سياسة

كوباني التي هزمت داعش: أشباح وأطلال

تايمز: أكثر من 70% من المدينة صار أطلالاً   

تايمز – اسوشيتدبرس – ترجمة: محمد الصباغ

 كانت المعركة التي دارت على أرض مدينة كوباني على الحدود السورية فاصلة في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وخاضتها القوات الكردية المسلحة لشهور وسط أنقاض خلفها قصف القوات الأمريكية الجوية للمتطرفين حتى تم طردهم من المدينة بداية العام.

كانت هزيمة داعش في كوباني أكثر هزائم التنظيم دموية حتى الآن في سوريا. لكن مرت ثلاثة أشهر على تحرير كوباني، ومازال عشرات الآلاف من السكان عالقين في تركيا، ويحجمون عن العودة إلى الأراضي القاحلة والمباني المنهارة وتتملكهم الحيرة حول كيفية إعادة بناء حياتهم وأين سيكون ذلك.

مازالت المدينة الكردية الواقعة على الحدود التركية السورية تعاني من مشهد مروع حيث واجهات المباني تملأها الثقوب والشوارع تتناثر فيها القذائف التي لم تنفجر، ويوضح ذلك الثمن الباهظ الذي واكب الانتصار على تنظيم الدولة الإسلامية.

لا يوجد بالمدينة كهرباء ولا مياه نظيفة، وأيضاً لا توجد خطط عاجلة لإعادة الخدمات الأساسية والبدء في إعادة البناء.

وبينما يشكر سكات كوباني الغارات الأمريكية التي ساعدت في تغيير دفة المعركة لصالح مقاتلي كوباني وهزيمة داعش، إلا أن المواطنين قالوا إن موقفهم البائس يعبر عن عدم وجود أي متابعة دولية جادة تجاه الحرب على تنظيم الدولة.

تشير صباح خليل من على الحدود التركية إلى منزل عائلتها بكوباني الذي تحول إلى كومة، وتقول: ”في البداية، تحصن مقاتلو تنظيم الدولة في منزلنا، ثم بعد ذلك قصفته الطائرات الأمريكية”. وأضافت: ”من سيساعدنا على البناء؟ هذا ما يسأل عنه الجميع”. وبينما تتحدث كانت جالسة على حجر خارج خيمتها تحت الشمس حيث يلعب الأطفال بأحذيتهم الممزقة.

After a 4-month battle with #ISIS, Kurdish forces liberated #Kobani from ISIS control. As the Syrian city seeks to rebuild, this drone footage shows the big task that lies ahead: http://cnn.it/1JoiI9L

Posted by CNN on Tuesday, 5 May 2015

استولت كوباني على تركيز الاعلام الدولي لأربعة أشهر اتسمت بشراسة المعارك عقب دخول مسلحي تنظيم الدولة إلى المدينة ومحاصرة القرى، ما أدى إلى نزوح قرابة 300 ألف من السكان الذين تدفقوا عبر الحدود إلى تركيا.

أصبحت معركة كوباني محور الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وتدفق العشرات من الطواقم التلفزيونية إلى الجانب التركي من الحدود، ووضعوا كاميراتهم على أحد التلال ليرصدوا المدينة المحاصرة، ويسجلون لقطات لأعمدة الدخان المتصاعدة نتيجة القصف الجوي الذي تقوده الولايات المتحدة على أوكار التنظيم.

وفي أواخر يناير، أخيراً استطاع المقاتلون الأكراد طرد الدولة الإسلامية من المدينة، وهو الانتصار البارز للأكراد وقوات التحالف. أما بالنسبة لتنظيم الدولة الإسلامية، التي فقدت ما يقارب 2000 مقاتل في كوباني، كانت هزيمة هزت صورة التنظيم وقضت على الروح المعنوية. لكن ثمن ذلك كان رهيباً.

وتقول عائشة أفندي، إحدى  قادة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، إن أكثر من 70%  من كوباني تحولت إلى أطلال. وأكثر من 650 مقاتلا كرديا لقوا مصرعهم في المعارك. وعاد حوالي 7 آلاف لاجئ إلى المدينة والضواحي المحيطة، ونصبوا فقط الخيام في أماكن منازلهم المدمرة.

و بدون مساعدات خارجية، استخدم المقاتلون الأكراد أدوات بدائية لتفكيك الألغام والشراك المفخخة التي تركها تنظيم الدولة الإسلامية. مازالت جثث المقاتلين التي تعفنت موجودة تحت الأنقاض، و مع زيادة حرارة الجو فهناك مخاوف من انتشار الأمراض.

وقالت عائشة إنهم سيبدأون حملات إستغاثة من المانحين الدوليين والمجتمعات الكردية في كل مكان خلال مؤتمر كردي حول كوباني، وذلك بمدينة ديار بكر التركية التي تضم أكبر عدد من الأكراد. وأضافت أن هناك خططاً تهدف إلى تحويل أجزاء من مركز المدينة إلى متحف. وأضافت في مكالمة هاتفية من كوباني: ”من المهم لأجيال المستقبل أن تتذكر التاريخ الذي صنع هنا”.

تفتح تركيا معبر “مورسيت بينار” الحدودي لثلاث مرات في الأسبوع لساعات قليلة، وخلال تلك الساعات يعود اللاجئين بأعداد ضئيلة إلى كوباني.

ومؤخراً، وقف عشرات قليلة من الأشخاص حاملين حقائبهم أمام البوابة في انتظار العبور. واصطفت على الطريق الترابي شاحنات محملة بالمفروشات والمتعلقات الأخرى.

وفي مخيم “أرين ميركان” القريب ببلدة سروج ستجد مشهداً كاملاً من اليأس. وسمي المخيم باسم مقاتلة كردية من كوباني يقال إنها نفذت عملية انتحارية ضد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في أكتوبر.

ويجلس في مخيم آخر علي حسين بجوار أمه زليخة قادر، يأكلون ”القرع“ ويقتلون الوقت. بينما في الجوار وتحديداً في الخيمة رقم 3، سنجد شاهين تامو ،21 عاماً، يعتني بأخيه ساروان، 7 سنوات، الذى أصبح كالهيكل العظمي بعيون واسعة، ويعاني من حالة عصبية خطيرة. يعيشون في المخيم مع والديهم، وأخين وأختين. وكان منزلهم بكوباني قد نهب وتم إحراقه.

يقول تامو: ”كل شئ انتهى. منزلنا، تعليمي ومستقبلي. من سيعوضنا عن ذلك؟“

وعلى الأقل ولمرة واحدة يومياً، يقوم سكان المخيم بالخروج إلى الشوارع الرئيسية لتحية الموكب الذي يأتي بالضحايا من المقاتلين الأكراد الذين سقطوا داخل سوريا. تأتي الأجساد في توابيت خشبية بسيطة وملفوفة بالعلم الكردي، وتلك الأجساد هي الحصيلة المأساوية للقتال الدائر بين المقاتلين الأكراد والمعروفين باسم قوات حماية الشعب ومسلحي تنظيم الدولة الإسلامية على أرض كوباني. ويهتف اللاجئون في المخيم أمام النعوش المارة أمامهم: ”دماؤكم لن تذهب هباءً”.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى