سياسة

“واشنطن بوست”: حان الوقت لتقبل وجود مسلمين مثليين جنسيًّا

واشنطن بوست: حان الوقت لتقبل وجود مسلمين مثليين جنسيًّا

Amanullah De Sondy- واشنطن بوست

 يمكن للمرء تخيل إمكانية أن تتحد معا المجموعات المهمّشة من المسلمين الأمريكيين والأمريكيين المثليين جنسيا.

pulse-orlando-shooting-001_custom-afcf8cd831a4547d9b4465462bcea412bd660ffd-1000x515

ترجمة- فاطمة لطفي

هل هناك مسافة كبيرة بين المسلم ذي الميول الجنسية الطبيعية ذي اللحية الطويلة الكثيفة والمسلم المتحوّل جنسيا الذي يخشى نبذه من المسجد رغم تعلّق قلبه بالإيمان؟

هؤلاء المهمشون ليسوا في مأمن من الإجحاف والخوف. عمر متين، الذي قتل على الأقل 49 شخصًا في ملهى ليلي لمثليين في أورلاندو صباح الأحد يقدم لنا مثالا مخيفا على ذلك.

قضيت أكثر من عشر سنوات أبحث في الذكورية الإسلامية، قضيت منها خمس سنوات في العيش والتدريس في فلوريدا قبل أن أنتقل العام الماضي. سمعت بعض القادة الغربين المسلمين يخطون بتردد نحو تقبل الأمر، لكن في معظم ما سمعته، عندما يتحدث القادة المسلمون إلى المؤمنين المثليين، يشوب حديثهم الاستخفاف القاسي أو الصمت المطبق.

لم يعد بإمكاننا المضي قدمًا دون تقبّل كل المسلمين بكل توجهاتهم الجنسية. يثبت لنا هذا بشكل مؤلم الحدث العنيف الذي وقع صباح الأحد في أورلاندو.

سبق ورصدت عددا من التصريحات المتجددة للقادة المسلمين الغربين، والذين معظمهم أصحاب ميول جنسية طبيعية، وعبر سنوات، كل ما لاحظته هو مجرد حراك طفيف متعلق بقضية المثلية الجنسية. اختار الكثيرون الصمت، لكن البعض أدرك أن هذه المسألة يجب التحدث عنها علنًا، خاصة مع تزايد الدول التي تقر زواج الأشخاص من الجنس نفسه.

هناك مسلمون ومسلمات مثليين جنسيا ومتحولون جنسيا يستندون بفخر لإيمانهم بأن الله منحهم الحق في المطالبة بحقهم في تحديد ميولهم الجنسية.  لكنّ الزعماء الدينيين الذين يتحدثون عن كل شيء متعلق بالمثلية الجنسية يدور حديثهم فقط، رغم معارضتهم وتحفظهم، على أنه يجب أن نكره الذنب وليس المذنبين. ومن المناقشات التي خضت فيها مع هؤلاء القادة، هذا أبعد ما يمكن أن يصلوا إليه في حديثهم دون أن يخسروا متابعيهم.

وهذه نماذج للمواقف الحذرة التي تتكرر كثيرًا. وضع الكاتب المسلم مهدي حسن عنوانا لمقاله له عام 2013 “أنا كمسلم أحارب من أجل فكرة المثلية الجنسية، لكنني أعارضها”، وأيضًا الأستاذ الجامعي بجامعة أكسفورد طارق رمضان كتب من قبل هذا “المثلية الجنسية محرمة في الإسلام”، لكنه قال: “علينا أن نتجنب إدانة أو رفض الأفراد الممارسين لها”. هناك العشرات من البيانات المماثلة على يوتيوب.

لكن يبدو أن حادث أورلاندو المُفزع دفع المجتمعات المسلمة إلى اتخاذ موقف أخيرًا والخروج بتصريحات أكثر جرأة عن مجموعة المثليين جنسيا. لكن لم يقدم الجميع الدعم، نجد من ذهبوا إلى السوشيال ميديا، في الشرق الأوسط والولايات المتحدة، وأعلنوا تأدييهم وموافقتهم لأفعال متين البشعة. وبالطبع من الأسهل أن نركز على “الآخرين” بدلًا من الاعتراف بأن هناك اشتباكا حقيقيا داخل المجتمعات المسلمة ومجتمعات المثليين جنسيا، وبين كراهية البعض للإسلام وكراهية البعض الآخر للمثلية الجنسية.

لكن اليوم، المجتمعات المسلمة تقول: “المسلمون المثليون جنسيا موجودون بالفعل. يواجهون الإرهاب المجتمعي من كل من الإسلام وكارهي المثلية الجنسية كل يوم. وهم في حزن حقيقي لكل ما يجري.

المثلية الجنسية هي قضية شائكة في المجتمعات المسلمة، الذين يجدون صعوبة في إيجاد متنفس لميولهم الجنسية المغايرة داخل النصوص التاريخية والفهم الصارم للتقاليد التي تحكمهم. لكن يمكن أن يجدوا هذا المتنفس الموازي لألوان قوس قزح المغايرة والمعبرة عن الاختلافات في الميول الجنسية داخل التقاليد أو النصوص أو القوانين إذا بدأنا بالفعل في الربط بين النص وحياة هؤلاء الأشخاص.

بالتأكيد من السهل أن نجد الجانب التاريخي المظلم والحزين أو الاعتقاد أن الميل الجنسي الطبيعي هو فقط لمتبايني الجنس في تقاليد الإسلام. لكن علينا أن نتذكر أن معظم هذه التقاليد كُتبت على يد رجال مسلمين متحفظين وذوي ميول جنسية عادية ربما تعرضوا لضغوط ليدعموا ميول جنسية بعينها.

التحدي الذي تواجهه المجتمعات المسلمة الآن في العالم هو في تقدير الاختلاف والتعدّدية، وفي دعم حياة المؤمنين التي لا تتلاءم مع معايير المجتمع. لا بد لنا من فعل هذا إن أردنا بالفعل دعم هذه الفئة المهمشة وحمايتها من الأذى والضرر.

علينا أن نفكر جيدًا في ما يخطر على بال الرجل المسلم الذي يستمع إلى التصريحات اليوم، والذي قد ينتهي به الأمر متزوجًا أحدا من جنس مغاير لأنه يخشى أن يخسر مكانه في المجتمع المسلم. نحتاج أن نفكر جيدًا في هذه التصريحات والبيانات التي تمّكن المسلمين المثليين جنسيا الذين لاحقًا سيقفون ليمثلوا ليس فقط الإسلام، لكن أيضًا يمثلون ميولهم الجنسية التي اختاروها.

هل إذن الخطوات التي يتخذها القادة المسلمون كافية؟ هل هذه الحركة الطفيفة كافية لمنع القتل والكراهية؟ بالتأكيد لا يوجد حل سريع لإزالة هذا التوتر. لكنّ المسلمين ذوي الميول الجنسية العادية الذين يكافحون المثلية الجنسية بأصوات جهورية، عليهم أن يستمعوا الآن ويتقبلوا أصوات المسلمين المثليين جنسيا وأنهم معا على خط واحد من المساواة في المجتمع المسلم.

معظم الجهود التي نبذلها الآن في الغرب لمكافحة الفكر المتطرف تعتمد على بناء جسر بين الناس وبعضها البعض، وكثير من القادة المسلمين هم أول من يبادر إلى حوار الأديان. لكن في ضوء حادثة أورلاندو، يتعذر إجراء حوار كهذا دون تقبّل كل الفئات المهمشة من كل المجتمعات المؤمنة، خاصة أن المثليين جنسيا هم جزء أساسي من رغبتنا في عالم مشرق ومليء بالألوان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى