مجتمع

ختان الإناث والقلة المحظوظة

 تكتب الحقوقية منى الطحاوي في نيويورك تايمز عن مشكلة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية العصية على الحل حتى الآن في مصر.

1117OPEDlevit-master495

منى الطحاوي – نيويورك تايمز

ترجمة – محمود مصطفى

أنا امرأة مصرية عمري 47 عاماً وأنا من بين القلة المحظوظة من مواطناتي ممن  لم تقطع أعضائهن التناسلية باسم “الطهارة” والتحكم في حياتنا الجنسية.

تقول أرقام الحكومة المصرية إن نسبة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية بين النساء من عمر 15 إلى 49 هي 91% وبين المراهقات من سن 15 إلى 17 هي 74% وتقدر منظمة اليونيسيف أن من بين 125 مليون امرأة حول العالم تعرضk لقطع أعضائهم التناسلية في 29 دولة تسود فيه الممارسة أكثر من غيرها، معظمها في أفريقيا والشرق الأوسط، ,خمسهن يعشن في مصر.

بعيداً عن النشطاء المصريين الذين لا يكلون والذين حاربوا لسنوات من أجل القضاء على هذه الممارسة، فإن قليلين من الآخرين من يتحدث  عن الممارسة التي لا تجلب سوى الأذى لكثير من الفتيات والنساء. في كتبها، وثقت النسوية نوال السعداوي خبرتها الشخصية في قطع أعضائها التناسلية بسن السادسة وحملتها المثابرة ضد الممارسة التي يقوم بها المسلمون والمسيحيون في مصر.

لكن لماذا لا تتحدث نساء بارزات أخريات ويشاركن تجربتهن الخاصة في النجاة من قطع الأعضاء التناسلية؟ الصمت له كلفة هائلة.

اعتبرت العديد من المعاهدات الدولية تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية انتهاكاً لحقوق الإنسان للفتيات والنساء وفي 30 أكتوبر أعلن أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون حملة دولية لإنهاء هذه الممارسة خلال جيل.

منعت مصر هذه الممارسة لأول مرة عام 1959 ثم سمحت بها مرة أخرى ببعض الأشكال. عندما استضافت مصر مؤتمر الأمم المتحدة للسكان عام 1994 أحرجها تقرير لـ”سي إن إن” عرض عملية القطع بالرغم من الإدعاءات الرسمية بأن الممارسة لم تعد موجودة.

سمحت الحكومة وقتها بالقطع “الطبي” للأعضاء التناسلية، وفيه تتم الممارسة في بيئة طبية أو من بواسطة طبيب، إلى العام 2008 عندما فرض حظر عالمي على الممارسة بعد وفاة فتاة عمرها 12 عاماً في 2007 بعد إجراء الممارسة في عيادة.

الأسبوع القادم وفي أول محاكمة منذ تم تمرير القانون، سيحاكم والد فتاة عمرها 13 عاماً، سهير الباتع، توفيت خلال إجراء الممارسة بعد حدوث ردة فعل حساسية للبنسيلين والطبيب الذي قام بالجراحة وسيحكم عليهم يوم 20 نوفمبر. ويبدو أننا نهتم فقط عندما يقتل تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية الفتاة وإلا فنحن نتجاهله بهدوء.

يشار في بعض الأحيان إلى الممارسة خطئاً باعتبارها ختاناً ووفق منظمة الصحة العالمية “يشمل تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية الممارسات التي تنطوي على إتلاف تلك الأعضاء أو إلحاق أضرار بها عن قصد وبدواع لا تستهدف العلاج.”

ليس للممارسة أية منافع صحية، فنحن نقطع أجزاءاً سليمة تماماً من الأعضاء التناسلية لبناتنا لأننا مهووسون بعذرية الأنثى ولأن حياة النساء الجنسية تابوو.

يُعتقد أن القطع يقلص من الرغبة الجنسية للفتاة وتعتقد العائلات أن بناتهن لن يصلحن للزواج إلا إذا تعرضوا لهذه الممارسة.

إحدى الطبيبات  المصريات المختصات في أمراض النساء   قالت لي أن كل مريضاتها في عيادة مستشفى جامعي تعرضن لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية و70% منهن كانت الممارسة التي تعرضن لها في “مكان خاص”. وتقول الادلة غير المؤكدة إلى أنه كلما كانت المرأة أفضل تعليماً كلما تناقصت احتمالية تعرض بناتها لقطع الاعضاء التناسلية.

في تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” بالتزامن مع المحاكمة الجارية في مصر قالت قابلة (داية) إنه بالرغم من الحظر فإن لديها قائمة انتظار من الأمهات اللاتي يردن لبناتهن القطع، وقالت صحيفة الجارديان إن الكثيرين في القرية التي عاشت فيها سهير الباتع يعتقدون أن القطع من الإسلام.

اقرأ: أسرة قتيلة الختان: إيه ذنب الدكتور؟  دي إرادة ربنا

أعلن مفتي الديار المصرية إن الممارسة ليست إسلامية في 2007 لكن بعض الأئمة المحليين يصر على نسبة الممارسة إلى حديث للنبي محمد. في مختلف أنحاء أفريقيا يمارس المسيحيون والوثنيون هذ التقليد كذلك.

لم يفعل الحظر المصري في 2008 الكثير للتخلص من هذه الممارسة وهو الحظر الذي يفرض عقوبات تصل للسجن سنتين أو غرامة تصل إلى 5 آلاف جنيه مصري (حوالي 700 دولار أمريكي).

ازداد القطع “الطبي” في العشرين سنة الماضية ليرتفع من نسبة 55% إلى 77%، وعندما حاورت امرأة بعمر 53 عاماً تعرضت للممارسة في القاهرة من أجل تقرير وثائقي لراديو “بي بي سي” حول النساء في الشرق الأوسط قالت لي “يجب أن ينفذ لأن هذه هي الطريقة للحفاظ على طهارة الفتيات وللتأكد من أنهن لن يخرجن عن الطوع. نحن لا نهتم بكونه ضد القانون أو إذا كانوا يحاولون وقفه. نحن نعرف أطباءاً يرغبون في الإستمرار وفعلوا هذا.”

القوانين ليست كافية، البلدان التي نجحت في تخفيض معدل تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، مثل السنغال، استخدمت طرقاً متنوعة مثل “طقوس عبور” بديلة للأنوثة وحملات يصرح فيها الزوجات والأزواج الجدد بأنهم يرفضون هذه العادة وإدماج الكهنة ورجال الدين.

يمكن لمستويات تعليم أعلى وانتقال الأسر لمدن كبيرة وفي بعض الأحيان وفاة رب الأسرة أن يحدث فارقاً وبعض هذه العوامل ساعد عائلتي على إنهاء هذه الممارسة.

يجب أن لا تحمل الأمهات بمفردهن اللوم فهن يخضعن بناتهن لنفس الأذى والألم الذي خبروه بأنفسهن لأنهن يفهمن ما هو مطلوب من بناتهن لأجل أن يتزوجن. يجب أن يتعلم مجتمعنا التوقف عن معاملة الفتيات بوحشية باسم التحكم في الرغبة الجنسية.

نحتاج على الأقل إلى اعتراف بأن إنهاء تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية هو جزء من ثورة “العدالة الإجتماعية والكرامة الإنسانية” التي بدأت في مصر في يناير 2011، وسنتمكن من حماية بناتنا بشكل أفضل عندما ندرك أن هتافات ثورتنا هذه هي مطالب أساسية من أجل حرية تقرير المصير والقبول، للجميع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى