سياسة

فورين بوليسي: السيسي يضحّي بإيطاليا خوفا من الشرطة

فورين بوليسي: السيسي  يضحّي بإيطاليا خوفا من الشرطة

CAIRO, EGYPT - JANUARY 28:  A riot policeman fires tear gas at protestors in front of the l-Istiqama Mosque in Giza on January 28, 2011 in Cairo, Egypt. Thousands of police are on the streets of the capital and hundreds of arrests have been made in an attempt to quell anti-government demonstrations.  (Photo by Peter Macdiarmid/Getty Images)
CAIRO, EGYPT – JANUARY 28: A riot policeman fires tear gas at protestors in front of the l-Istiqama Mosque in Giza on January 28, 2011 in Cairo, Egypt. Thousands of police are on the streets of the capital and hundreds of arrests have been made in an attempt to quell anti-government demonstrations. (Photo by Peter Macdiarmid/Getty Images)

فورين بوليسي – SIOBHÁN O’GRADY

ترجمة: فاطمة لطفي

في الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير، ترك طالب الدراسات العاليا الإيطالي جوليو رجيني، شقته بالقاهرة لمقابلة بعض الأصدقاء؛ ولم يعد بعدها أبدًا. استلزم الأمر من مصر أن تنتظر حتى الثالث فبراير لتعلن أنها وجدت جثته ملقاه وعليها آثار تعذيب واضحة، في طريق القاهرة الأسكندرية، على مشارف العاصمة المصرية.

وعلى مدار شهرين ونصف بعد وقوع الحادث، تجادل المسئولون المصريون والإيطاليون حول سبب وفاة ريجيني ومدى صحة تحقيقات القاهرة حول الجريمة. في البداية، قالت السلطات المصرية أنها كانت حادثة سيارة، وبعدها ادّعوا أنه هجوم عصابي. لكن السلطات الإيطالية أصرت على تورط قوات الأمن المصرية في مقتل ريجيني.

في فبراير، علق وزير الخارجية المصري سامح شكري لـ فورين بوليسي، على مزاعم السلطات الإيطالية حيث قال أن في هذا “خلط تام”.

الأسبوع الماضي، أرسلت مصر وفدًا مفوضًا إلى روما في محاولة للتوصل إلى اتفاق مشترك بشأن كيفية استكمال التحقيقات، لكن المحادثات بين الجانبين تعطّلت بسبب إحجام القاهرة عن تسليم سجلات الهاتف الخاصة برقم ريجيني الشخصي أو تسمية أحد المشتبه بهم في القضية.

لم تنته المحادثات على نحو جيد؛ فظهيرة الجمعة، سحبت روما سفيرها في مصر “ماوريزيو ماساري”.

وقالت وزارة الخارجية الإيطالية في بيان لها أن السفير سيعود إلى روما لبحث كيفية التأكد من حقيقة الجريمة الوحشية التي قتل على إثرها جوليو ريجيني. كان استدعاء “ماساري” هو الحلقة الأخيرة في علاقات مصر الخارجية الكارثية في الأشهر الأخيرة؛ في سبتمبر الماضي، قامت أجهزة الأمن المصري عن غير قصد بقصف مجموعة من السائحين المكسيكين أسفرت عن مقتل 12 شخصًا. وبعدها بأقل من شهرين، تبنّت داعش إسقاط الطائرة الروسية في شبه جزيرة سيناء، وهي الحادثة التي أدت إلى مقتل 224 شخصًا وهم كل من كانوا على متن الطائرة.

إريك تراجر، الخبير في شئون مصر، وزميل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أخبر فورين بوليسي أن عودة السفير الإيطالي، إلى روما سيكون له أثرًا سلبيًا كبيرًا على مصر؛ وهذا لأن الدبلوماسية الإيطالية كانت دائمًا الراعي الفعلي للاتفاقيات و الاستثمارات (الإيطالية)  في مصر. بالإضافة إلى أن الشركة الإيطالية ” إيني” الوكالة الوطنية للمحروقات، هي التي تتولى عمليات تحسين استكشاف الغاز الطبيعي في المياه الإقليمية، الأمر الذي يجلب لمصر ثروات ضخمة.

أكمل إيريك: “السماح للأزمة بأن تتفاقم إلى هذا الحد لن يمثل خسارة دبلوماسية للقاهرة بمغادرة السفير الإيطالي وفقط؛ بل يبدو النظام المصري الحالي في طريقه لخسارة دولة صديقة.”

تضحية وخوف

استعداد مصر للتضحية بهذه العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع حليف رئيسي كإيطاليا يؤكد عمق الارتباك وضعف استقرار حكم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لبلده.  حيث على وزير الدفاع السابق أن يواجه أو يتهم علنًا الشرطة المصرية بارتكاب هذه الجريمة الوحشية، والتي قال عنها تراجر: ” كل الاحتمالات تشير إلى تورط أجهزة الأمن في ارتكاب هذه الجريمة.” مما يعني المخاطرة بأن ينقلب عليه ضباط شرطته.

يردف تراجر: “الرئيس المصري مزعزع وغير واثق إلى درجة تجعله في أمس الحاجة لأن تحميه الشرطة في حالة قيام انتفاضة جماهيرية أخرى ضده. حيث تولى السيسي السلطة بعد الانقلاب الذي أدى إلى إسقاط الرئيس المنتخب محمد مرسي عام 2013.

وأضاف تراجر: “هي حكومة استبدادية بالفعل. وكل ما يعنيهم هو الاستمرار في السلطة، وأي شيء آخر معناه نهايتهم جميعًا.”

في لقائه بمحرري فورين بولسي في وقت سابق من هذا العام، نفى وزير الخارجية المصري أن تكون أجهزة الأمن المصرية وراء جريمة القتل المروعة. لكن السفارة المصرية لم تستجب لطلب الحصول على تعليق منها يوم الجمعة الماضي.

وتزامن اختفاء ريجيني وإنكار السيسي وجود علاقة بين قوات الأمن المصرية ومقتل الطالب الإيطالي مع حملة واسعة النطاق على الصحفيين والنشطاء في مصر الذين يوثقون حالات التعذيب والاختفاء القسري.

ريجيني نفسه كان كاتب بدوام جزئي قبل مقتله؛ حيث كتب تحت اسم مستعار مقالات حول حقوق العمال المصريين في جريدة إيطالية. قال تراجر أن مصر حاولت أن تصنف مقتل ريجيني ضمن مزاعهما المتكررة حول انتقاد المجتمع الدولي واستهدافه لمصر أكثر من الدول الأخرى، لا سيما فيما يتعلق بحربها على الإرهاب.

قال تراجر أن هذا يتضح من خلال اعتقاد المصريين أنه من المثير للشكوك ظهور جثمان ريجيني في الأسبوع نفسه الذي أتى فيه وفد من رجال أعمال إيطاليين إلى القاهرة.

وينهي قائلًا: “يبدو أن هذا النظام الذي يفتقر للذكاء، سيستمر في الحديث كما هي عادته، عن نظريات المؤامرة على مصر، دون أي جديد.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى