سياسة

نيويورك تايمز: هكذا رضخ “بان كي مون” للضغط السعودي

نيويورك تايمز: بان كي مون أظهر حدود سلطاته بالرضوخ للضغط السعودي

نيويورك تايمز- سيموني سينجوبتا

ترجمة: محمد الصباغ

الاعتراف الصريح من السكرتير العام، بان كي مون، يوم الخميس بأنه أُجبر على رفع اسم التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن من القائمة السوداء للجيوش التي تقتل وتنتهك الأطفال، يلقي بالضوء على الحدود الأخلاقية والسياسية لسلطته -هو درس واضح لأي شخص سيخلف بان كي مون في العام المقبل.

وقال بان كي مون للصحفيين إنه تلقى تهديدًا بخسارة المنظمة لأموال تمويل عمليات الإغاثة لفلسطين، وجنوب السودان وسوريا، وذلك في حالة عدم رفع اسم التحالف السعودي من القائمة.

اتهم التحالف بقصف الأهداف المدنية والعسكرية دون تمييز خلال المعركة ضد المتمردين الحوثيين في اليمن، وذلك لأكثر من عام، ونفى التحالف المدعوم من الولايات المتحدة باستمرار تلك المزاعم.

وأصدر مكتب بان كي مون تقريرا الأسبوع الماضي حول انتهاكات لحقوق الأطفال في مناطق الحروب، وأشار إلى الهجمات القاتلة للتحالف التي طالت المدارس والمستشفيات. وعلى الرغم من ذلك، تم رفع اسم التحالف من القائمة، بعدما ضغطت السعودية وبعض حلفائها الأثرياء الممولين لعمليات الإغاثة الإنسانية بالأمم المتحدة.

وقدم بان كي مون توضيحا الثلاثاء، قائلًا: ”كان عليّ أن أضع في الاعتبار ملايين الأطفال الآخرين الذين قد يعانون بشدة، لو توقفت تلك الدول عن تمويل برامج الأمم المتحدة.“

وبمعايير الحديث الدبلوماسي الهادئ، وجه توبيخا مباشرا على غير معتاد، فقال: ”من غير المقبول من الدول الأعضاء أن تمارس ضغوطا لا مبرر لها.“ من جانبه نفى مبعوث المملكة إلى الأمم المتحدة وجود ضغوط.

يختتم بان كي مون فترة ولايته التي دامت لعشر سنوات، وبدأت القوى الكبرى في المفاوضات حول خليفته ومدى استقلاليته أو استقلاليتها.

بشكل متكرر تواجه الأمم المتحدة وسكرتيرها العام ضغوطا سياسية كبيرة من الدول الصغيرة والكبيرة، وفي ولاية بان كي مون كان هناك عدد من التسويات المحرجة.

خلال العام الماضي، عكس بان كي مون موقفه من قائمة الجيوش والعصابات التي تنتهك حقوق الأطفال في الحروب. في هذا المثال، أوصت ممثلته الخاصة عن حقوق الأطفال والصراع المسلح، ليلى زيروجي، بوضع الجيش الإسرائيلي وحماس في القائمة لدورهما في قصف المدارس والمستشفيات وخرق القوانين الدولية خلال حرب الخمسين يومًا بقطاع غزة عام 2014.

تم استشارة إسرائيل قبل إصدار التقرير، وضغط الدبلوماسيون الإسرائيليون والأمريكيون بشكل كبير ضد وضع اسم إسرائيل بالقائمة. وفي النهاية، تم رفع اسم كل من حماس وإسرائيل. ورفض بان كي مون الإجابة عن أسئلة الصحفيين في ذلك التوقيت، تاركًا الأمر لزيروجي، توضح أسباب التعديل.

حاول بان كي مون تجنب المخاطر خلال عامه الأخير، لكنه تراجع عن قرارات مرارًا وتكرارا.

في مارس، وفي زيارة نادرة إلى معسكر لتسكين اللاجئين من الصحراء الغربية، استخدم بان كي مون لفظ ”الاحتلال“ في إشارة إلى ضم المغرب عام 1975 لتلك المنطقة، والتي يزعم الصحراويون أنها ملك لهم. وكان رد فعل الحكومة المغربية بطرد عشرات من موظفي الأمم المتحدة، للضغط على قوات حفظ السلام هناك.

تمتلك المغرب حليفًا قويًا وهي فرنسا، التي تمتلك حق الفيتو في مجلس الأمن، مما قد يساعد في توضيح صمت الأمم المتحدة وعدم محاولتها إقناع المغرب بالتراجع عن قرارها. وجعل ذلك بان كي مون بمفرده، وفي خلال أيام، اضطر المتحدث باسمه أن يسحب كلماته.

قال المتحدث، ستيفان دوجاريتش: ”نشعر بالأسف على الفهم الخاطئ وتبعاته التي أثارها هذا التعبير الشخصي عن المواساة.“

ربما كانت اللحظة الأغرب لبان كي مون حينما سعى للتصرف بشكل مستقل عن الولايات المتحدة. في يناير 2014، وجه دعوة لإيران لحضور مفاوضات الأمم المتحدة حول سوريا، لكن المسؤولون الأمريكيون نصحوه بسحب تلك الدعوة، وفقًا لقاءات مع دبلوماسيين في ذلك التوقيت.

وبعد يوم من دعوته العامة، وقف أمام الإعلام وقال إن إيران لن يكون بمقدورها الحضور. وكانت معارضة الخارجية الأمريكية واضحة تمامًا، وطالبت في البداية إيران بقبول شروط تعرف مسبقًا أنها غير مقبولة لطهران. وحينها قال أحد معاوني بان كي مون إنه شعر بالخيانة.

وعند سؤاله عن اعتراف كي مون بالضغط السعودي، قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، مارك كي تونر: ”نتفق مع السكرتير العام أن الأمم المتحدة يجب أن يسمح لها بالقيام بمسؤوليتها وواجباتها، دون خوف من التهديد بمنع الأموال.“

وحول الضغوط الأمريكية والتهديد بقطع التمويل للأمم المتحدة، قال تونر: ”أنا على علم بسجلنا الخاص.“

أعلن 11 شخصا إلى الآن نيتهم الترشح لخلافة بان كي مون بعد نهاية ولايته مع آخر هذا العام. ومن المتوقع أن تعلن أسماء أخرى اسمها خلال الأسابيع المقبلة.

واستخدم موجينز ليكيتوفت، رئيس الجمعية العامة، والذي أقام أول جلسة استماع للمرشحين من قبل، كلمات ”الاستقلالية“ و”الشجاعة“ لوصف السكرتير العام القادم.

ربما يكون ذلك غير واقعي. فالأمر في يد الدول الخمسة الدائمين بمجلس الأمن في ما يخص اختيار الرئيس القادم للمنظمة، وفي حين قال كثيرون منهم إنهم يريدون سكرتيرا عاما قويا، تجنبوا المطالبة بشخص مستقل.

قال بان كي مون إنه سيراجع تلك المزاعم التي أطلقها ممثلوه بأن التحالف السعودي ينفذ هجمات دون تمييز ضد الأطفال. وبشكل خاص، يقول دبلوماسيون إن مثل تلك المراجعات قد تستمر إلى أن يتبخر الأمر من ذاكرة الرأي العام.

أصرت السعودية على نفي مزاعم ممارستها أي ضغوط. وقال عبد الله المعلمي، السفير السعودي بالأمم المتحدة في مكالمة هاتفية: ”لا، بالطبع لم يحدث. ليس أسلوبنا ولا ثقافتنا. ليس من تقاليدنا ممارسة التهديدات.“

وأضاف أنه التقى نائب السكرتير العام بان كي مون، ويدعى يان إيلياسون، دبلوماسي سويدي وعبر عن مخاوفه حول إدراج اسم التحالف بالقائمة. وقال إنه أخبر إيلياسون: ”قد يكون لذلك تأثير سلبي على العلاقات بين السعودية والأمم المتحدة.“

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى