سياسة

أميرة هاس: هل أراد الفلسطينيون “انتصار” حماس؟

قد يريد الفلسطينيون حرية التنقل الداخلي أكثر من حاجتهم إلى ميناء في غزة. الكاتبة الإسرائيلية المعروفة أميرة هاس تحلل “التعادل” بين إسرائيل وحماس

4199113446
أميرة هاس – هاآرتس

إعداد وترجمة – محمود مصطفى

تفهم كلاً من إسرائيل وحماس أنهما وصلتا إلى نوع من التعادل، فقدرة إسرائيل العسكرية على سخق الطرف الآخر ستكون دوماً أكبر من مثيلتها لدى حماس، إلا أن قدرة الفلسطينيين على تحمل المعاناة وعلى امتصاص الضربات أكبر من مثيلتها في إسرائيل بدرجة كبيرة.

كان باستطاعة قوات الدفاع الإسرائيلية والجناح العسكري لحماس الاستمرار في استعراض قوتهما الغير متكافئة لأسابيع قليلة أخرى على حساب المزيد من أرواح ومنازل آلاف الفلسطينيين وعلى حساب أرواح وممتلكات عدد قليل من الإسرائيليين وعلى حساب احتراق أعصاب مواطني إسرائيل.

خلال أول أسبوعين أو ثلاثة من الحرب، كانت كل الجماهير الفلسطينية في غزة تقريباً، ومن ضمنها الأغلبية وهي ليست المؤيدة لحماس،  تدعم المقاومة بالرغم من الخسائر الفادحة بين المدنيين.

ومع ذلك فبعد انقضاء هذه الفترة لم تفقد هذه الجماهير فقط احتمالها للمعاناة بل أيضاً ايمانها بالمنطق السياسي لمد الحملة العسكرية وبمهارات حماس في التفاوض، ووصلت هذه الرسالة بالتأكيد إلى نشطاء حماس والجهاد الإسلامي وقادتهم.

سارع المتحدثون باسم حماس كما هو متوقع بتسويق وقف إطلاق النار على أنه انتصار على إسرائيل. إذا تنازلوا وتحدثوا، في الأسابيع المقبلة، عن إنجازات، سيكون هذا أكثر إقناعاً؛ حيث سيكون من الكافي اقتباس بعض الجرائد الإسرائيلية عن المفاجئات العسكرية التي أعدتها حماس وقدرتها إيجاد مواطن الضعف الإسرائيلية.

بالتأكيد يمكن لحماس ادعاء إنجاز دبلوماسي، فمصر تحدثت مباشرة إلى ممثلي حماس من أجل الحصول على موافقتهم على وقف إطلاق النار الحالي ولم يشارك ممثلو منظمة التحرير الفلسطينية بوفد المفاوضات المشترك في القاهرة في هذه الجولة الناجحة من المحادثات.

وقال مصدر رفيع المستوى في منظمة التحرير لـ”هاآرتس” إن أعضاء الوفد الذين لا ينتمون لحماس أو الجهاد الإسلامي لم يصروا حتى على البقاء في الصورة. وقد استوعبت حماس منذ مدة أن الإنقلاب ضد محمد مرسي في مصر خلق واقعاً جديداً وقلب التوقعات السياسية والإقليمية التي كانت تعتمد عليها رأساً على عقب.

لكن ما حدث هو أن حتى مصر، التي رفضت من قبل الحديث مباشرة مع منظمة هي جزء من الاخوان المسلمين، تفهم أن لا خيار آخر أمامها، فحماس هي منظمة سياسية رئيسية في الساحة الفلسطينية وإذا أرادت مصر أن تلعب دور الزعيم الإقليمي والسياسي لا يمكنها رفض حماس باعتبارها منظمة ارهابية يمكن سحقها.

بالرغم من كل شيء وبعد أكثر من 2100 قتيل من بينهم 518 طفل و296 امرأة، وفقاً لأرقام مركز الميزان لحقوق الإنسان، وأكثر من 10 آلاف مصاب وأكثر من 10 آلاف مبنى تم قصفه ودكه، من بينها حوالي 2800 تم تدميرهم بالكامل، كيف يمكن وصف اتفاقية لا تتضمن حتى بنداً هاماً طالبت به حماس في بداية الحرب، وهو ضمانات دولية بأن تنفذ إسرائيل التزاماتها وخاصة رفع الحصار، بأنها انتصار؟

رفع المتحدثون باسم حماس سقف التوقعات بمطالبتهم بـ”رفع الحصار”، وبالرغم أنه من المهم لحماس الحصول على ميناء ومطار إلا أنه أمر ذو أهمية ضعيفة لدى الجماهير. إدخال السلع إلى القطاع وخاصة المواد الخام ومواد البناء أمر إيجابي لكن الناس في غزة كانوا يتحدثون أكثر عن استئناف التواصل بين غزة والضفة وعن استعادتهم لحرية التنقل ليس فقط إلى خارج البلاد ولكن داخلها كذلك على الأقل في المناطق التي تم احتلالها عام 1967.

الفصل بين غزة والضفة الغربية، والذي يتعارض مع اتفاقية أوسلو ومع ذلك تعمق خلال مفاوضات أوسلو، ظل ركيزة للسياسة الإسرائيلية طيلة الـ21 سنة الماضية، بالإضافة إلى توسيع الاستيطان وانشاء جيوب فلسطينية في الضفة الغربية. إسرائيل لم تغير سياستها ومن الصعب التصديق بأنها سـ”ترفع الحصار” وقفاً للتوقعات المنطقية جداً للفلسطينيين.

لكن جولة أخرى من الصراع غير مرجح حدوثها في المستقبل القريب، فقدرة حماس على إعادة التسلح محدودة.

السؤال الآن هو ما إذا كانت حماس وفتح تقدران على تجاوز النفور المتبادل بينهما والنجاح في خلق استراتيجية وتكتيكات سياسية مشتركة ستحررهما، من ناحية، من روابط اتفاقية أوسلو وبدء حملة دبلوماسية وقانونية جادة إلى جانب المقاومة الشعبية، ومن جانب آخر ستمنع أية منظمات منفردة من فرض خيار عسكري على البقية.

* أميرة هاس. كاتبة اسرائيلية مولودة في 1956 لأبوين من الناجين من   الهولولكست، وهي معروفة بتعاطفها مع الحق الفلسطيني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى