاً حافلاً من التعليقات المفاجئة والمتطرفة عندما يتم تجاوزه في استطلاعات الرأي كما حدث الإثنين ساعات قبل أن يقول ما قاله حول المسلمين. ففي إحصائية بجامعة مونماوث حول الحملات الإنتخابية بأيوا للمرشحين الجمهوريين، وجدوا أن ترامب تراجع عن مركزه في الصدارة، ووفقاً للإحصائية فقد حصد السيناتور تيد كروز من تكساس 24% من التأييد فيما جمع ترامب 19%، وجاء السيناتور من فلوريدا، ماركو روبيو بنسبة 17%. لكن وفقاً لاستطلاع رأي آخر خرج من ”أيوا“، قامت به السي إن إن و أو سي آر، كان ترامب في الصدارة بنسبة مريحة لكن كروز كان يقلص من هذه النسبة.

يتفاخر ترامب قبل كل خطاب ضمن حملته بتقدمه الكبير في استطلاعات الرأي، كما شن هجوماً غير مسبوق ضد المرشح الجمهوري الآخر بن كارسون، عندما تصدر الأخير استطلاع الرأي في أيوا هذا الخريف. اعتمد ترامب على مذكرات كارسون وما ذكره فيها عن شبابه العنيف أحياناً، ووصفه ترامب بالشخص المريض وقارن حالته العقلية بالاطفال الذين يؤذون الجميع.

يرى الكثير من المحللين والسياسيين الجمهوريين أن سلوك ترامب ضد المسلمين هو نوع من التحدي لكروز وغيره من المرشحين الجمهوريين لكسب مواقف من الإرهاب الذي كان في جرأته. لكنهم قالوا أيضاً إن مقترح المنع يعكس شعور بالقلق والغضب بين الكصير من المصوتين الذين لم تعمل الحكومات الفيدرالية بقوة كافية لحمايتهم في وطنهم.

فقال نيوت جينجرتش، عضو الكونجرس الجمهوري السابق والمترشح للرئاسة عام 2002: ”أعتقد أن فكرة ترامب قد تكون قوية جداً، لكن أعتقد أن بعض من إيذاء المشاعر قد يكون مفيداً جداً في السعي إلى نقاش وطني حول حجم المشكلة، ومدى خطورتها.“ وأضاف ”يتقبل 9% من الباكستانيين فكرة تنظيم الدولة الإسلامية، وفقاً لاستطلاع رأي. هذا رقم ضخم. يجب أن نضع عبء الإثبات على هؤلاء القادمين من تلك الدول لكي يظهروا لنا أنهم ليسوا خطراً.“

يقول الخبراء إن عشرات الآلاف من المسلمين يدخلون إلى الولايات المتحدة ويبقون فيها سنوياً كسائحين أو من خلال برنامج الهجرة، وهناك تقديرات بأن 10 ألف مسلم حصلوا على إقامة دائمة بالولايات المتحدة منذ عام 2012. أصدرت الولايات المتحدة أيضاً 680 ألف من ”الجرين كارد“ إلى المهاجرين من دول ذات أغلبية مسلمة في فترة خمس سنوات من 2009 إلى 2013.

وفي مساء الإثنين بجنوب كارولينا، وجد ترامب الكثير من الترحيب عندما بدأ بعرض فكرته حول الحظر. فقال ”ليس لدينا خيار آخر. لا يمكن أن تكون دولتنا ضحية لهجمات مروعة من جانب أشخاص لا يؤمنن إلا بالجهاد.“

بينما طالب بعض المرشحين الجمهوريين الآخرين بزيادة جمع المعلومات الاستخباراتية وتحقيقات اكثر قوة مع المشبته بهم كإرهابيين، وأيضاً إلى منع اللاجئين المسلمين من دخول الولايات المتحدة من سوريا، أشار ترامب إلى شكوكه حول المسلمين بشكل عام.

خلال نجمعات حملته، لاقى استحسان كبير من آلاف المصوتين بعد مطالبته من الحكومة بمراقبة المساجد، ورفض العدول عن دعوته السابقة إلى عمل قاعدة بيانات بكل المسلمين في الولايات المتحدة. كما أصدر العديد من التصريحات القوية تجاه طريقة قيادة الرئيس أوباما للحرب ضد الإرهاب، مشيراً إلى أن ”شيئاً ما كان يحدث“ بمعرفة أوباما ولم يكن الأمريكيين على دراية به.

وفي تصريحه أشار ترامب إلى استطلاع رأي قام به مركز السياسات الأمنية، الذي زعم مؤسسه ،فرانك جافني، أن الرئيس أوباما يتحالف مع الإخوان المسلمين، الحركة السياسية المتطرفة في مصر، وأن عملاء من الإخوان المسلمين قد اخترقوا الحكومة الامريكية والحزب الجمهوري والمؤسسات السياسية المحافطة.

جذب المقترح بمنع المسلمين -غير المواطنين- من دخول أمريكا دعماً من منظمات مثل جمعية الامريكيين من اجل الكيان القومي، و مؤسسة دايلي ستورمر، ووصف كليهما المركز القانوني الجنوبي للفقر بأنهم جماعات كراهية.

لاقى المقترح إدانة فورية من المسلمين الأمريكيين. وقال إيبو باتيل ،رئيس منظمة حوار الأديان هو جوهر الشباب، ومقرها شيكاغو: ”ماذا لو منعنا الروسيين من دخول أمريكا بسبب الحرب الباردة؟ من كان سيخترع جوجل.“ مشيراً إلى مؤسس موقع جوجل سيرجي برين.

بالرغم من أن المتقدين لمقترح ترامب يعلمون أنه لا سبيل إليه إلا أنهم مذعورين بسبب خروج مثل تلك الأفكار من مرشح رئاسي بارز.

قال مورافيتز ”سركون أمر غريب عندما نمتلك اختباراً للهجرة قائم على الدين، في حين ان الدولة نفسها بنيت على أيدي أشخاص هربوا من اضطهاد ديني.“

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى