ترجماتثقافة و فن

بن سلمان في هوليوود: من يستفيد من “ثورة الأفلام” في المملكة؟

“هوليوود ريبورتر”: روبرت مردوخ نظم سهرة بن سلمان في هوليوود وحضرها رجال بارزون

بينما “افتتِنت” هوليوود بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وفقًا لتعبير مجلة “هوليوود ريبورتر” الأمريكية، اتضحت حقيقة أن ستوديوهات التصوير والمواهب العالمية تتنافس على اللحاق بموقع في سوق الأفلام المشحونة سياسيًا والتي يتنامى حجم التجارة فيها حتى وصل إلى مليار دولار أمريكي سنويًا.

اتجه ابن سلمان، مع حاشيته التي احتلت أجنحة فندق “بيفرلي هيلز فور سيزونز” بالكامل، إلى هوليوود الأسبوع الماضي، كجزء من جولة ولي العهد “العاصفة” في الولايات المتحدة.

تضمن جدول الزيارة إلى عاصمة السينما العالمية سهرة مليئة بالنجوم في الثاني من أبريل، نظّمها رجل الأعمال روبرت مردوخ، رئيس مجلس إدارة شبكات “فوكس نيوز”، وحضرها عدد من أشهر رجال الإعلام بالولايات المتحدة مثل بوب إيجر الرئيس التنفيذي لشركة ديزني، إلى جانب رجل الأعمال الشاب أري إيمانويل والذي اشترى ابن سلمان عن طريق “صندوق الثروة السيادية” السعودي سهمًا بقيمة 400 مليون دولار أمريكي في شركته “إنديفور”.

ولم يُعلن عقب هذه الزيارة سوى توقيع شركة “سيرك دي سوليه” الترفيهية اتفاقية لتقديم عرضها الأول للسيرك في المملكة السعودية، لكن زيارة الأمير لهوليوود تزامنت مع الأنباء التاريخية التي أفادت بأن دور  AMC للعرض السينمائي قد فازت بأول رخصة لإنشاء دور عرض في السعودية، وأنه يُنتظر افتتاحها في الثامن عشر من أبريل الجاري، ليكون ذلك أول كسر عملي لحظر دور العرض العامة منذ 35 عامًا بعدما تم رفعه رسميًا في ديسمبر الماضي.

الصحيفة تعتبر أن الإصلاحات الثقافية السعودية لا بد أنها ستؤثر بشدة على بلد متعطش للسينما يبلغ تعداده 32.3 مليون نسمة، منهم 70% تحت سن الثلاثين، بما يقدم فرصًا هامة للصناعة حتى في ظل ما تواجهه الإدارة السعودية من انتقادات حول ممارساتها في مجال حقوق الإنسان. هكذا تكون السعودية آخر الأسواق العظمى غير المُستغلة في صناعة السينما، لتصبح مقصدًا لعدة أطراف مستفيدة توجزها الصحيفة في ست نقاط.

  1. ستكون لهوليوود اليد العليا

الفيلم الأول الذي سيُعرض بالمملكة ليكسر حظر السينما هو الأمريكي Black Panther (النمر الأسود)، يتبعه مباشرةً فيلم Avengers: Infinity War (المنتقمون: حرب لا نهائية)؛ وهو ما يدل بلا شك على أن هوليوود ستلعب دورًا هامًا في مستقبل الفيلم بالسعودية. وفي ظل الترجيحات بألا تظهر البلاد نفسها على الشاشة بالقدر الكافي خلال السنوات القليلة الأولى من العرض السينمائي بها، حيث يحاول موزعو الأفلام تلبية الرغبات المكبوتة لدى الجمهور السعودي، يتوقع أحد الموزعين الإقليميين أن الموزعين “لن يعطوا مساحة إلا لعرض الأفلام ضخمة الإنتاج مرتفعة القيمة الفنية”.

واقترح بعض المحللين بمجال السينما أن السوق السعودية غير المطروقة ستصل مبيعات تذاكر السينما فيه إلى مليار دولار أمريكي، لتصبح العاشرة بين أكبر أسواق السينما في العالم، وكمثل شباك التذاكر في الدول الأخرى بالإقليم فمن المحتمل أن تهيمن الأفلام الأمريكية على الشباك السعودي.

  1. بوليوود أيضًا يمكنها لعب دور هام

لا يتوقع أن تجنب هوليوود وحدها ثمار انتهاء هذا الحظر السينمائي؛ حيث يُقدَّر عدد الهنود المقيمين بالمملكة السعودية بحوالي 4.1 مليون نسمة، أي 13% من القيمين بالمملكة، مما يجعلهم أكبر جالية من المغتربين. في الإمارات العربية المجاورة، حيث يهيمن الهنود بنسبة 27% من المقيمين، أصبحت عاصمة السينما الهندسة بوليوود قوة نامية في السوق السينمائية.

في العام الماضي تربعت الأفلام الهندية على قمة شباك التذاكر الإماراتي لمدة ثماني أسابيع، حيث اشتدت المنافسة بين الفيلم الهندي Baahubali 2: The Conclusion والأمريكي Guardians of the Galaxy Vol. 2 (حراس المجرة 2).

جيهيل ثاكار، أحد مالكي شركة “ديلويت إنديا”، قال إن هناك أيضًا نسبة معقولة من المغتربين بالمملكة من بلاد جنوب آسيا، مثل بنجلاديش وسريلانكا وباكستان، وهم جمهور مستهدف بالأفلام الهندية أيضًا. وأضاف ثاكار: “هناك احتمالية هائلة لصالح بوليوود، وفضلًا عن ذلك تتضمن المملكة مقيمين من دول أخرى مثل مصر تتابع السينما الهندية بقوة”.

  1. قد يجلب ذلك أنباء جيدة تحتاجها مجموعة “واندا” بشدة

المجموعة الصينية الكبرى “داليان واندا”، والتي تلقت مؤخرًا معونة مالية بمليارات الدولارات من منافستيْها بمجال التكنولوجيا “تينسنت” و”علي بابا”، يمكنها الاستمتاع بوقت لطيف في السعودية بفضل سلسلة دور العرض AMC التابعة لها والتي ستحتكر العرض في السعودية.

الموزع السينمائي السالف ذكره كان أول من أعلن أن “واندا” تبحث عن فرص بالمملكة السعودية، وها قد آتي هذا السلوك الاستباقي ثماره حيث تستعد الشركة لافتتاح أول دور عرض سينمائية بالبلاد وصرّح رئيسها التنفيذي آدم أرون أنها تخطط لفتح دور عرض أخرى تصل إلى 100 دار. ويأمل أرون في أن تهيمن AMC على نصيب يصل إلى حوالي 50% من سوق السينما السعودية، مضيفًا: “أيّ مكان آخر يمكنكم أن تجدوا فيه سوقًا سينمائية غير موجودة اليوم وستكون بحجم مليار دولار بعد خمس سنوات أو ما نحوها؟! أعتقد سنبيع الكثير من التذاكر”.

  1. العديد من السلاسل الدولية تدخل السوق السعودية

رغم أن AMC نجحت في اقتناص سوق السينما السعودية، فإن هناك الكثير من الأطراف الأخرى التي تنتظر دورها للمشاركة في هذه السوق؛ حيث علمت “هوليوود ريبورتر” أن السلسلة الإقليمية ” ڤوكس” التي تعمل بالإمارات ومصر لبنان وعمان ستلحق بالعملاق الأمريكي AMC سريعًا، وتنشئ أول دار عرض لها بالمملكة نهاية أبريل الجاري.

ورغم أن ” ڤوكس” لم تؤكد هذه المعلومة، فإن الشركة القابضة لها “ماجد الفطيّم” لديها مشاريع استثمارية للترفيه وتجارة التجزئة بقيمة 3.7 مليار دولار أمريكي في المملكة، وقالت إنها ستضطلع “بدور نشط في الثورة السينمائية للبلاد.

أيضًا الشركة الأوروبية الموزعة “فيو إنترناشيونال” قالت إنها تخطط لبناء ما يصل إلى 30 دار عرض متعددة المستويات، فيما قالت الشركة الخليجية “سينيسكيب” أنها تخطط لنشر 27 شاشة عرض في ثلاث مواقع بحلول نهاية 2018. وتستعد سلسلة الترفيه “آيبيك” للعمل بالمملكة لتلبية متطلبات المملكة من عروض الطبقة العليا.

  1. يمكن الآن لأبناء السعودية أن يتمتعوا بسينما يعتبرونها خاصة بهم

في الوقت الذي ستكون فيه صناعة السينما الناشئة في السعودية أحد أكبر للصناعات المستفيدة من الإصلاحات الثقافية، لا يزال صناع الأفلام من أبناء المملكة في وضع الحذر. محمود الصباغ، صاحب فيلم الدراما الكوميدية “بركة يقابل بركة” الذي عُرض أولًا بالعاصمة الألمانية برلين في 2016، يقول إن الإعلان عن تحويل السينما إلى مصدر للدخل القومي “تجاهلت” المنتج السينمائي المحلي حتى الآن.

يأمل الصباغ أن تتبع بلاده المسار الفرنسي في حقبة التسعينيات عن طريق “تخصيص حصة من الأفلام المعروضة للمنتج المحلي، أو فرض ضرائب على جميع الأفلام الأجنبية لصالح دعم إنتاج الأفلام المحلية”.

رغم هذه التخوفات، هناك مؤشر إيجابي هائل هو إنشاء “مجلس السينما السعودية” مؤخرًا، والذي يضم صندوقًا لدعم أفلام أبناء الوطن، والمسؤولة عنه هي المخرجة الشهيرة هيفاء المنصور صاحبة فيلمي “وجدة” و”ماري شيلي”، بصفتها عضو مجلس إدارة الهيئة العامة للثقافة.

  1. هل يُحتمل أن تفقد دبي تفوقها الإقليمي بهذا المجال؟

أصبحت مدينة دبي الإماراتية المقصد الرئيسي للسعوديين المتعطشين إلى السينما، بفضل وفرة دور العرض العصرية متعددة الطبقات بها، حتى أن أحد السياسيين الإماراتيين قال إن مئات الآلاف من السعوديين يتدفقون إلى دبي خصيصًا لمشاهدة الأفلام.

هذه السياحة معرّضة لأن تنضب أخيرًا حين يتجه السعوديون إلى السينمات القريبة منهم؛ لكن هذا قد يؤثر أيضًا على مكانة دبي السينمائية باعتبارها المركز الرئيسي الإقليمي للصناعة بفضل المهرجان السينمائي الدولي. علاء القرقوطي، من مركز السينما العربية بمصر، رأى أنه “إذا أطبقت المملكة السعودية مهرجانًا سينمائيًا، أو أنشأت صندوقًا لتمويل السينما، فستؤثر على مكانة دبي بلا شك”.

في الوقت نفسه، أشار القرقوطي إلى الفريق الماهر القائم على المهرجان الإماراتي والذي يحظى باحترام كبير في الوسط السينمائي، وإلى التركيز القوي على صناعة السينما في دبي، ليضيف: “سوق السينما في العالم العربي تتسع لمزيد من المهرجانات أيضًا”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى