سياسةمجتمع

“طابورين على البحر”.. كتيب عزاء الأقباط يوزع 1.6 مليون نسخة

المسيحية اليوم: دار الكتاب المقدس عن قتل الأقباط تفوق على كتيب المليون نسخة الذي أعقل وفاة البابا شنودة

كريستيانيتي توداي – جايسون كاسبر – ترجمة: محمد الصباغ

لم يفوت مدير دار الكتاب المقدس في مصر الفرصة الذهبية التى رآها و لم تضعف همته عقب ذبح الأقباط في ليبيا. و في الليلة التي بثت فيها الجماعة المرتبطة بداعش مقطع الفيديو البشع، قال رامز عطا الله لفريق عمله ”لدينا كتاب مقدس جاهز لتوزيعه على الأمة بأسرع وقت ممكن.“ و بعد أقل من 36 ساعة تم إرسال  كتيب”طابورين على البحر“ إلى المطبعة.

و بعد أسبوع، تم توزيع 1,65 مليون نسخة في أكبر حملة لدار الكتاب المقدس على الإطلاق. و سرق الأضواء من المليون نسخة التى وزعتها المطبوعة التى عقبت وفاة البابا شنوده عام 2012.

داخل الكتيب عبارات إنجيلية عن الوعد بالنعيم وسط المعاناة، بجانب ذلك شعر مؤثر بالعامية العربية.

”هو مين خايف من مين؟

طابور الهامات المرفوعة الممدودة للسما!

ولا طابور الروس الملفوفة في سواد !! “

و يقول عطا الله ”يقصد التصميم إلى أن يتم إعطاءه لأي مصري دون أن يشعر بالإهانة، و للمشاركة في الحداد و تشجيع الناس على الولاء للمسيح.“

وزعت دار الكتاب المقدس الكتيب في الكنائس المصرية، لكن كان هناك من خطا خطوة أبعد من ذلك. فقامت الكنيسة الإنجيلية بمنطقة الإسعاف في وسط البلد بتعليق ملصقات على حوائطها يستطيع المشاة أن يروها. و كتب على الملصق الذي خلفيته علم مصر”لقد تعلمنا من قول المسيح “أحبوا أعدائكم، أحسنوا إلى مبغضيكم..”“

و يقول القس ”فرانسيس فهيم“ إن الملصق كان تعبيراً عن التعزية لكل المصريين سواء مسلمين أو مسيحيين.

و حسب ما ذكر ”كريستيانيتي توداي“ يوم الخميس، فبعد ذبح الأقباط نتج تعاطف لم يسبق له مثيل مع المسيحيين المصريين،. و سمح الشهداء للأقباط أن يشهدوا  بقوة إيمانهم، حيث صفحوا علناً عن الإرهابيين.

لكن تلك الشهادة قد يصحبها الخطر. فعقب عملية القتل، نشر موقع حزب الحرية و العدالة التابع للإخوان المسلمون أن الأقباط قد احتجزوا في ليبيا بسبب قيامهم بالتبشير.

هذا الزعم لا يستند على أي أساس، لكن “كريستيانيتي توداي” بحث اتهامات مماثلة ضد المسيحيين في ليبيا في أعقاب أول استشهاد خارج مصر في التاريخ القبطي الحديث. كان بحوزة المحتجزين مواد دينية ككثيرين من مجتمع العمال المهاجرين المسيحيين.

و أظهر كتيب ”طابورين على البحر“ كيف أصبحت المواد المسيحية توزع في العلن الآن في مصر. تخيل ما يمكن أن تجده في أكبر معرض للكتاب في العالم العربي، و الذي يجذب مليوني زائر سنوياً.

فوسط المئات من أكشاك بيع الكتب في معرض القاهرة الدولي للكتاب،  دوّت دعوات إنجيلية من أحد الميكروفونات الجانبية. فقال أحد المنادين ”الإنجيل بجنيه“ و قال آخر ”هدية مجانية لكل زائر“ عارضاً إسطوانة مدمجة لفيلم المسيح على كل عابر يمر.

كان الكشك يتبع ”هيئة الخدمة الروحية للنشر“، و هي واحدة من موزعين رسميين لفيلم المسيح في مصر. شغلت الهيئة جناح بارز في وسط المعرض و بجوارها على الأقل عشرة دور نشر مسيحية. و يقول المدير التنفيذي للهيئة، حنين إبراهيم، ”كان هناك رد فعل جيد لوجودنا في معرض الكتاب، بالرغم من أننا لا نستهدف الزوار المسلمين. لكن بسبب كونهم الغالبية العظمى في مصر فمن الطبيعي أن يمثلوا غالبية عملائنا أيضاً.“

و مع نهاية المعرض، باعت هيئة الخدمة الروحية أكثر من سبعة آلاف نسخة جديدة من الوصايا و أكثر من 17 ألف من فيلم المسيح.

و يضيف إبراهيم ”عقب ثورتينا في 25 يناير و 30 يونيو  تحسنت العلاقة بين المسلمين و المسيحيين. بدأ المسلمون في الرغبة بمعرفة المسيحية أكثر. نحن هنا في العلن، لا توجد مشاكل و يأتي إلينا الناس.“

تواجد الناشرون المسيحيون في المعرض من قبل الثورات. فكانت هيئة الخدمة الروحية قد باعت فيلم المسيح خلال معرض الكتاب عام 2008، و كان الناشرون المسيحيون حاضرين منذ بداية التسعينات.

لكن الجديد في الأمر هو الجرأة، فبعد الإطاحة بالإخوان المسلمين كان للمسيحيين وجود غير مسبوق في الساحة العامة. فالبيع المجاني لنسخ فيلم المسيح يتعارض بوضوح مع قرارات الرقابة الأخيرة.

وقد منعت مصر في ديسمبر عرض فيلم ”الخروج، الآلهة و الملوك“ اعتماداً على عدم دقة الفيلم التاريخية التى توضح أن اليهود هم من بنوا الأهرامات. و في الشهر الماضي قالت الحكومة عن المطبوعات الأجنبية أنها ”مسيئة للدين“ في أعقاب الجدل المثار حول مجلة تشارلي إيبدو.

منذ بداية معرض القاهرة الدولي للكتاب عام 1969 كان ميداناً للجدل الكبير، فأحياناً يكون المعرض مثالاً لحرية التعبير و أحياناً يقيدها. و المظاهرات كانت أمر متكرر.

كان المعرض هذا العام هادئا، فالحكومة المصرية حريصة على انهاء اضطراب سنوات الثورة. و يقول إبراهيم إن بعض الزوار حاولوا  منع الناس من الوصول لمقر ” هيئة الخدمة الروحية للنشر“ و حذروهم من قبول النشرات التى نوزعها. لكن الأمن قام سريعاً بإبعادهم.

لكن أيضاً أمرت قوات الأمن بإغلاق الميكروفونات و الاكتفاء بالتوزيع من المنفذ. و عندما اشتكى إبراهيم بدأ البعض في التذمر و كان رد فعل الصحافة المحلية متفاوت. بشكل عام، توزيع الكتب و الفيديوهات المسيحية مقبولاً في مصر طالما المواد لا تخاطب الإسلام مباشرة ولا توزع خارج منافذ التوزيع المحددة.

يقول عطا الله ”يشعر البعض أن الحرية في مصر تسمح لهم بالتعبير عن أنفسهم دون التقيد بشئ. لكن يجب أن يصاحب ذلك شئ من الحكمة لضمان الترحيب بالمسيحيين على المدى الطويل.“

و لأن المسيحيين لا يمتلكون كامل الحرية، يدفع ذلك  البعض إلى تخطى الحدود و يسعى الآخرون إلى التعامل بحكمة. و تم توظيف كلا الطريقتين من قبل  المشاركين في المعرض.

شاركت دار الكتاب المقدس ،والتى تقدم 700  عنوانا، في المعرض منذ عام 1996. و كان عرضها الأخير هو كتاب طاولة القهوة الذي يتحدث عن موعظة الجبل للسيد المسيح.

و يقول عطا الله ”هدفنا هو أن تكون الكتب المقدسة في متناول المسيحيين الغير متدينين و المسلمين المهتمين أيضاً.“ و أضاف و هو يصف الأخيرين بالأقلية المهمة من عملائهم ”لكننا أكثر ارتباطاً بكل الكنائس من هؤلاء المسجلون كأعمال خاصة أو من هم في منظمات مستقلة عن الكنيسة.“

و بينما يرحب المسيحيين المصريين بمكسبهم الجديد، يتحدث عطا الله عن الحذر، فالحرية التى يتمتعون بها الآن ليست مكتملة ولا مؤمنة. و يقول ”ثمن بقاء مصر حرة من الإسلاميين جاء على حساب حقوق الإنسان المكتسبة حديثاً. بالرغم من أن الغالبية الكبيرة من المصريين يدعمون هذه الحرب ضد المتطرفين الإسلاميين، إلا أن الطريقة الوحيدة لفعل ذلك هى عودة الدولة البوليسية التى يقودها الجيش.“

و يبقي عطا الله متفائل، لكنه يقيس كلماته بدقة. فمعرض الكتاب فرصة و قتل الدولة الإسلامية للمسيحيين وحد المجتمع. المطبوعات الإنجيلية تجد ترحيباً الآن بينما يتم منع كتب الإخوان المسلمين. لكن قبل عامين فقط، افتتح الرئيس الإخواني محمد مرسي معرض الكتاب. الأمر يمكن أن يتأرجح في كلا الجانبين.

يتحدث عطا الله عن دار الكتاب المقدس التى افتتحت فرعها الخامس عشر في مصر ”نحن هنا منذ 130 عاماً. و نريد أن نبقى 130 آخرين و نجعل الإنجيل متاحاً لمن يريده.“

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى