السيسي: سنستخدم “كل القوة الغاشمة”
زحمة- وكالات
أمر الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس أركان الجيش باستخدام ”كل القوة الغاشمة“ لتأمين شبه جزيرة سيناء خلال ثلاثة أشهر، وذلك في أعقاب هجوم دام شنه متشددون على مسجد وأسفر عن مقتل أكثر من 300 شخص، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء “رويترز”.
وأضاف السيسي خلال كلمته بمناسبة الاحتفال بالمولد النبوي، “انتهز هذه الفرصة وألزم الفريق محمد فريد حجازي أمامكم وأمام الشعب المصري كله.. أنت مسؤول خلال ثلاثة أشهر عن استعادة الأمن والاستقرار في سيناء… و(أن) تستخدم كل القوة الغاشمة”.
ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن الهجوم الذي استهدف المسجد أثناء أداء صلاة الجمعة الماضية. وقُتل المئات من قوات الشرطة والجيش على يد جماعة موالية لتنظيم الدولة الإسلامية المتشدد في سيناء على مدى أكثر من ثلاث سنوات.
كما أفادت “BBC” في تقرير لها نقلت فيه أجزاء من كلمة الرئيس، بأن هذه هي المرة الثانية التي يستخدم فيها السيسي وصف “القوة الغاشمة” في سياق حديثه عن الإجراءات الواجب اتخاذها ضد منفذي الهجمات المسلحة في سيناء.
وقال السيسي إن الدولة ستجعل من مدينة بئر العبد “مدينة يشار لها بالبنان ” في إشارة إلى توجيه مزيد من الموارد وتحسين الخدمات والبني التحتية بها.
وكان السيسي كلف القوات المسلحة ببناء نصب تذكاري ضخم يخلد ذكرى ضحايا مسجد الروضة بالمدينة الواقعة غرب العريش بشمال سيناء.
وألقى الرئيس كلمة، بمناسبة الاحتفال، قال فيها نصًا:
“اسمحوا لي في البداية أن أدعوكم للوقوف دقيقة حداداً على أرواح شهداء الوطن الطاهرة، فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف، الدعاة الأجلاء، شعب مصر العظيم، تأتى ذكرى مولد نبيّ الرحمةِ هذا العام.. بعد أيامٍ قليلة من حادثٍ أليم أوجع قلوبنا وأصاب العالم كله بالصدمة.. حادثٌ إرهابيٌ جبان.. استهدف أبرياءً مُصلّين داخل أحد بيوت الله.. حادثٌ اقترفته أيدٍ مجرمة.. تجردت من أدنى معاني الإنسانية.. ومن أي صفاتٍ للرحمة.. من التي نادى بها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.. نبي الرحمة.
وإننا إذ نُحيى معاً الذكرى العطرة لنبينا العظيم.. وندعو المولى عز وجل أن يعيد هذه المناسبة على الشعب المصري.. والأمتين العربية والإسلامية.. بالخير واليمن والبركات.. نتساءل في الوقت ذاته كيف لمن يدعون اتباعهم لنهج الرسول الكريم.. أن يقترفوا مثل هذه الجرائم البشعة؟… كيف لمن يدعون انتماءهم لدين الإسلام الذى يحث على التراحم ونشر التسامح.. أن ينشروا الفساد في الأرض؟.. بأي منطقٍ إنسانيّ يحلل البعض لأنفسهم قتل الأطفال والشيوخ والأبرياء وحرمانهم من حقهم في الحياة؟
الإخوة والأخوات،
إن مصر تواجه خلال الأعوام الماضية حرباً مكتملة الأركان.. تسعى إلى هدم الدولة واستنزاف جهودها للحيلولة دون استقرار هذا الوطن وازدهاره.. حربٌ تقودها فئة تتوهم أن الشعب المصري سيتوقف عن المُضيّ في مسيرة البناء والتنمية.. وتدعم تلك الفئة الباغية قوى خارجية تمدها بالسلاح والأموال والعناصر الإرهابية.. سعياً من تلك القوى لفرض هيمنتها على المنطقة وإثناء مصر عن القيام بدورها الإقليمي.. الذي لا يهدف سوي لترسيخ الأمن والاستقرار وتسوية ما يشهده الشرق الأوسط من أزمات.. وبهدف أساسي وهو إنهاء المعاناة الإنسانية التي أنهكت شعوب المنطقة.. وإفساح المجال لتحقيق تنمية حقيقية.. اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً.
وأود أن أشير إلي أن الحاضرين هنا اليوم هم كتائب النور التي وجب عليها إزاحة الظلام….إن العمليات الإرهابية التي تتعرض لها مصر تهدف إلى عرقلة جهود التنمية واستنزاف الاقتصاد، إن الأفكار الهدامة لا تبني الأمم أو الشعوب أو الحضارات، ويعكس ذلك عجز الدول التي تتعرض للإرهاب والتطرف عن تحقيق تنمية وتقدم حقيقيين في مناطق متفرقة في العالم…..إن إعادة إعمار سوريا وحدها على سبيل المثال يتطلب 250 مليار دولار. إن تحقيق الأمن والاستقرار هو مسئولية المجتمع بأكلمه وليس الشرطة والقوات المسلحة فقط…الافكار الهدامة لن تسود ولكن تعرقل تقدم الأمم…لا نهدف إلى الإساءة للدين، ولكن التشويه الحقيقي حدث نتيجة الأفكار المتطرفة والإرهاب، حيث تأثرت صورة المسلمين سلباً نتيجة تلك الأفكار.
كان لزاماً على الدولة المصرية ومؤسساتها.. أن تتحرك على عدة محاور في آنٍ واحد لتواجه تلك المخططات بكل حزم وقوة، فعلي الصعيد الأمني.. تحرص الدولة على التصدي لكل من تسوّل له نفسه أن يهدد أمنها واستقرارها.. تتخذ ما يلزم من إجراءات للدفاع عن نفسها.. تطور قواتها المسلحة.. تحمي حدودها.. وتثأر لأبنائها.. وأوكد هنا مرة أخري.. أن دماء شهدائنا لن تذهب سُدى.
واسمحوا لي أن انتهز هذه الفرصة لتكليف السيد الفريق/ محمد فريد حجازي رئيس أركان حرب القوات المسلحة بمسئولية استعادة الأمن والاستقرار في سيناء خلال ثلاثة أشهر بالتعاون مع وزارة الداخلية، على أن تُستخدم كل القوة الغاشمة… وأوكد أن رجال القوات المسلحة والشرطة عازمون على مواصلة الحرب على الإرهاب حتي اقتلاعه من جذوره وواثقون في أن الله سينصرنا بإذنه تعالي.
وعلى الجانب الآخر.. وإدراكاً من الدولة أن تحقيق تقدم ملموس على صعيد التنمية الاقتصادية يعد أحد المحاور الهامة التي تقضى على البيئة الخصبة لنمو التطرف والارهاب.. والمساعدة في مكافحته .. لذلك فقد سعت الحكومة إلى تحقيق نهضة حقيقية.. فتبنت خطة لإصلاح المشكلات التي طالما عانى منها الاقتصاد المصري.. خطةٌ نهدف من خلالها إلى تحقيق معدلات نمو مرتفعة.. وإنشاء بنية تحتية متطورة تنقل مصر من حالٍ إلى حالٍ أفضل.. وبحيث تتحقق تنمية مستدامة.. تتوفر فيها فرص العمل للشباب.. ويتحقق مستوى معيشة كريم للمواطنين… ينعمون فيه بخدمات عامة متميزة.. مثل التعليم العصري المتطور.. والرعاية الصحية اللائقة….إن الجهود التي تبذلها الدولة هي جهود علمية ومخلصة وأمينة ولا تهدف سوي إعادة بناء الدولة وتحقيق الازدهار.
إن التراجع الذي حدث على مدار سنوات طويلة يستلزم أيضاً سنوات لإصلاحه، ونبذل أقصي جهد والله يشهد على ذلك حتي يمكن تحقيق ما نتطلع إليه جميعاً….إننا نري بالفعل النتائج التي تتحقق، وهي كثيرة وعظيمة في ظل الظروف التي نعيشها…. ورغم محاربة الدولة للإرهاب على مدار السنوات الأربع الماضية وما يتكلفه ذلك من أعباء مالية، إلا أنه توجد معدلات نمو مرتفعة ونعمل على تحقيق التنمية في شتي القطاعات…وأوكد لكم أننا عازمون على جعل بئر العبد مدينة يشار إليها بالبنان.
لا يخفي عليكم أن بناء الإنسان وتنوير العقول وتحصينها من الأفكار الظلامية الهدامة لا يقل أهمية عن المحورين السابق ذكرهما.. إن لم يكن الأهم على الإطلاق.. ومن هنا جاءت دعوتي لتجديد الخطاب الديني.. سعياً لتنقيته من الأفكار المغلوطة التي يستغلها البعض لتضليل أبنائنا واجتذابهم إلى طريق الظلام والتدمير.
وأقول لكم بكل صراحة ووضوح.. إن عملية تنوير العقول وتطوير وترسيخ المفاهيم الثقافية والاجتماعية اللازمة لحماية أبنائنا من الأفكار المتطرفة لا يمكن أن تقودها مؤسسة واحدة أو حتي الدولة بمفردها.. بل تتطلب عملاً جماعياً.. تشترك فيها الدولة بمختلف مؤسساتها مع المجتمع بشتي مكوناته.. مثقفيه وكتابه ونابغيه في جميع القطاعات.. وأنني من هنا.
وفى هذه المناسبة أدعوكم جميعاً إلى التكاتف من أجل بناء الإنسان والفرد.. أدعو كل أم وكل أب أن يحافظوا على أبنائهم من سعي كل غادرٍ لاستغلالهم كوقود للإرهاب والكراهية.. أدعو كل شابة وشاب أن يتسلحوا بالعلم وقيم التعايش وقبول الأخر ليواجهوا بها أرباب الجهل وكارهي الحياة.. وأدعو رجال الدين ومفكريه إلى مزيد من العمل على نشر قيم التسامح والرحمة والاستنارة.
أبناء الشعب المصري العظيم، في الختام.. وفى هذه المناسبة الطيبة.. دعونا نقتدى بنبي الرحمة المهداة.. الذى بُعِثَ ليتمم مكارم الأخلاق.. لنجعل من هذه الذكرى نوراً يضئ لنا طريقنا.. ويثبت قلوبنا على طريق الحق والخير والبناء.. وكونوا واثقين مثلما أثق.. أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.. وأن مصر ستنتصر، وستعلو رايتها، وستتحقق آمال شعبها في المستقبل القريب… بإذن الله ومشيئته.
أشكركم، وكل عام وأنتم بخير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.”