“بوكو حرام”.. 16 عامًا من الإرهاب في نيجيريا
القوات النيجيرية تكتشف مقبرة جماعية لـ4 آلاف جثة
ترجمة: رنا ياسر
المصدر: The Independent
أثار الإسلاميون المتطرفون المتمركزون في الولايات الشمالية النيجييرية يوبي، وكانو، وباوتشي، وبورنو، وكادونا، أزمة إنسانية في البلاد، مما أسفر عن مقتل أكثر من 20 ألف شخص وتشريد مليونين جراء حملة مُستدامة من الإرهاب الداخلي وذلك بمهاجمة المباني الحكومية والقواعد العسكرية والمدارس، فما كان لأعضائها إلا السعي إلى الإطاحة بالمؤسسة السياسية النيجيرية، في إطار استغلال قانون شريعة صارم في أكبر دولة ذات اقتصاد في غرب إفريقيا.
بدأ ظهور بوكو حرام في عام 2002 على يد رجل الدين محمد يوسف في مدينة مايدوجوري النيجيرية، والذي أسس مسجدًا ومدرسة من أجل التبشير بالوهابية، كحركة إسلامية محافظة، وأطلق على منظمته اسم “جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد”، والتي تُترجم بالنسبة لهم على أن الناس مُلتزمون بتنفيذ تعاليم الرسول من أجل الجهاد، وُعرف أن عبادتهم يُطلق عليها “هوسا” وتُعني: “أن التعليم الغربي ممنوع”، تبعًا لما ذكرته صحيفة “الإندبندنت” في تقريرها.
ظن يوسف وأتباعه بأن تعليم المسيحيين الغربيين الذين دخلوا إلى المنطقة من قبل البريطانيين في ظل الاستعمار، في أعقاب سقوط الخلافة في صوكتو بنيجيريا عام 1903، كان مسؤولا عن ترسيخ الوضع الراهن في بلد يعيش فيه نحو 60% من السكان في فقر شديد على أقل من من 1 دولار في اليوم.
وقفت بوكو حرام ضد كل أشكال الثقافة الغربية، وسعت إلى ترسيخ العداء والكراهية وسرعان ما أصبحت مدرسة يوسف تتبع نهج التطرف، كمُعسكر لتجنيد المتطرفين، وشاع أنها حصلت على دعم من القاعدة قُدّر بـ1.8 ملايين دولار من أسامة بن لادن، من أجل تمويل الإرهابيين المتطرفين من المسلمين في أعقاب 11 سبتمبر.
جاءت هجماتها الأولى في ديسمبر عام 2003 جنبًا إلى جنب مع سلسلة من الاعتداءات على أقسام شرطة ولاية يوبي على الحدود النيجيرية والتي تورط فيها نحو 200 مسلح من الجماعة.
وقامت بوكو حرام بتوطيد نفوذها قبل أن تصبح ذات طابع عسكري في عام 2009، ونظمت انتفاضة في باوتشي وهاجم مسلحوها ضباط الشرطة، فما كان ذلك سوى ضربة للجماعة حيث لُقي مصرع نحو 700 مسلح بفعل رد قوي من الشرطة، وقُبض على يوسف وقُتل في أثناء حبسه.
خلف يوسف، نائبه أبوبكر شيكاو، الذي عُرف عنه أنه لا يرحم أحدًا، وارتكبت الجماعة خلال ولايته على مدار 5 سنوات متتالية أعمالا إرهابية مختلفة، شملت قيام مسلحيها بتنفيذ عمليات اغتيال لرجال الشرطة والسياسيين والرجال الذين تجرأوا في التحدث ضد الجماعة.
والجدير بالذكر أن عمليات الاغتيال تبعتها هجمات بالقنابل على القرى والأسواق ومستودعات الحافلات والسجون وخطف أسرة فرنسية في الكاميرون في 19 فبراير عام 2013.
ومن خلال عمليات الخطف، جاء طلب الفدية مصدرًا مُربحًا لإدارة دخل بوكو حرام، فعادة ما كانوا يأخذون الرهائن كورقة مساومة عند التفاوض مع السلطات، كما باعت الجماعة النساء والأطفال الأسرى كعبيد في السوق السوداء.
“اختطفت بناتكم، وزوجاتكم وسأبيعهن في السوق، حسبما أمرني الله”.. كلمات رددها شيكاو في مقطع فيديو عبر “يوتيوب”، كما قام قامت جماعته بمداهمة مدرسة فتيات في شيبوك النيجيرية في 14 أبريل لعام 2014، وخطفت نحو 267 تلميذة من المدرسة، وأثار هذا الحدث الإعلام والصحف الدولية.
وفي ذلك الوقت، تصدر “هاشتاج” عبر “تويتر” يطالب بعودة تلك الفتيات على يد ميشيل أوباما، زوجة الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، إلا أنه في الوقت الذي كانت هناك حملة على مواقع التواصل الاجتماعي، كان هناك ما لا يقل عن 113 محتجزة في غابة سامبيسا النيجييرية التي ينشط فيها تنظيم “بوكو حرام” المتشدد، ويعتبرها معقلا له.
ونجا نحو 57 منهن في يوليو عام 2014، وتم الإفراج عن 21 أخرى عقب مفاوضات مع الحكومتين النيجيرية والسويسرية والصليب الأحمر في أكتوبر لعام 2016، ثم الإفراج عن 82 أخرى، وبعد المزيد من المحادثات في مايو لعام 2017، تم تحرير العديد من الفتيات اللاتي كان معهن أطفال رُضع بعدما بدا عليهن متلازمة “ستوكهولهم”.
والجدير بالذكر حسبما صرحت “الإندبندنت” البريطانية، أن الفظائع الأخرى التي تم ارتكابها كان من ضمنها استغلال الأطفال في العمليات الانتحارية تحت تأثير تناول المخدرات.
وفي مارس لهذا العام، فقدت الجماعة جزءًا كبيرًا من قوتها حينما حررت القوات النيجيرية بالتعاون مع القوات الكاميرونية نحو ألف سيدة وطفل من قرى مالامكاري وأمشاكا ووالاسا وجورا، واكتشفت القوات مقبرة جماعية تتكون من 4 آلاف جثة في مدينة داماسك في شمال نيجيريا.
وفي منتصف يوليو الماضي، نفذ مسلحو بوكو حرام هجومين في تتابع سريع على الجيش المُقيم في يوبي شمال شرقي البلاد، وهجمة أخرى على قافلة خارج ولاية بورنور، لذا صرح رئيس نيجيريا محمد بخاري، بأنه سيُنفذ وعده بتخليص بلاده من بوكو حرام، والوضع سيكون مستقرًا بعد مرحلة الصراع القادمة.
وتلقت بوكو حرام كميات كبيرة من الأسلحة منذ بداية تأسيسها، فصار رجالها مُسلحين ببنادق وقذائف صاروخية بفضل الأموال التي تلقتها من جماعات إرهابية أخرى إلى جانب تلقي الفديات وبيع العبيد في السوق السوداء فضلا عن عمليات السطو على البنوك الإقليمية، ولا تنتظر البلاد حاليا سوى الخلاص من أنيابهم نهائيا.