جورج وايا من لاعب كرة قدم إلى رئيس جمهورية
في منتصف التسعينات حين كانت إنجازات التحرر في إفريقيا تشغل العالم، وقف الزعيم نيلسون مانديلا يربت على كتف اللاعب الذهبي اين ليبيريا “جورج وايا” و وصف الرجل القضية بأنه “فخر أفريقيا”. الزعيم الذي قاد بلاده للتحرير كان يعد بزعيم جديد في القارة السمراء.
ومرت السنوات وكان وايا، اللاعب الأشهر، و صانع المنتخب الليبيري، والجيب السخي لأطفال بلاده. و بعد أعوام من النضال السياسي، أزاح وايا سيرليف ( أول امرأة تشغل مقعد الرئاسة في أفريقيا) وفاز برئاسة بلاده ليبيريا ، اليوم الخميس، ليكون أول رياضي ينطلق من الملاعب إلى سدة الحكم.
” قد سمعت آهات شعبنا وشاهدت محنتهم فإنني أعلن أمامكم مواطني بلدي وأمام الله تعالى أنني سأخوض السباق الرئاسي في بلدنا المحبوب في الانتخابات العامة في 2017.”
كان وايا الصغير بعمر الثالثة عشر لاعباً في نادي يونج سيرفايفرز. وفي إحدى أيام نزهته المحببة على الشاطيء ، كانت جنود الجنرال صامويل دوي تقتل العشرات من مؤيدي الرئيس المنقلب عليه “تولبيرت”، لم يلحظ الجنود وجوده، ولم ينس وايا المشهد الذي حول كل ما يفعله فيما بعد إلى قضية وأمل.
ولد وايا لأبوين لديهم 12 طفل وطفلة، في حي كلارا تاون الفقير في مدينة مونروفيا بليبيريا، في الأول من أكتوبر عام 1966. وتعلم في الهيئة التشريعية الإسلامية ثم هيرستون الثانوية وبدأ حياته العملية تقنيا بشركة الاتصالات الوطنية، حتى انطلق إلى عالم احتراف كرة القدم.
كانت له تجربة صنعت منه الزعيم القادر على الوصول للجميع، فقد ولد في أسرة مسيحية، و تحول للإسلام لعشر سنوات، ثم عاد إلى ديانة أسرته مرة أخرى ، ما وصفه لاحقاً بأنه أكسبه التسامح تجاه الديانتين وحب أهلهما.
انتقل من يانج سرفايفرز وهو ناشيء إلى عدة أندية بليبيريا ثم انتقل إلى فريق «تونيري ياوندي» الكاميروني، ولعب لصالح بناديي «مانشستر سيتي»، و«تشيلسي» الإنجليزيين، وكانت احدى أهم محطاته التحاقه بفريق «باريس سان جيرمان» الذي قاده للفوز بكأس العالم 1993، و«موناكو» الذي صرح أنه مستعداً للموت من أجله، ولم تكن بصمته في ميلان الإيطالي أقل تألقاً، وفيه حصل على لقب الللاعب الأفضل بالعالم 1995 وفاز بالكرة الذهبية كأول إفريقي ليبيري يسبق بها أساطير كبيليه ومارادونا.
ويذكر المصريون وايا بأنه السد الي حال بينهم وبين كأس العالم 1998 بهدف في مرمى عصام الحضري.
كانت الحرب الأهلية على أشدها في ليبيريا،و قت اعتزال وايا، وفي تصريح له ي مؤتمر صحفي، طالب الأمم المتحدة أن تتدخل لوقف الحرب الأهلية في بلاده. ولم تنقضي أسابيع حتى لاقى وايا جزاء مواقفه، فأحرق متمردون منزله واغتصبوا اثنين من بنات أعمامه.
“يمكنكم أن تثقوا بي لأنني أعرفكم وأنتم تعرفونني، علينا أن نشيد من جديد بنيتنا التحتية، وعلينا إعادة أطفالنا للمدارس، شعبنا يحتاج للخروج من الظلام الدائم”
لم تخف التهديدات وايا وركز جهوده في الإصلاح المجتمعي ، بعد سنوات من مساعدة المتضررين من الحرب، حصل على شهادة ماجستير في الإدارة، ثم أعلن قراره أن يخوض الانتخابات الرئاسية للمرة الأولى في 2005.
مثلكم جميعا عانيت من الفقر في صغري، كان هناك أوقات لم أمتلك بها ثمن الذهاب إلى مدرسة، وقوفنا اليوم معا هو قرار بشأن مستقبلنا. بالسنوات الماضية استمرت معاناة شعبنا من نظام طبي كارثي وغياب للكهرباء ونقص في المياه، نحن مستمرين في الفقر المدقع”. وقف وايا أمام شعبه يعلن هذه الكلمات ورغبته في خدمه بلاده من موقع الرئاسة.
“ويسترن يونيون ” كان لقب وايا الجديد، فقد سخر ملايين الدولارات من أمواله لخدمه بلاده، لا للمشاريع القومية في التعليم ومد خطوط الكهرباء فحسي، بل دعم منتخب بلاده حالماً أن يبلغ كأس العالم، وحرمته نيجيريا عن سبيله بفارق نقطة واحده.
صاحب القضية يجعل منها شعلة و أمل في التغيير أينما حل، و ووايا الذي لم يكن مجرد رياضي، حول الكرة إلى مسألة تحرر، وصنع المجد لبلاده بعد سنوات من الاضطراب.
” كان الناس يدعمونني منذ طفولتي، ويقولون أنني أحظى بهذه الحفاوة بسبب شعبيتي. وأنا أقول لهم” لا” إن الناس يدعمونني لأنهم يرغبون بأمل في التغيير”.