مجتمع

بي بي سي: الفسيخ الوجبة “القاتلة” التي يعشقها المصريون

محل للفسيخ يعتبر تحذيرات وزارة الصحة دعاية إيجابية

Cairo's Shaheen for Salted Fish and Caviar specialises in feseekh (Credit: Credit: Miriam Berger)

بي بي سي – مريم بيرغر 

ترجمة وإعداد- سلمى خطاب

في كل عام تصدر وزارة الصحة المصرية تحذيرًا من تناول الفسيخ، وجبة السمك البوري المملح ذي الرائحة النفاذة والتي يعود تاريخها إلى آلاف السنين، والتي إذا لم يتم إعدادها بشكل صحيح، يمكن أن تؤدي إلى حدوث تسمم أو الموت في حالات نادرة حسب تحذيرات الوزارة.

في محل “شاهين” أشهر محلات القاهرة المتخصصة في الفسيخ، ثبت أن تحذيرات وزارة الصحة قد تكون نعمة، حيث يقول ضاحكًا صبري شاهين أحد أعضاء العائلة التي تدير المتجر “نحن نعتبر هذه التحذيرات دعاية إيجابية، تزيد من الإقبال على محلنا”.

قبل مئة عام جاء محمد شاهين رب هذه العائلة من المنيا للقاهرة، وبدأ في بيع الفسيخ، وفي عام 1912، أسس محلًا للفسيخ باسمه في منطقة باب الخلق في القاهرة الإسلامية، وكان أول “فسخاني” متخصص في “السمك المخمر” في العاصمة، ومن هنا نمت وتوسعت محلات العائلة، والآن، أصبح المحل الرئيسي والذي تم افتتاحه في عام 1955 في منطقة باب اللوق بوسط القاهرة، يبيع أصنافا مختلفة من الأسماك، مثل الكافيار والرنجة والملوحة إضافة إلى الفسيخ.

In 1991, 18 people died from eating feseekh (Credit: Credit: Miriam Berger)

ويقول صبري شاهين “هناك العديد من المحلات التي تبيع الفسيخ في القاهرة وتحمل اسم “شاهين” لكن اثنين فقط هما التابعان لاسم عائلة شاهين الأصلي، والمحلات الأخرى تحاول الاستفادة من شهرة الاسم، وبالتأكيد تشتري الفسيخ من مصادر أخرى، ففي عام 1991، العام الأسوأ الذي شهد موت 18 شخصًا نتيجة لأكل الفسيخ، حسب وزارة الصحة، لم يشتكِ منا أحد سواء الزبائن أو وزارة الصحة”.

ولهذا السبب لا يشتري عماد إسكندري الفسيخ من أي مكان آخر، ويأتي إلى شاهين مرة بعد مرة من أجل الفسيخ، حتى وهو -مثل كل المصريين- يكرهه بعض الشيء، حيث يعترف إسكندر “لا أحب الفسيخ لكني أأكله”.

ويشرح إسكندر أن “المصريين لديهم انقسام في الشخصية أمام هذا السمك المملح الذي يقدم مع العيش البلدي وقليل من الزيت والليمون والبصل”، مواصلًا “بعض المصريين لا يأكلون الفسيخ لأنه “مصري”، ويعتبرونه “بلدي” خاصا فقط بالطبقات الدٌنيا، إنهم فقط يريدون التصرف مثل الأجانب، لكنهم يستمرون في أكل الفسيخ في كل الأحوال”.

وبالرغم من شهية المصريين للفسيخ، لن تجده أبدًا يقدم في المطاعم، لكن زبائن شاهين يقولون إنهم يأكلونه كجزء من ثقافتهم المصرية، حيث يعود تاريخ الفسيخ إلى العصور الفرعونية، وحتى اليوم، يأكل المصريون الفسيخ عادة خلال أعياد الربيع وشم النسيم.

While feseekh is technically raw, the salt prevents any rotting (Credit: Credit: Miriam Berger)

ورغم أن المصريين من كل الطبقات يتبعون بعض إجراءات التقشف نتيجة للوقت الصعب الذي يعيشه الاقتصاد المصري، وتضاعف أسعار الفسيخ، لا يقلق شاهين على مستقبل تجارته، حيث يقول إن “الزبائن الذين اعتادوا على شراء 3 كيلو فسيخ مثلًا، يشترون الآن كيلو واحد أو اثنين” وفي يناير الماضي بدأ شاهين يبيع الفسيخ مقابل 120 جنيهًا للكليو الواحد، و50 جنيهًا للرنجة.

جزء صغير من عملاء شاهين باتوا يصنعون الفسيخ بأنفسهم، مثل أحمد الذي بدأت زوجته تصنع الفسيخ في المنزل منذ ثلاث سنوات، بعدما شاهدت طريقته في أحد البرامج التليفزيونية، وبدأت في البحث عن طريقته على الإنترنت.

ويقول أحمد “إعداد الفسيخ في المنزل يحتاج إلى صبر”، فهو ينقع السمك في الماء لأكثر من شهر، ويقلبونه كل أسبوع، لكنه يصر على الفسيخ الذي تصنعه زوجته في المنزل أفضل من ذاك الذي يشتريه من الأسواق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى