سياسة

مصر والسعودية.. من “أهلا سلمان في البرلمان” إلى “السنغال أقرب”

مصر والسعودية.. من “أهلا سلمان في البرلمان” إلى “السنغال أقرب”

كتب: محمد الصباغ

شهدت العلاقات المصرية السعودية تحوّلًا بارزا في الأيام الأخيرة، وصل إلى حد انتقادات علنية من مسؤولين رسميين بالمملكة للدولة المصرية. فبعد زيارة احتفى بها البلدان في أبريل الماضي، زار فيها الملك السعودي سلمان القاهرة لمدة 5 أيام مع وفد رفيع المستوى من الأمراء والوزراء وأسفر عن اتفاقيات اقتصادية عديدة بين القاهرة والرياض، هاجم مندوب المملكة في الأمم المتحدة، عبد الله المعلمي، تصويت مصر في مجلس الأمن لصالح قرار روسي ترفضه السعودية، وقال، الأحد 9 أكتوبر “كان من المؤلم أن يكون الموقف السنغالي والماليزي أقرب إلى الموقف التوافقي العربي من موقف المندوب العربي.”

وفي اليوم التالي، خرج مسؤول حكومي مصري لرويترز وصرح بأن شركة أرامكو السعودية، أكبر شركة نفط بالعالم، قد أبلغت الهيئة العامة للبترول شفهيا في مطلع أكتوبر بعدم قدرتها على إمداد مصر بشحنات المواد البترولية المقررة.

ثم أعلنت وزارة البترول أمس بدء وصول الشحنات البترولية البديلة للأخرى التي امتنعت “أرامكو” عن إرساله، مما يشير إلى استعداد مصر لخطة كهذه من الجانب السعودي. وقال حمدي عبد العزيز، المتحدث باسم وزارة البترول، إن الوزارة وفرت الأموال اللازمة لشراء الكميات المطلوبة خلال الشهر الجاري.

كما غادر سفير المملكة بالقاهرة، أحمد قطان، اليوم إلى بلاده في زيارة تستغرق 3 أيام لا ستعراض ملف العلاقات المصرية السعودية، مما يشير إلى تفاقم الأزمة الحالية.

وتجدر الإشارة إلى الأزمة القائمة بين الحكومة التي وقعت مع السعودية خلال زيارة سلمان في أبريل، اتفاقية تقضي بنقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير من القاهرة إلى الرياض. وأسفر ذلك عن أكبر تظاهرات ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ توليه الحكم في 2014. فقد تجمع مئات المتظاهرين أمام مبنى نقابة الصحفيين بوسط القاهرة تنديدا بالاتفاقية التي ذكرت الحكومة أنها نفذت بعد ترسيم الحدود البحرية وثبت ملكية السعودية للجزيرتين.

ونسرد في النقاط التالية شكل العلاقات المصرية السعودية منذ زيارة الملك سلمان في السابع من أبريل الماضي:

استقبال كبير

وصل الملك سلمان ظهر الخميس 7 أبريل 2015 إلى القاهرة وكان في استقباله الرئيس عبد الفتاح السيسي. وخلال مراسم الاستقبال الرسمية بقصر الاتحادية، أطلقت المدفعية 21 طلقة ترحيبًا بالعاهل السعودي، قبل عقد جلسة ثنائية بين الرئيس والملك، وتم تقليد العاهل السعودي قلادة النيل، أرفع وسام مصري.

ورحب الرئيس المصري بالعاهل السعودي، قائلًا: “أرحب بأخي على أرض وطنه الثاني”. وغرّد السيسي، في حسابه على تويتر قائلاً: أرحب بأخي جلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز، خادم الحرمين الشريفين، على أرض وطنه الثاني مصر، ثم دشن وسما تحت عنوان #مصر_ترحب_بالملك_سلمان.

سلمان في الأزهر والبابا بدون “الصليب”

قام الملك سلمان بزيارة للأزهر الشريف، والتقى الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر. وتم وضع حجر الأساس لمدينة البعوث الإسلامية الجديدة التي سيتم إنشاؤها بمنحة سعودية، وخصص لها 170 فدانًا.

ثم استقبل الملك سلمان البابا تواضروس، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية بمقر إقامته بالقاهرة، في مشهد أثار الجدل حيث ظهر “تواضروس” دون حمله الصليب المعتاد في يده.

وقال مصدران حكوميان لرويترز آنذاك إن زيارة الملك سلمان لمصر ستشهد توقيع اتفاقية لتمويل احتياجات مصر البترولية لمدة خمس سنوات بحوالي 20 مليار دولار وبفائدة اثنين بالمئة بجانب تقديم قرض لتنمية سيناء بقيمة 1.5 مليارات دولار.

سلمان في البرلمان

أذيعت الأغاني الوطنية وتم تزيين الشوارع المحيطة بالأضواء احتفالا بزيارة الملك سلمان لمجلس النواب في العاشر من أبريل الماضي، وألقى الملك السعودي كلمة أبرز ما فيها أن “العمل ضمن تحالف مشترك يجعلنا أقوى في مواجهة التحديات أمام أمتنا العربية والإسلامية.. الجسر البري المزمع إنشاؤه يعزز الحركة الاقتصادية داخل مصر ويربط بين قارتي آسيا وإفريقيا،” مضيفًا “اتفقنا على إنشاء منطقة اقتصادية حرة داخل سيناء على طريق تنميتها والعمل على ازدهارها.”

وتبارى النواب في إلقاء القائد والترحيب بالملك، فقال النائب ممدوح مقلد في جزء من قصيدة ألقاها “سلمان دمتم للعروبة راعيا.. وبلواء الجد عنها مدافعا.. سلمان انت في المواقف شامخا.. والعصر والأيام خير شاهد.” وهتف بعض النواب “يا ملك أهلا بيك نواب مصر بتحيييك.”

الدكتوراه الفخرية من جامعة القاهرة

منح رئيس جامعة القاهرة، جابر نصار، للملك سلمان الدكتوراه الفخرية، وقال إن جامعة القاهرة صرح علمي شامخ أسهم في إدارة الحركة العلمية والفكرية ليس في مصر فقط بل في العالم العربي والإسلامي.

وداع

ودع الرئيس السيسي في مطار القاهرة، يوم 11 أبريل،  العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز بعد زيارة استمرت خمسة أيام وشهدت توقيع عدد من الاتفاقيات الاقتصادية والسياسية وكان أبرزها اتفاق ترسيم الحدود الذي يقضي بتخلي مصر عن جزيرتي تيران وصنافير في مدخل خليج العقبة.

تيران وصنافير

خرج الرئيس عبد الفتاح السيسي يوم 13 أبريل في لقاء مع ممثلين لفئات المجتمع، وتطرق إلى قضية تيران وصنافير قائلًا “إن مصر لم تفرط في حق لنا، وفي الوقت نفسه أعطينا الناس حقها. وهناك مسافة في تناول القضية بالنسبة للفرد مقارنة بسياق الدولة.” وأردف: “هذا الموضوع لم يتم تناوله من قبل ولم يتم طرحه حتى لا يُؤذي الرأي العام في البلدين.”

ثم أنهى حديثه بقوله: “أرجو إننا مانتكلمش في الموضوع دا تاني. فيه برلمان انتوا اخترتوه وهو هيناقش الاتفاقية. لأن مش معقول نكون متشككين في أجهزتنا وبرلمانا. سيبوا البرلمان يقرر.”

وفي 15 أبريل أو “جمعة الأرض”، خرجت مظاهرات حاشدة هتف فيها المتظاهرون “ارحل” لأول مرة تقريبا في حكم السيسي من أشخاص لا ينتمون للإخوان المسلمين أو الإسلاميين. وفرقت قوات الأمن المتظاهرين واعتقلت العشرات.

الجزيرتان مصريتان

المستشار يحيى الدكروري وهيئة المحكمة

في 21 يونيو 2016، قضت محكمة القضاء الإداري ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية والتي تضمنت نقل تبعية جزيرتين بالبحر الأحمر للمملكة. وهي القضية التي ما زالت أمام القضاء إلى الآن بعد انتهاء التظاهرات المعارضة للاتفاقية بشكل كبير.

هجوم سعودي

صوتت مصر يوم السبت الماضي لصالح مشروع قرار روسي وافق عليه مع مصر فقط الصين وروسيا وفنزويلا، وهو القرار الذي يحث جميع الأطراف في حلب على وقف الأعمال العدائية فورا، ويشدد على التحقق من فصل قوات المعارضة المعتدلة عن جبهة النصرة كأولوية رئيسية.

ليخرج في أعقاب التصويت، عبد الله المعلمي، مندوب المملكة لدى الأمم المتحدة منتقدا مصر لتصويتها لمشروع القرار روسي الذي يقضي أيضًا باستمرار الطيران فوق مدينة حلب السورية، ووصفه بالمؤلم.

وقال المعلمي بعد الجلسة “كان من المؤلم أن يكون الموقف السنغالي والماليزي أقرب إلى الموقف التوافقي العربي من موقف المندوب العربي، هذا بطبيعة الحال كان مؤلما ولكن أعتقد أن السؤال يوجه إلى مندوب مصر.”

وتابع “كانت تمثيلية مهزلة بتقديم قرار مضاد لم يحصل إلا على أربعة أصوات، وأنا أرثي لهؤلاء الجهات التي صوتت لصالح القرار لأنها واجهت رفضا عنيفا وقويا، اليوم يوم مظلم بالنسبة للشعب السوري.”

ثم تبع ذلك إعلان الحكومة المصرية إيقاف شركة أرامكو الحكومية السعودية لشحناتها البترولية إلى مصر، قبل أن تبدأ شحنات بديلة في الوصول أمس لتوفير متطلبات شهر أكتوبر من مواد البترول.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى