سياسةمجتمع

نيويورك تايمز: شرطة الأخلاق في الشرق الأوسط

منى الطحاوي: الأنظمة العلمانية في الشرق الأوسط تنافس الإسلاميين في سباق الأخلاق

نيويوك تايمز – منى الطحاوي – ترجمة: محمد الصباغ

وجد نظام العدالة الجنائية في مصر وقتاً، رغم تكدس القضايا المعروف، لمحاكمة وإدانة رضا الفولي بتهم ”التحريض على الفجور“. وبعد أقل من شهر تم حبس سيدتين آخرتين على ذمة التحقيق بنفس التهمة. ألقي القبض عليهما بعد دعاوى قضائية من محامين تصرفوا بشكل شخصي واتهموهما بخدش الحياء العام.

تعمل  السيدات الثلاث كراقصات وجريمتهن المزعومة هي أداء ”فيديوهات غير أخلاقية“ متاحة على موقع اليوتيوب. وبشكل دقيق، رقصت النساء بأزياء كشفت عن أجزاء من أجسادهن، في مقاطع فيديو يجب أن تبحث عنها بشكل كبير للوصول إليها. لكن في مصر وأغلب الشرق الأوسط يصل ”التحريض على الفجور“ إلى ما يشبه اختراق الأمن القومي. وهي تهمة عامة ومرنة بدرجة كافية لأن تُستخدم ضد العديد من المختلفين أخلاقيا، وفي حشد وتوحيد الناس – بعيداً عن السياسة – حول سخط ما يتعلق بالأخلاق.

تعد الحالات الأخيرة في مصر والسودان والمغرب تذكيراً بأن المرأة والمثليين عادة مستهدفون. وبملاحقة ”الجرائم الأخلاقية“ قضائياً تتمكن الأنظمة المحافظة ومجتمعاتها من تهنئة أنفسهم لقدرتهم على التحكم في المرأة.

في اليوم التالي لسجن الفولي لمدة عام، تم اغتيال النائب العام المصري بسيارة مفخخة. وفي يوليو، قام متمردون جهاديون في شمال سيناء بتنظيم سلسلة من الهجمات الجريئة على قوات الأمن. ثم أصدر الرئيس المصري هذا الأسبوع قانوناً جديداً لمكافحة الإرهاب يشمل تدابير مثيرة للجدل فيها يحظر على الصحفيين نشر أي أخبار عن هجمات المسلحين تتنافى مع الرواية الرسمية.

وفي ظل تلك الأزمة الأمنية في مصر، حيث يدخل النظام المدعوم من الجيش صراعا مع معارضيه المسلحين يشمل اعتقالات تعسفية ومحاكمات صورية، وتفجيرات واغتيالات. في مثل هذا الوضع، أصبحت مقاطع فيديو لراقصات تمثل “تحريضا” خطيرا.  وبدلا من عدم الالتفات إلى قضايا الراقصات التي تعد مضيعة للوقت والمال، قامت المحاكم بالاستمرار فيها.

ليست مصر الدولة الوحيدة ذات الأغلبية المسلمة في المنطقة التي تمارس دور الحارس على أجساد النساء. ففي السودان، وتحديداً في يونيو، تم اتهام 10 نساء تتراوح اعمارهن بين 17 و23 عاماً بارتداء ”ملابس فاضحة“ بعد القبض عليهن خارج كنيسة بالخرطوم. كانت ملابس السيدات القادمات من منطقة الحرب بجبال النوبة، بأكمام طويلة وفساتينهن تتماشى مع ما يرتديه السكان المسيحيين بنطقة كردفان. وإذا تمت إدانتهن قد يجلدن 40 جلدة.

تسمح المادة 152 من القانون الجنائي السوداني بالشرطة الأخلاقية بمعاقبة النساء على التحرك بدون حجاب أو حتى ارتداء سراويل. مثل هذه القوانين تسبب انقساماً اجتماعياً: وتستطيع النساء من خلفيات سياسية أو اجتماعية عادة الهروب من الجلد وفقط يتم دفع غرامة مالية. فيما تدفع النساء الأقل مكانة الثمن الصعب.

أما في المغرب، المملكة ذات الحكومة الإسلامية المنتخبة، فتتأرجح بين الأوضاع الاجتماعية التقدمية نسبياً وبين الالتزام التام بالأحكام الأخلاقية الموجودة في قانون العقوبات، في نفس الوقت مع وجود دافع سياسي.

على سبيل المثال في إبريل الماضي، حكم على هشام منصوري بالسجن عشرة أشهر بتهمة الزنا، وهو ناشط في منظمة تدعم الصحافة الاستقصائية. وحكم بنفس العقوبة على المرأة التي زعم أنها شريكته، والتي أخبرت المحكمة أنها انفصلت عن زوجها. وقال الداعمون لمنصوري إن القبض عليه له علاقة بتحقيقاته حول المراقبة التي تمارسها الدولة.

لكن المغرب أيضاً قدمت علاجاً لأخطار القوانين الأخلاقية. في يوليو، تم تبرئة سيدتين مغربيتين من تهم ارتداء ملابس فاحشة، وقيل أنها كانت شفافة وضيقة. ألقي القبض عليهن في أغادير بعد قيام بعض عمال المحال التجارية بالتحرش بهن، وفقا لتقارير الشرطة. وطبقاً للقانون المغربي فجريمة الفحش العام عقوبتها تصل إلى عامين في السجن.

سببت الاتهامات استنكاراً شعبياً. وعرض مئات المحامين الدفاع عن السيدتين، ووقع أكثر من 27 ألف مغربياً على عريضة تتطالب بالإفراج عنهن، ونظم الآلاف مسيرات بأغادير والدار البيضاء.

وفي الوقت الذي يقوم به المجرمون القتلة بذبح واغتصاب واستعباد النساء جنسياً باسم ما أطلقوا عليه ”الدولة الإسلامية“، قد تعتقد أن فتحة صدر الفستان أو طول التنانير في مرتبة متراجعة من قائمة الأمور التى تثير الغضب في الشرق الأوسط.

هذا أمر خاطىء، حتى حين تفكر في أن الحركات الإسلامية فقط مثل جماعة الإخوان المسلمين هي من تنتابها هواجس أخلاقية. ستتفوق الأنظمة العلمانية اسماً على المحافظين دينياً في سباق الأخلاق. وفقاً لمجموعات حقوقية، قام النظام الحالي في مصر بأقسى تصعيد ضد مجتمع المثليين منذ عصر مبارك، وأسوأ بكثير مما حدث تحت حكم محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، واستمر حكمه لمدة عام.

هنا الدرس هو أن ”سياسات الاحترام“ (أن تكون مقبول مجتمعيا) لديها القوة في توحيد الأنظمة العسكرية والمتعصبين دينياً سوياً.

سوف نكون أحرارا بالفعل عندما لا تقاس الأخلاق والاحتشام بطول تنورة المرأة، وتجريم الفيديوهات المثيرة جنسيا، ومحاصرة المستضعفين باتهامات الفجور العامة. هل التعذيب والذبح والسيارات المفخخة والاحتجاز أمور غير لائقة أم مجرد لمحة من جسد المرأة؟

في الحقيقة، كلنا في سلسلة واحدة طالما نعاقب من يحكم عليهم المجتمع بـ ”الفجور“ و ”الانحراف“.  هذا هو الوقت للتخلص من العقوبات المبنية على القانون الأخلاقي التي تخدم فقط المنافقين وكارهي النساء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى