إعلامسياسة

صحافة “بورنو القتل” ..بين الغرب والعالم الثالث

الصور المروعة والفيديوهات البشعة التي توصف بـ”بورنو القتل” ، تستخدم بطريقة ذات مكيالين بين الغرب والعالم الثالث

 

أليكساندر داونهام – شبكة الصحافة الأخلاقية

ترجمة – محمود مصطفى

تقول “رابطة أخبار الراديو والتليفزيون” إن الأشخاص مواضيع الأخبار يجب أن تتم معاملتهم بـ”احترام” و”كرامة”، إلا أن المحتوى الصادم جعل الصحفيين يعانون في أداء هذه المهمة خاصة عند تغطية قصص تحدث في الخارج.

يواجه الصحفيون بالفعل تدقيقاً محتملاً عند نشر محتوى صادم ويتم اتهامهم بنشر صور وفيديوهات وتسجيلات صوتية بشكل لا حق  لهم فيه في أزمات تحدث خارج العالم الغربي.

تحث الرابطة الصحفيين على استخدام المحتوى الصادم فقط عندما يساهم في فهم القصة بصرف النظر عن موقع حدوثها، وكتبت الرابطة “يمكن للصور القوية أن تساعد في شرح القصص بصورة أفضل ويمكنها تشويه الحقيقة بالتشويش على المحتوى المهم في التقرير.”

يعتقد بعض الملاك والصحفيون والنقاد أن القصص لا تحتاج إلى المحتوى الصادم لشرحها بشكل أفضل ويرون أن هذا النوع من المحتوى “للإثارة”. آخرون ينقلون انتقادهم إلى مستوى أعلى بقولهم إن هذه الإثارة تنطبق بشكل خاص على القصص التي لا تحدث في الغرب حيث المحتوى المزعج أصبح مستهلكاً ولا ينجح في إظهار “التعاطف مع ضحايا الجريمة أو المأساة.”

منذ زلزال 2010 في هايتي أصبح نشر المحتوى الصادم موضوعاً ساخناً. تحدثت فاليري باي-جان بابتيست، إحدى الناجيات من الكارثة إلى مجلة “أمريكان جورناليزم ريفيو” حول الصور التي التقطها الصحفيون.

“انتقادي هو حول نبرة الصور والفيديوهات غير الضرورية التي تظهر قطعاً من أجساد وأناساً محتضرين وأناس عراة وبؤس أو مآساة الناس المصطفين من أجل الحصول على طعام وماء. لنكن جديين، هل هذه القسوة ضرورية حقاً للحشد من أجل عمل إنساني ضخم؟” قالت بابتيست.

قتل الزلزال 230 ألفاً وأصاب ثلاثة ملايين وتسبب في خسائر مقدارها 14 مليار دولار وتظهر الكثير من الفيديوهات والصور جثثاً دامية مسجاة في شوارع العاصمة بوت أو برينس ومسحوقة تحت حطام المباني المتهدمة.

isis11

وتقول الكاتبة بصحيفة سياتل تايمز مانوتشيكا سيلستي كذلك إن هذه مشكلة تنطبق على العالم الثالث بشكل كبير وتعتقد بأن تغطية زلزال هايتي كانت “سخيفة”. وقالت سيلستي إنها كانت تأمل أن يحطم الحدث القوالب التي يوضع بها العالم الثالث؛ حيث أنها ترى إن تغطية الحدث في هايتي اهتمت بدلاً من ذلك بـ “العجز والخطر والفقر واليأس.”

الانتقادات التي تم توجيهها لتغطية الزلزال جعلت بعض المؤسسات الصحفية تعيد النظر في حدود استخدام المحتوى الصادم لكن آخرين قاوموا.

ميشيل مكنالي مساعدة مدير التحرير للتصوير في “نيويورك تايمز” أرسلت خمسة مصورين لتغطية هذه الكارثة الطبيعية ودافعت عن نشر صحيفتها لصور مزعجة بقولها “أراد المصورون أن يرى العالم ويعرف مدى فظاعة المأساة.”

مؤخراً تدعم الكثير من المطبوعات الصحفية آراء مكنالي  وبعد استخدام غاز الأعصاب في هجوم في سوريا في سبتمبر 2013 نشرت إحدى لجان الكونجرس الأمريكي فيديوهات مروعة لمدنيين سوريين يتقيئون ويتشنجون من أثر الغاز، واستخدمت “سي إن إن” اللقطات ودافع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري عن نشر المحتوى قائلاً إنه يجعل “الكل يستوعب ما نحن أمامه.”

إلا أنه من المشكوك فيه أن تلقى لقطات مماثلة لأمريكيين الدعم ذاته.

أندرو أليكساندر مسئول شكاوى القراء بصحيفة واشنطن بوست علق على استخدام المحتوى الصادم في المقالات متسائلاً عما إذا كان موقع الحدث يؤثر على قرار محرر الصور بنشر لقطات صادمة، وعبر عن هذه الفكرة في برنامج إذاعي في فبراير 2010.

أشار أليكساندر إلى إعصار كاترينا كمثال ندر فيه المحتوى الصادم، ويقول إن واشنطن بوست على حد علمه لم تنشر صوراً وفيديوهات كثيرة لجثث من حادث إعصار كاترينا.

وقال “قد يكون هذا لأنه في هذه البلاد وفي بلاد أخرى كثيرة، تسارع السلطات بعزل مثل هذه المناطق وتصبح رؤية هذه الأأشياء أصعب.”

يقول موقغ التغيير الإجتماعي “إفعل شيئاً” إن 1836 شخصاً ماتوا في إعصار كاترينا، إلا أن الرقم يعد مثيراً للجدل نظراً لكم الأشخاص المفقودين والجثث المجهولة.

واشنطن بوست قالت إنها قد تنشر محتوى صادم بصرف النظر عن الموقع، وبشكل واقعي فإن الصحفيين الذين بحثوا عن صور لآثار الإعصار واجهتهم حواجز وضعتها الحكومة الفيدرالية.

في أعقاب الإعصار طالبت “سي إن إن” بحقها في أن تعد تقارير عن البحث عن الجثث بعد الإعصار رداً عل ىسياسة “ممنوع الدخول” التي طرحتها الحكومة الفيدرالية. لم تسمح الحكومة للإعلام بالإنضام لفرق المساعدة التي ذهبت لاستعادة الجثث إلا أنها لم تستطع منع الصحفيين من المخاطرة من دون مساعدة فرق الإنقاذ.

مدير الأمن الداخلي السابق بنيو أورليانز تيري إيبرت قال إنه لم يكن يعتقد أنه من الملائم للإعلام أن يعرض جثثاً أمريكية في مدينة غارقة.

لا زالت الصور والفيديوهات تجد طريقها للوصول للأخبار إلا أن تغطية إعصار كاترينا كانت ضئيلة بالمقارنة بما حدث في هايتي ونادراً ما كانت على الصفحة الأولى بحسب ما يقول أندرو أليكساندر.

تقول ستيفاني والش ماثيوز مديرة قسم اللغات والأدب والثقافات بجامعة ريرسون إن التغطية “المحجوبة” للكوارث في العالم الغربي أمر شائك. وتقول إنها تبعدنا عن المواطنين غير الغربيين ثقافياً وتشوه منظورنا لهم.

وتقول ماثيوز “هناك حاجز بين الغرب والعالم الثالث. عندما نعرض هذا الكم من الفظائع التي تحدث في العالم الثالث ولكن ليس في الداخل، يخلق هذا القولبة التالية “هذه الأماكن منهارة ونحن النموذج والمثل”. هناك تغريب يحدث.”

بدون حواجز حكومية نشر الصحفيون الغربيون صوراً صادمة لمواطنين ميتين وللدقة كتب الصحفي بموقع “جاوكر” هاميلتون نولان مقالاً حول شاب اسمه كريستوفر جاسكو في أكتوبر 2010 تعرض للطعن حتى الموت في مانهاتن.

صحبت المقال صورة لجاسكو ميتاً وملقى على ظهره وبحيرة من الدماء تنساب من الرصيف الذي رقد عليه. أزيلت الصورة بعد أن تلقى نولان خطابات كراهية من القراء وطلباً من عائلة جاسكو بإزالة الصورة. نيويورك تايمز ونيويورك ديلي نيوز ونيويورك بوست وجوثاميست كلها غطت القصة بدون استخدام صور صادمة.

أدان بعض قراء جاوكر المقال ووصفوا الصور بأنها “بورنو القتل” و”لا مغزى لها” فيما دافع آخرون عنها معلقين “يجب أن نكون أكثر وعياً بما يحدث بدلاً من نعيش في حالة إنكار صارم.”

استجاب نولان للمنتقدين وقال إنه استخدم الصورة لأنها كانت حصرية ولأنها كانت تفيد الخبر. وقال نولان رداً على رسائل الكراهية التي تلقاها “حقيقة أن الصورة كانت غير سارة وصادمة لا تعني أنها لم تكن ذات جدوى خبرية. نشرنا تحذيراً ولم نسع للإثارة في القصة.”

تقول ستيفاني ماثيوز إننا ننتقد الصحفيين مثل نولان الذين يصورون لقطات صادمة لضحايا غربيين لأنهم أقرب إليهم ويسهل عليهم احترام الضحية.

“في هذه الحالة فإن نيويورك تعني بنيويورك، وتظهر هذه الحالة إننا نصبح مفرطين في الحماية عندما يحدث شيء مثل ذلك بالقرب منا. عندما تحدث المأساة في العالم الثالث فإن الأمر يصبح مثل حديقة الحيوان حيث الفظائع تستخدم لإثارة المشاعر والحصول على مشهد. هذا الشعور المتناقض تجاه استخدام هذا النوع من المحتوى الإعلامي يعبر عن عدم احترام للآخرين.”

*المحتوى الصادم graphic content: هو المحتوى الذي يشمل عنفاً أو دموية أو إباحية أو خروج عن الآداب العامة.

http://ethicaljournalismnetwork.org/

 

نشرت هذه المادة في الأصل على

The Plaid Zebra – Broadening The Horizons of Potential Lifestyle Choices

وتم الاستئذان لإعادة نشرها ويمكن الاطلاع على المادة الأصلية على هذا الرابط

وتم ترجمتها إلى العربية برعاية شبكة الصحافة الأخلاقية وهي منظمة إعلامية غير ربحية تدعو إلى الصحافة الأخلاقية والحكم الرشيد والتنظيم المستقل لوسائل الإعلام. تم إنشاؤها في عام 2011 في إطار حملة مهنية لتعزيز مهنة الصحافة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى