سياسة

واشنطن بوست: إنهم “يختفون” في مصر

واشنطن بوست: نشطاء وطلاب يختفون ثم يظهرون فجأة في السجون أو أمام المحاكم بتهم ملفقة

واشنطن بوست – إيرين كونيجام – هبة حبيب – ترجمة: محمد الصباغ

اختطفوا من المنازل والشوارع وحتى الكليات، وبعضهم ظهر ميتاً بينما تبخر آخرون. إنهم المختفون في مصر: عشرات الطلاب والنشطاء اختطفوا فيما وصفه مناصرو حقوق الإنسان على أنه  تصعيد من الحكومة ضد المعارضة.

يقول نشطاء مصريون إنهم قد وثقوا زيادة مقلقة في أعداد المختفين قسريا خلال الشهرين الماضيين، في تلك الحالات يؤخذ الضحايا دون أي أوراق رسمية وتنفي الشرطة أي معرفة بأماكن وجودهم. بعد ذلك يظهر المحتجزون عادة في قاعة محكمة أو يتم إطلاق سراحهم دون تفسير. وعلى الأقل اثنين من المحتجزين مؤخراً من قبل قوات الأمن وجدوا قتلى، حسب منظمات حقوقية.

يقول خالد عبد الحميد المتحدث باسم مجموعة “الحرية للجدعان” الحقوقية: ”اختفى أشخاص في مصر من قبل، لكن ليس بهذا المعدل“.

تقول المجموعة إن قوات الأمن اختطفت 163 شخصاً منذ إبريل الماضي وأطلق سراح 64 منهم حتى الآن.

أما منظمة ”عدالة“ فتقول إنها تأكدت من 91 حالة إختفاء في شهري إبريل ومايو الماضيين، ومازل 38 شخصاً مفقودين. ويقول النشطاء إن هذا التعارض في الإحصاءات يعود إلى طرق التحقق المختلفة وشبكات الاتصال، وأيضاً بسبب الطبيعة غير الشفافة لأجهزة الأمن المصرية.

في الشهر الماضي، أعلنت منظمة الكرامة لحقوق الإنسان الموجودة بالقاهرة أنها طلبت من المجموعات التابعة للأمم المتحدة التي تعمل على حالات الإختفاء القسري التدخل في سبع حالات من الاحتجاز القسري في مصر. وقالت منظمة الأمم المتحدة في بيانات إنها سعت منذ 2011 إلى زيارة الدولة لكن السلطات المصرية لم ترد على طلباتها.

لم ترد وزارة الداخلية على المطالب المتكررة للتعليق على مزاعم الاحتجاز الجماعي. ويقول عبد الحميد: ”نكتشف ما حدث دائماً من خلال الشهود“ الذين يبلغون عن رؤية أشخاص يتم جرهم بعيداً بواسطة الشرطة أو المخبرين بملابس مدنية من الشوارع أو من منازلهم.

في مثال على ذلك، يقول الناشط إن امرأة شاهدت أحمد الغزالي عضو حركة 6 إبريل ذي الميول اليسارية، وكان قد احتجز بواسطة رجال تعتقد إنهم رجال شرطة بزي مدني. وخلال الشجار الذي انتهى بوضع أحمد في سيارة بدون أرقام، حسب رواية السيدة، سقط هاتفه على الأرض. ثم قامت بأخذ الهاتف والاتصال بأصدقائه وعائلته.

و في أوقات أخرى يسرب ضباط متعاطفون معلومات إلى الأقارب أو المحامين الباحثين عن المفقود. وفي أحيان أخرى يقوم رفقاء السجن الذين يستطيعون التواصل مع محامي بإلقاء الضوء على المحتجز المفقود ويساعد ذلك في توصيل المعلومات إلى مجتمع النشطاء.

عادة لا تخبر السلطات الأقارب عندما يكون المحتجز المفقود على وشك الظهور في محاكمة. ووفقاً لعبد الحميد والمنظمات الحقوقية وشبكات اتصالهم، كثيراً ما يتلقون مكالمات هاتفية من مجهولين تخبرهم أن شخصاً مفقوداً سيظهر في محاكمة.

في الأسابيع الأخيرة، كانت اتهامات المحتجزين الذين بدأت محاكماتهم هي الاشتراك في أنشطة سياسية غير مشروعة أو التظاهر. وغالباً ما وجهت من جانب النائب العام.

دعت حركة 6 إبريل المحظورة حالياً إلى إضراب عام في يوم 11 يونيو للإعتراض على تدهور الاقتصاد المصري. وحسب المنظمات الحقوقية فإن العديد من قادة الحركة مستهدفين للقبض عليهم. ويقول عبد الحميد عن تلك الإختفاءات ”إنه أسلوب مخيف لإبقاء الناس تحت السيطرة“.

بدأ هجوم الدولة ضد المعارضين السياسيين في الزيادة منذ صيف 2013، عندما أطاح الجيش بالرئيس المنتخب محمد مرسي، رداً على مظاهرات ضخمة ضد حكم الرئيس الإسلامي. لكن سقوط مرسي جعل الدولة في حالة استقطاب. فمؤيدوه تظاهروا في الشوارع، وردت قوات الأمن بقوة، وأطلقت الرصاص على المتظاهرين غير المسلحين في عدة مناسبات. وحاز الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي كان وزيراً للدفاع في ذلك الوقت وأشاد به مرسي، على دعم واسع بسبب دوره في سحق الإخوان المسلمين.

لكن التضييق سريعاً اتسع ليشمل العلمانيين والنشطاء اليساريين وأيضاً مناصري حقوق الإنسان وموظفي المنظمات غير الربحية. في الأشهر التي أعقبت استيلاء السيسي على السلطة، من يوليو 2013 إلى مايو 2014، احتجزت الحكومة واتهمت أو سجنت أكثر من 41 ألف شخص وفقاً لمنظمة هيومان رايتس ووتش.

يقول جوي ستورك، نائب المدير التنفيذي لمنظمة هيومان رايتس ووتش بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في بيان الأسبوع الماضي إن مصر تشهد ”قمعاً لم تشهد مثله منذ عقود“. وقالت المجموعة التي مقرها نيويورك إن السيسي ”وفر حصانة شبه تامة لانتهاكات قوات الأمن… وحد بشدة من الحقوق المدنية والسياسية“.

عندما اختفت المصورة إسراء الطويل في الأول من يونيو الجاري خشى والدها من مصير أسوأ. غادرت منزلها في القاهرة لتناول الطعام مع صديقين، بحسب والدها، لكن لا هي ولا أي من رفيقيها عاد إلى منزله.

بدأت عائلتها حملة كبيرة للبحث عن الفتاة البالغة 23 عاماً، والتي مازالت تعرج منذ العام الماضي عندما أطلقت قوات الشرطة النار عليها عند تصويرها لمظاهرة . ووصلت العائلة إلى مركز الشرطة.

ويضيف والدها محفوظ الطويل: ”أخبرونا أنها ليست موجودة“. لكن بعض الضباط الصغار أخبروه أنها في الواقع قد احتجزت. وأضاف أن بعض النشطاء يشكون في أن الشرطة يمكن أن تكون قبضت عليها لأنها تحمل كاميرا، والتي غالباً ما لا تفارقها.

وقال الطويل إن مجندي الشرطة أخبروه إن “الضباط لن يخبرونا أبداً“، وأضاف ”إن ابنته مصابة وتحتاج إلى العلاج، أريد فقط أن أعرف أين هي ابنتي“.

تلقت ”الحرية للجدعان“ يوم الخميس معلومات بأن أحد رفاق إسراء الطالب عمر علي تم رؤيته بسجن العقرب شديد التأمين بواسطة أحد المحتجزين. وانتشر الخبر من خلال مصادر موثوقة حسب قول نشطاء. ولم تستطع المجموعة (الحرية للجدعان) معرفة ما التهم التي قد تكون وجهت إلى علي.

يقول المحامي بمؤسسة حرية الفكروالتعبير، عمرو حسن: ”في كامل حياتي المهنية كمحامي، لم أواجه اختفاء قسريا إلا الآن. مازلت أحاول أن استوعب الأمر“.

ويقول محمد زارع رئيس جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء، إنه تعامل مع 40 حالة من الإختفاء القسري في منتصف التسعينيات، عندما كانت مصر تواجه التمرد الإسلامي العنيف. وأضاف: ”معظم الناس الذين اختفوا كانوا من المتطرفين الإسلاميين“، وأن بعض الضحايا فترة اختفائهم وصلت لسنوات، وفي بعض الحالات لم يتم العثور عليهم. وأكد: ”ما يحدث الآن أن شخصاً ما يتم اختطافه ثم يرسل إلى المحاكمة باتهامات ملفقة“. وأضاف أن فترات الاختفاء تعتبر قصيرة.

في وثيقة إليكترونية على موقع الفيسبوك، قام نشطاء بنشر لائحة بأسماء المختفين خلال الشهرين الماضيين. كان من بينهم شباب وكبار في السن، ومعلمين و طلاب، وآباء وأبناء.

وفي أحد الجمل المدونة: ”أخذ إلى ميكروباص واحتجز.“ وفي أخرى كتبتها الناشطة منى سيف، أوضحت طريقة القبض على عائلة عضو 6 إبريل نور السيد محفوظ. وقالت: ”الثلاثة قبض عليهم من منزلهم وتم تعصيب أعينهم“ في إشارة إلى نور ووالدها وشقيقها. وفي خبر تم وضع الرابط الخاص به مع التدوينة، قالت والدة نور إن الشرطة قبضت على الثلاثة.

وفي تدوينة أخرى في الأول من يونيو عن الناشط المقيم في سيناء صبري الغول ”أفيد أنه قتل بعد احتجازه من قبل الجيش“.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى