اقتصادسياسة

الإيكونوميست: الاقتصاد المصري يظهر “علامات حياة”

الإيكونوميست: الاقتصاد المصري يظهر علامات حياة

نتيجة بحث الصور عن ‪Egypt’s economy shows signs of life‬‏
أسوشيتد برس

الإيكونوميست
ترجمة: فاطمة لطفي

الدواء المر بدأ يؤتي بنتائج.

بدأ الدواء المرّ يحقق نتائج في أوقات بدا فيها أن الرئيس عبدالفتاح السيسي، الزعيم الاستبدادي، يخسر سحره. أخبر السيسي المصريين -عندما وجد نفسه في مواجهه اقتصاد متداعٍ- أن عليهم تقديم تضحيات، وأن لا يأكلوا أو يناموا إذا لزم الأمر، وقال إنه يمكنهم التبرع له بـ”الفكة” أيضًا.

لكن يبدو أن التفتيش عن قروض ليس كافيًا لتغيير مسار اقتصاد أعياه الاضطراب السياسي، وقطاع سياحي بات يخيف السياح والمستثمرين الأجانب. وعلاوة على ذلك، وبينما كان السيسي يحث مواطنيه على ربط الأحزمة، كان يهدر هو مليارات الدولارات من مساعدات دول الخليج لمصر، على الدعم وللحفاظ على العملة المصرية المغالى في تقييمها. يمكن رؤية فشل هذه السياسات في مجموعة من الأرقام: عجز مالي كبير يصل لـ12% من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي، وارتفاع في الدين العام بنسبة (101% من الناتج المحلي الإجمالي)، فضلًا عن نسبة البطالة التي تتخطى 12%.

وتوجد إشارات بأن السيسي بدأ في إعادة مصر إلى مسار اقتصادي أكثر اتزانًا. ولأجل الحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق لنقد الدولي العام الماضي، رفعت حكومته سعر الوقود والكهرباء المدعمين، كما فرضت ضرائب جديدة وحررت سعر صرف الجنيه.

وأحدث تعويم العملة ترنحا مزعجا فقدت فيه العملة 50% من قيمتها. وعاد الجنيه ليصعد من جديد في فبراير ومن ثم تراجعت قيمته مرة أخرى. ورغم أن العلاج كان مرّا، بيد أنه كان ضروريا لاجتذاب المستثمرين الأجانب داخل السوق المصرية، بالإضافة إلى بيع 4 مليارات دولار من سندات الدين الحكومية في يناير الماضي، فضلًا عن تضاعف قوة الشراء الأجنبية لسندات الخزانة المصرية في نفس الشهر. ويعكس الإقبال على الاستثمار في مصر جزئيًا طلبًا أوسع على شراء ديون الأسواق الناشئة، لكنه أيضًا إشارة واضحة على تزايد الثقة في الاقتصاد المصري.

هذا التغير في المزاج شعر به أيضًا المصريون العاملون في الخارج. شكلت التحويلات المالية 7% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2012، وانخفضت في الخمسة أعوام الأخيرة حيث كان يفضل الناس الاحتفاظ بالعملة الأجنبية بدلًا من إرسالها لبلادهم وتحويلها إلى جنيهات، ومنذ تعويم العملة، عادت التحويلات إلى الارتفاع مرة أخرى.

وتحفز العملة الأضعف النمو، وإن كان تدريجيًا، في قطاعي التجارة والسياحة. زادت الصادرات غير البترولية بنسبة 27% في يناير مقارنة بالعام الذي سبقه. ويزيد الكسب من الصادرات جنبًا إلى جنب مع القروض الجديدة من صندوق النقد الدولي وغيرها من الموارد، من احتياطات العملة الأجنبية للبلاد. في فبراير، وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2011، مبشرةً بتخفيف نقص الدولار الذي عطل الشركات المصرية. لكن يرى رجال الأعمال أنه لا يزال من الصعب الحصول على الدولارات التي يحتاجونها، وأن الحكومة لا تزال تسدد المتأخرات من التسديدات المؤجلة لشركات النفط وغيرها من الشركات متعددة الجنسية.

ولكن حتى مع احتفال المصدرين (بانخفاض العملة)، وتحديات الشركات التي تعمل في السوق المحلية، فإن مقياس مدى صحة الاقتصاد المحلي “مؤشر مديري المشتريات” من مؤسسة معهد إدارة المشاريع – بنك الإمارات دبي الوطني”. يشير إلى أن الأنشطة الاقتصادية التي يقوم بها القطاع الخاص في حقل النفط تقلصت لمدة 17 شهرًا متتابعًا، رغم أن الأرقام الرسمية تظهر أن الاقتصاد إجماليًا (بينها النفط والدولة) ينمو. أحد الأسباب وراء النمو الإجمالي أن جهود الحكومة في خفض الدعم جعلت المصريين ينفقون نسبة أكبر من إجمالي دخولهم على الوقود والكهرباء، ولا يتبقى لهم سوى القليل لتلبية احتياجاتهم الأخرى.

وتؤدي العملة الضعيفة أيضًا إلى ارتفاع أسعار الواردات وتزيد من معدل التضخم الاستهلاكي. ولا يزال الروتين الرسمي يقلق الشركات، رغم أن الحكومة سبق وأن وعدت بتسهيل ممارسة الأعمال، على سبيل المثال من خلال تسهيل الحصول على تراخيص وتصاريح افتتاح مصانع.

وكفاح شركة “جهينة” نموذجي في هذه الحالة، حيث انخفضت أرباحها بنسبة 34% في الربع الثالث من عام 2016 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2015. وتخطط الآن لزيادة أسعارها وخفض الاستثمار. يلقي سيف الدين ثابت، المدير التنفيذي للشركة باللوم في كل هذه الصعوبات على “الركود الاقتصادي والقوى الشرائية المنخفضة للمستهلكين”.

ومع ذلك، يوجد ما يشير إلى اقتراب حدوث تعافٍ موسع. تشجع العملة الضعيفة بعض المصنّعين، مع تحوّل المستهلكين من الواردات باهظة الثمن إلى البدائل المحلية الأقل تكلفة. في يناير انخفض العجز التجاري المصري بنسبة 44% عن العام الذي سبقه.

لكن هذه المنافع لم تصل حتى الآن للمصري العادي. يقول أشرف محمد، حلاق من العجوزة: “نسمع عن التحسن على شاشات التليفزيون ونقرأ عنه في الصحف، لكن على الأرض، لا شيء يتحسن”. قفز معدل التضخم في يناير إلى 28%. وسيظل مرتفعًا على الأغلب إذا خفضت الحكومة الدعم وزادت الضرائب هذا العام، كما تخطط. أسعار المواد الغذائية ارتفعت فجأة، كما لم تعد منتجات أخرى متوفرة. يتابع محمد، المصاب بمرض السكري، أن “بعض الأدوية التي استخدمها اختفت لفترة”. ويتابع “بينما الآن هي متاحة، لكن بأسعار مرتفعة عما كانت عليه”.

المظاهرات التي أطاحت بحسني مبارك، الذي حكم مصر من 1981 إلى 2011، طالبت بالعدالة الاجتماعية، لذا ربما يكون السيسي حذرًا من أن يعرض المصريين إلى المزيد من الألم. وأحجمت حكومته في السابق عن الإصلاحات وربما تفقد أي شعور بالحاجة الملحة عندما يبدأ حقل غاز زهر في الإنتاج نهاية هذا العالم. لكن يتابع كل من المستثمرين الأجانب والمؤسسات عن كثب أي علامة للتراجع، كما سيستعرض صندوق النقد الدولي الأمور قبل إرسال المزيد من النقود لمصر هذا العام. قالت كريستين لاجارد، مديرة صندوق النقد، الشهر الماضي “نشهد تقدمًا جيدًا”.

يقول أشرف محمد: “المصريون أكثر يقظة الآن. لا ألوم الحكومة لالتماسها الطريق الأصعب، وفي نفس الوقت، كان يجب أن يأخذوا الفقراء بعين الاعتبار”. لكن محمد مع ذلك، متأكد أن الأوضاع ستتحسن، حتى وإن حدث ذلك ببطء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى