سياسة

أسوشيتد برس: البرلمان المصري مرّر “مذكرة إعدام” بحق منظمات المجتمع المدني

أسوشيتد برس: البرلمان المصري مرّر “مذكرة إعدام” بحق منظمات المجتمع المدني

أسوشيتد برس – ماجي ميشيل

ترجمة: محمد الصباغ

أقر البرلمان المصري الثلاثاء، قانونًا جديدًا لعمل المنظمات غير الحكومية يعطي الأجهزة الأمنية سلطة واسعة لتمويل أنشطة هذه المنظمات والمجموعات الحقوقية.

نددت منظمات حقوقية بالقانون واعتبرته أحد أقوى عمليات القمع الذي تمارسها الدولة المصرية على المجتمع المدني، وقالوا إنه سيتسبب في إغلاق الكثير من هذه المجموعات، بينما أشار مناصرو القانون إلى أنه إجراء ضروري لحماية الأمن القومي، لكنّ المنتقدين أكدوا أنه جزء من التضييق على المعارضة الذي تمارسه حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وفقًا لهذا القانون، والذي يجب أن يصدق عليه الرئيس، يمكن أن تواجه المنظمات المخالفة للقواعد الحكومية عقوبات بالسجن لمدة خمس سنوات وغرامات باهظة تصل إلى مليون جنيه مصري، ويجب أن تحصل المنظمات على تصريح من الدولة لتلقي تمويل أجنبي أو تبرعات محلية تزيد على 10 آلاف جنيه أو عند قيامها بتغيير مقراتها أو حين تقوم بأحد الأبحاث أو الإحصائيات.

وستنظر في التصريحات هيئة رقابية وحيدة وجديدة مكونة من عدة مؤسسات حكومية وأجهزة أمنية ووزارات الدفاع والداخلية.

وستجد المنظمات الحقوقية التي تعمل ضد انتهاكات الشرطة وتدافع عن حرية التعبير نفسها تطلب التراخيص من نفس الأجهزة الأمنية التي تدين ممارساتها بشكل روتيني.

ويقول محمد زارع، مدير أقدم مؤسسة حقوقية مصرية، معهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان: “ستحدث مذبحة للمنظمات الحقوقية والمنظمات غير الحكومية.”

منذ الإطاحة بالرئيس السابق محمد حسني مبارك عقب مظاهرات ضخمة عام 2011، واجهت منظمات حقوق الإنسان في مصر تضييقا أمنيا شديدا. وشنت وسائل الإعلام حملة منظمة تتهمهم بتغذية عدم الاستقرار والعمل كـ”طابور خامس” لصالح الدول الغربية وتنفيذ أجندات أجنبية.

بعد أشهر من انتفاضة عام 2011، داهمت القوات الأمنية مقار 17 منظمة غير حكومية أغلبها أجنبية وأحالت 43 شخصًا من بينهم مواطنون أمريكيون إلى محاكمة بتهمة مخالفة القوانين المنظمة لعمل المنظمات. أغلب المتهمين غادروا البلاد وتم الحكم عليهم غيابيًا.

وفي هذا العام أحيت السلطات القضية نفسها واستهدفت مجموعة من نشطاء حقوق الإنسان البارزين، وجمدت أصولهم المالية ومنعتهم من السفر، ويخضع بعض منهم لتحقيقات جنائية. لو تمت إدانتهم بتلقي تمويل أجنبي غير مشروع، أو اتهامات أخرى مرتبطة بالأمن القومي، قد يواجهون أحكامًا قد تصل إلى السجن المؤبد.

وقال زارع إن تلك التحقيقات “ستنهي وجود المنظمات الحقوقية، والقانون سيغلق الباب أما ظهورها من جديد في المستقبل.”

لو صدّق السيسي على القانون، فأثاره ستمتد إلى أبعد من المنظمات الحقوقية، وتضع حوالي 50 ألف منظمة غير حكومية تعمل في مجالات مثل الصحة والقضايا التنموية والعمل المجتمعي المحلي والخيري، تحت سيطرة كبيرة.

إحدى مواد القانون تمنع المنظمات من ممارسة “أنشطة تسبب اضطرابا في الوحدة الوطنية، والأمن القومي، والمجال العام، والأخلاقيات العامة.”

وأبدت المنظمات الحقوقية مخاوفها من هذه العبارات الغامضة التي يمكن استخدامها لإيقاف أنشطة لا توافق عليها الحكومة.

كما تتطلب مادة أخرى أن تقدم المنظمات الخيرية والمجتمع المدني خدمات اجتماعية تتماشى مع أجندة الدولة للتنمية الوطنية.

ويعلق زارع: “القانون مستلهم من قوانين الستينيات، حيث تم تأميم المجتمع المدني وتحول إلى فرع حكومي.”

ووصفت منظمة العفو الدولية، ومقرها لندن، القانون بأنه “مذكرة إعدام” بحق المنظمات الحقوقية وطالبت السيسي بعدم التصديق عليه. بينما قالت الأمم المتحدة إن القانون الجديد سيجعل من منظمات المجتمع المدني إلى “دمى حكومية”.

وقال ماينا كياي، المقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات في الأمم المتحدة، في بيان إن مواد القانون تنتهك القانون الدولي وتتعارض مع الدستور المصري نفسه. وأضاف: “ربما القانون هو أسوأ تقييد على الحريات الأساسية في مصر منذ انتفاضة 2011. يهدف إلى تدمير المؤسسات المصرية السلمية، والمشاركة المدنية من جذورها.”

وتابع “لا يمكن أن يؤدي المجتمع المدني في الوقت الذي يقلل القانون من دوره ليصل إلى ما يشبه المتحدث الرسمي للحكومة.”

تم تمرير القانون بالأغلبية في البرلمان الذي يهيمن عليه مناصرو السيسي.

ودافع النائب محمد أبو حامد، ونائب رئيس اللجنة التي صاغت القانون، عنه قائلا إن الهدف هو صنع توازن بين احتياجات المجتمع المدني والأمن القومي، والذي فشل القانون القائم في الوصول إليه.

وأضاف: “يملأ القانون الجديد الفجوة ويحمي الدولة من مخاطر الإضرار بالأمن القومي.” مؤكدا أن العقوبات الجنائية كانت يجب أن تكون رادعة. ثم تساءل: “ماذا لو تلقن منظمات المجتمع المدني أموالا لاستخدام المتفجرات؟”.

وكان النائب هيثم الحريري من بين المعارضين للقانون، وقال إنه نوقش باختصار وفي مناخ من “التخويف”. وأضاف “أيا كان من يعارض القانون يتم اتهامه مباشرة بالعمل ضد الأمن القومي،” مشيرًا إلى أن النواب المؤيدين للحكومة وللقانون كانوا يقاطعون المعترضين قائلين إن منظمات المجتمع المدني تتلقى أموالا “لتدمير مصر”.

وقال الحريري أيضًا “القانون كارثي. قلت لرئيس البرلمان: أنت تواجه مسؤولية تاريخية ولو سمحت بمرور القانون، سمعة مصر الدولية ستدمر بشدة.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى