سياسة

واشنطن بوست: رجال صدام حسين يقودون داعش

ضباط صدام حسين يسيطرون على تنظيم داعش وأكسبوه الخبرات العسكرية وشبكات التهريب. 

واشنطن بوست – ليز سلاي

ترجمة -محمد الصباغ

عندما وافق أبو حمزة على الانضمام لتنظيم الدولة الإسلامية كان يأمل في تحقيق حلمه في أن يكون جزءا  من دولة الإسلام الفاضلة، التي أغرت الجهاديين الأجانب من جميع أنحاء العالم. لكنه وجد نفسه تحت إمرة عراقي ويتلقى الأوامر من عراقيين غامضين يتنقلون عبر أرض المعركة في سوريا.

أصبح أبو حمزة زعيماً لمجموعة صغيرة في سوريا ولم يكتشف أبداً هويات العراقيين الحقيقية حيث كانوا يتعاملون بأسماء حركية. ويقول لـ”واشنطن بوست” إن كل هؤلاء العراقيين كانوا ضباطاً سابقين خدموا إبان حكم صدام حسين. وكان أحد الملثمين الذين تعامل معهم قد عمل في السابق لحساب المخابرات العراقية والآن يعمل مع الدولة الإسلامية.

وحسب محللين سوريين وعراقيين، فإن كل قادة الدولة الإسلامية من الضباط العراقيين السابقين رغم وجود الآلاف من المقاتلين الأجانب، وأوضح المحللون أن هؤلاء الضباط أدخلوا إلى التنظيم الخبرات العسكرية، وشبكات التهريب التى كانت موجودة لدى النظام البعثي للتغلب على العقوبات المفروضة في التسعينيات، والآن من خلالها تدار تجارة النفط غير المشروعة.

يذكر حسن حسن في كتابه ”داخل جيش الرعب“ أن جذور الدولة الإسلامية عراقية أصيلة، وبدأت مع وحشية صدام حسين ثم تسريح الجيش العراقي عقب الغزو الأمريكي في 2003، ولاحقاً مع بدء الحكومة الشيعية في تهمييش السنة العراقيين بدأ صعود الدولة الإسلامية.

رغم الاختلاف الكبير بين عقلية حزب البعث العلماني وتفسير تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد للشريعة الإسلامية، إلا أنهما اشتركا في عدة أشياء مثل إرهاب الناس من أجل القدرة على إبقائهم تحت السيطرة. قبل عقدين من الزمان كانت طرق التعذيب التى يستخدمها رجال صدام حسين قاسية جدا، ونجحت في تقييد أساليب التعبير في العراق، وهو نفس الأمر الآن بالنسبة لعقوبات الدولة الإسلامية.

و كما اعتبر حزب البعث نفسه حزباً يتخطى حدود الوطن، وشكل فروعاً له في عدة دول في الشرق الأوسط، وأقام معسكرات لتدريب المتطوعين الأجانب من أنحاء العالم. وهو نفس ما تفعل الدولة الإسلامية الآن.

أطلق الديكتاتور العراقي “حملة الإيمان” في 1994، ودخلت معها إلى العراق تعاليم إسلامية متشددة، وتم وضع كلمة ”الله أكبر“ على علم الدولة. وقام بعض الضباط البعثيين فجأة بالتوقف عن شرب الخمر وأداء الصلاة وصار لديهم ميل للتدين المحافظ المعروف بالسلفية خلال السنوات التي سبقت الغزو الأمريكي. وفي آخر عامين من حكم صدام حسين بدأت حملة لقطع الرؤوس وكانت تستهدف بالأساس السيدات اللاتي تعملن بالدعارة وتم تنفيذ تلك الحملة بواسطة وحدة الفدائيين التى قتلت أكثر من 200 شخص.

وتذّكر الأفعال الوحشية التي يمارسها تنظيم الدولة الآن بأفعال وحدة الفدائيين الوحشية. ففي أحد الفيديوهات الترويجية في عهد صدام ظهر في أحد تدريبات الفدائيين ملثمون يسيرون بأقنعة سوداء ويقطعون الرؤوس وأحدهم يأكل كلباً حياً. وأصبح بعض هؤلاء البعثيين من أوائل الذين تم تجنيدهم للعمل لصالح تنظيم القاعدة بواسطة أبو مصعب الزرقاوي. وكان لا يثق كثيراً في آرائهم العلمانية.

ووفقاً لمحللين و ضباط سابقين أصبح تجنيد الضباط البعثيين السابقين استراتيجية متعمدة من قبل الدولة الإسلامية وتحت ملاحظة أبو بكر البغدادي. وعند بداية المجموعة في 2010 بدأ البغدادي في الاعتماد على الكم الهائل من الضباط العاطلين عن العمل أو الذين انضموا إلى جماعات أقل تطرفاً.

يقول برايان فيشمان، الباحث في مؤسسة نيو أمريكا، إن بعض هؤلاء كانوا يقاتلون مع الصحوات العراقية ضد تنظيم القاعدة، ومع تخلي الحكومة العراقية عن الصحوات، لم يكن أمام هؤلاء الضباط الذين شعروا بالخيانة إلا الانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية.

ومثال على ذلك، حسن الدليمي، ضابط المخابرات في الجيش العراقي،  الذي أعيد تجنيده مرة أخرى عام 2006 من قبل القوات الأمريكية وعمل قائدا للشرطة في محافظة الأنبار المضطربة، لكن مع رحيل القوات الأمريكية، أقيل من منصبه، ويقول إنه فقد راتبه ومعاشه  ومعه 124 ضابطاً آخر كانوا يعملون مع القوات الأمريكية في العراق.

ويضيف أن أحد أصدقائه المقربين من الضباط السابقين ظل يعاني من أجل المال لسنوات عديدة عقب فصله من الخدمة عام 2003، والآن هو والي الأنبار التابع لتنظيم الدولة الإسلامية.

 أي فجوة في التنظيم يتم ملؤها بضباط عراقيين سابقين، للحفاظ عن النفوذ العراقي في قلب التنظيم، رغم وجود عدد هائل من المقاتلين الاجانب. وذلك خوفاً من الاختراق والجواسيس. ويعزل القادة العراقيين في التنظيم أنفسهم عن المقاتلين الأجانب ويستخدمون مع السوريين شبكات من الوسطاء مستمدة من طرق المخابرات العراقية القديمة.

و يضيف أبو حمزة  أن العراقيين هم آذان وعيون داعش الأمنية وهم أقوياء جداً. ويقول: ”البعثيون يستخدمون داعش. لا يهمهم أمر البعث أو صدام. هم فقط يريدون السلطة. هم اعتادوا أن يكونوا في السلطة و يريدون العودة إليها“.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى