إعلامسياسة

نيويورك تايمز: مركز كارتر “استسلم” في مصر

نيويورك تايمز :  قرارمركز كارتر الحقوقي إغلاق مكتب القاهرة  مؤشر على خطورة المسار الذي تتخذه حكومة السيسي

carter-witnesses-welcomed-cairo

مجلس التحرير – نيويورك تايمز

ترجمة – محمود مصطفى

عبر ثلاثة عقود،  استطاع مركز كارتر في أتلانتا، والذي يقوده الرئيس الأسبق جيمي كارتر، ترسيخ نفسه كمدافع له شأنه عن حقوق الإنسان والديمقراطية. أرسل المركز مراقبين إلى 97 عملية انتخابية في 38 دولة وعمل على إقناع حكومات باحترام الحريات وحقوق الإنسان ودعم مواطنين دافعوا عن هذه المبادئ. لكن المركز أعلن استسلامه في مصر.

في بيان الأسبوع الماضي، أعلن المركز أنه سيغلق مكتبه في القاهرة بعد حوالي ثلاث سنوات وأنه لن يرسل خبراء لمراقبة الإنتخابات البرلمانية أواخر العام الجاري. وقال كارتر في جزء من البيان “المناخ الراهن في مصر ليس من شأنه أن يقود إلى انتخابات ديمقراطية حقيقية ومشاركة من المجتمع المدني.” وحذر البيان من أن الحملات السياسية في وضع استقطابي بالفعل “قد تكون صعبة جداً وخطرة على الأرجح بالنسبة لمنتقدي النظام.”

موقف المركز هو انتقاد يدين  عبد الفتاح السيسي، الجنرال السابق الذي أطاح بالرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الاخوان المسلمين في 2013، وهو كذلك يرسل رسالتين قويتين لإدارة الرئيس أوباما.

الأولى  هي أن التهوين من تكتيكات السيسي القمعية من المحتم أن يكون له أثر عكسي ويدفع بالمصريين المهضوم حقهم إلى العنف والتطرف.ويزعزع استقرار مصر والمنطقة.

والأخرى هي أن غياب تحول جذري في التعامل مع مصر فمن غير الممكن لوزير الخارجية جون كيري أن يقدم في أي وقت قريب شهادة صادقة أمام الكونجرس تقول إن البلاد على طريق الديمقراطية. هذه الشهادة هي شرط تلقي مصر دبابات وطائرات مقاتلة أمريكية بقيمة 650 مليون دولار ويجب الامتناع عن هذه الشهادة إلى أن يظهر السيسي أنه جاد في إرساء “دولة تحترم الحقوق والحريات” كما وصفها في خطابه في الأمم المتحدة في سبتمبر.

من الوضح أن واشنطن متخوفة من إثارة الإستياء لدى حليف عربي مهم يحافظ على اتفاقية السلام مع إسرائيل ويسمح بممرات عاجلة عبر قناة السويس الحيوية، لكن عند نقطة ما يجب ان تضع الولايات المتحدة حداً. سيكون من المفيد أيضأ إذا شجعت إسرائيل، التي تفخر بديمقراطيتها لديها علاقات مثمرة مع السيسي، السيسي على التخلي عن المسار السلطوي الذي اتبعه منذ أن تم انتخابه في انتخابات مزورة في 2014.

شن السيسي حملة قمع على المعارضين ومجموعات المعارضة والصحفيين ومن بينهم ثلاثة محترفين محترمين يعملون لقناة الجزيرة. عبّر مركز كارتر عن قلقه بشأن الاعتقالات الجماعية لقادة الاخوان وداعميهم الذين صنفتهم مصر ظلماً على أنهم إرهابيون. أكثر من 16 ألف شخص في السجن لأسباب سياسية وأكثر من ألف قتلوا خلال مظاهرات.

في 2013 تم تمرير قانون يسمى بقانون التظاهر يقيد بشدة حريات التعبير عن الرأي والتجمع. قانون آخر يرجع لنظام حسني مبارك الذي سقط في 2011، يهدف إلى تنظيم الجمعيات المدنية غير الحكومية وأيضاً المنظمات الدولية مثل مركز كارتر. لاحظ المركز أن حكومة السيسي كانت تضيق تطبيق هذا القانون بينما تقدم مقترح قانون جديد سيكون أكثر تكبيلاً.

عدل السيسي كذلك قانون العقوبات لكي يواجه كل من يتهم بتلقي أموال أو أسلحة من دولة أو منظمة أجنبية عقوبة السجن المؤبد.

في 2013 أدانت محكمة مصرية عشرات الموظفين في منظمات أجنبية لا تهدف للربح من بينهم 16 أمريكياً بتهمة تلقي تمويل غير مشروع من الخارج والعمل في منظمات غير مرخصة. غادر معظم المتهمين البلاد ولم يقضوا عقوبة السجن لكن خطر الاعتقالات المستقبلية تزايد.

لدى المنظمات غير الحكومية من كل الاتجاهات ومنها مركز كارتر أسباب تجعلها قلقة، وكذلك الأمر لدى كل المصريين الذين لا يحاذون الخط السلطوي للسيسي،  وهذا كله مركز كارتر لا يمكنه أن يزرع الثقة لدى المستثمرين الأجانب والسياح، الذين يمثلون جانباً حيوياً من إعادة بناء الإقتصاد المصري المتأزم.

يجب أن تفعل أمريكا ما باستطاعتها لإقناع السيسي بترك هذا المسار الخطر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى