ترامب كون فريقًا للسياسة الخارجية يفكر إلى حد كبير بنفس طريقته ويحمل آراءه
ترجمة: ماري مراد
المصدر: BBC
Anthony Zurcher
لم يكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب معارضًا بشدة دائمًا للاتفاق النووي الإيراني، كما أن الاتفاق لا يمثل مشكلة كبيرة للمصوتين، إذًا لماذا ينسحب ترامب الآن من الاتفاق؟
هذه الخطوة كُشف عنها منذ أشهر، رغم المحاولات الأخيرة من قبل حلفاء الولايات المتحدة والداعمين المحلين للاتفاق، التي هدفت إلى إقناع الرئيس بالتمسك بالوضع الحالي.
في بيانه، قال الرئيس إنه يرحب بتجديد المفاوضات، واضعا الثقة في قدرته كرجل عقد الصفقات لإحراز النجاح. وأضاف عن مفاوضات عام 2015 “كان من الممكن التوصل إلى اتفاق بنّاء بسهولة في ذلك الوقت. لكنه لم يكن كذلك”.
الآن سيكون لدى الرئيس فرصة لإظهار أن بإمكانه فعل الأفضل، لكن لماذا ينسحب الآن؟
تظهر استطلاعات الرأي أن غالبية الأمريكيين يؤيدون البقاء في الاتفاق، وبينما قال ترامب إنه ببساطة يلتزم بوعد آخر، لكن هذا الأمر لم يحفز أبدا شعبيته مثلما فعلت الهجرة والتجارة والاقتصاد.
إليك 3 أسباب تكشف سبب تنامي كره ترامب للاتفاق وبالتالي لجوئه إلى هذه الخطوة:
تمزيق إرث أوباما:
ربط ترامب، في بعض الأحيان، معارضته لصفقة إيران بشروط شخصية للغاية، وقد استهزأ مرارًا وتكرارًا بوزير الخارجية السابق جون كيري، أحد مهندسي الاتفاق، بما في ذلك إطلاق النكات حول حادث الدراجة الذي تسبب في كسر ساق كيري.
ووفقاً لأحد التقارير، فإن جهود كيري للتواصل مع الإيرانيين في الأيام الأخيرة ساعدت على دفع الرئيس أكثر نحو التخلي عن الصفقة، إذ غرد الرئيس عنه في وقت سابق يوم الثلاثاء، لذلك كان الموضوع بالتأكيد في ذهنه.
“جون كيري لا يستطيع تصديق حقيقة أنه حظى بفرصة وأفسدها” كتب ترامب، مضيفا: “جون ابتعد عن المفاوضات، أنت تؤذي بلدك”.
ومنذ تنصيبه، استهدف ترامب عمليا كل الإنجازات الحاملة توقيع سابقه، ففي غضون أسبوع من تنصيبه، نجح في إخراج الولايات المتحدة من المفاوضات التجارية لشراكة عبر المحيط الهادئ.
وفي يونيو أعلن عن نيته سحب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس بشأن التخفيف من تغير المناخ، كما أنه حل حمايات أُصدرت في عهد أوباما لبعض المهاجرين غير الشرعيين.
لقد قام هو والجمهوريون في الكونجرس بإلغاء قانون الرعاية الميسرة، الذي زاد من تنظيم الحكومة لأسواق التأمين الصحي، وهو محور مركزي (وإن كان غير ناجح إلى حد كبير) في جدول أعماله التشريعي لعامه الأول.
وأعاد فرض العقوبات والقيود على السفر على كوبا، وألغى القيود المقترحة على انبعاثات محطات الطاقة، ومعايير كفاءة الوقود للسيارات الجديدة وغيرها من اللوائح البيئية، وأيد إلغاء بعض ضوابط عهد أوباما على المؤسسات المالية.
وكتب شون ديفيز من موقع “فيدراليست” المحافظ على الإنترنت: “مع انتهاء اتفاق المناخ في باريس والاتفاق النووي الإيراني وأوباماكير، فإن إرث أوباما الحقيقي الوحيد في هذه المرحلة هو رئاسة دونالد ترامب”.
يبدو أن هذا ما يريده ترامب بالضبط.
دور رئيسي لنتنياهو:
عندما ترشح ترامب لأول مرة لم يكن ينتقد الصفقة الإيرانية كما هو الآن، في حين أنه يعتقد أنه كان خطأ وتفاوضًا ضعيفًا، اقترح أنه قد يكون منفتحًا للحفاظ على التزامات الولايات المتحدة.
“من الصعب جدا قول إننا نمزقه”، قال ترامب المرشح حينها في مقابلة مع شبكة “إن بي سي” في أغسطس 2015.
وقال: “سأراقب هذه الاتفاقية بشدة بحيث لا تكون لديهم فرصة. وبسوء الاتفاقية سأكون صارما”.
لكن ترامب تحول إلى وجهة نظر مناهضة للصفقة بشدة مع دعمه ترامب الكامل لبنيامين نتنياهو والجانب الإسرائيلي المتشدد لمفاوضات السلام في الشرق الأوسط، بعد أن أشار في وقت سابق إلى أنه يمكن أن يكون “صانع صفقة” محايد في المنطقة.
“لن يساعد إذا قلت إنني مؤيد جدا لإسرائيل” قال ترامب في مناظرة فبراير 2016، عندما واجه انتقادات حادة من قبل عضوي مجلس الشيوخ تيد كروز وماركو روبيو لحياده المعلن في المفاوضات العربية الإسرائيلية.
في الشهر التالي، أخبر ترامب الحضور في المؤتمر السنوي للجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية أن أولويته الأولى إلغاء الاتفاق الكارثي مع إيران، موضحًا ما اعتبره فشل الاتفاق في معالجة تأثير زعزعة البلاد لاستقرار المنطقة وتطوير برنامج الصواريخ الباليستية.
وقال إنه لا يوجد “تكافؤ أخلاقي” بين الإسرائيليين والفلسطينيين في مفاوضات السلام وأن “أيام معاملة إسرائيل كمواطن من الدرجة الثانية ستنتهي” عندما يصبح رئيسًا.
ومنذ أن أصبح ترامب رئيسًا، بدأ عملية نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وهدد بفرض عقوبات جديدة على الفلسطينيين، وواصل إدانته للحكومة الإيرانية، وتخلى الآن عن اتفاقية الأسلحة النووية مع تلك الدولة، مستشهدا جزئيا بالأدلة المقدمة من نتنياهو.
وجوه جديدة:
ترامب أجرى تارة تحركات ناحية الانسحاب من الاتفاق بينما تراجع في مرات أخرى خلال العام الأول لرئاسته.
وبحسب ما ورد نُصح بعدم التخلي عن الاتفاق من قبل كبار المستشارين في إدارته، بما في ذلك وزير الخارجية ريكس تيلرسون ومستشار الأمن القومي إتش آر ماكماستر ووزير الدفاع جيمس ماتيس.
وماتيس هو الرجل الوحيد الذي بقي ويبدو أن نفوذه ينحسر، واستعيض عن الاثنين الآخرين بمايك بومبيو وجون بولتون على التوالي، الذين يحملان سياسات عدوانية تجاه إيران.
وبينما كان يُنصح الرئيس بأن يكون حذرًا في التخلي عن التزامات الولايات المتحدة تجاه إيران، هذه المرة يبدو أن غرائزه – عدم الثقة المتأصل في تعددية الأطراف بشكل عام وإيران على وجه الخصوص- قد تم دعمها بحماسة.
بعد 15 شهرًا ، بنى ترامب فريقًا للسياسة الخارجية يفكر إلى حد كبير بنفس طريقته ويحملون آراءه.