سياسة

نادية مراد.. من حلم صالون تجميل إلى أول نوبل عراقية

نادية مراد.. من حلم صالون تجميل إلى أول نوبل عراقية

 

المصدر: voa

تسلمت الناشطة الحقوقية الإيزيدية، نادية مراد، والطبيب الكونغولي، دينيس موكويجي اليوم، مساء أمس الإثنين، جائزة نوبل للسلام لعام 2018 وذلك خلال حفل أقيم في العاصمة النرويجية (أوسلو) .

نادية مراد نجت من أسوأ الأعمال الوحشية التي لحقت بشعبها، وهم الأيزيديون في العراق، من قبل تنظيم داعش الإرهابي، قبل أن تصبح بطلة عالمية لقضيتهم وحائزة جائزة نوبل للسلام.

أصبحت نادية أمس الإثنين، التي تم احتجازها رهينة من قبل داعش في عام 2014 لكنها نجت، أول عراقي يحصل على الجائزة المرموقة.

مُنحت نادية، التي تبلغ من العمر 25 عاما، جائزة نوبل مع الطبيب الكونغولي دينيس موكويجي، لجهودهما في وضع حد لاستخدام العنف الجنسي كسلاح في الحرب”.

عاشت مراد حياة هادئة في قريتها، في معقل اليزيدي الجبلي في سنجار في شمال العراق، بالقرب من الحدود مع سوريا، وقالت في خطاب تسلم نوبل: “كفتاة صغيرة، كنت أحلم بإنهاء المرحلة الثانوية”.

وتابعت: “كان حلمي أن أحظى بصالون تجميل في قريتنا وأن أعيش بالقرب من عائلتي في سنجار. لكن هذا الحلم أصبح كابوسا. حدثت أشياء غير متوقعة. وقعت الإبادة الجماعية.”

اقتحم الجهاديون أجزاء من العراق وسوريا في أغسطس 2014.

واقتحم داعش قريتها، كوجو، فقتلوا الرجال، وأخذوا أطفالاً أسرى لتدريبهم كمقاتلين، وأسروا آلاف النساء لحياة العمل القسري والاستعباد الجنسي.

تم أخذ مراد إلى الموصل، العاصمة العراقية للخلافة التي أعلنها داعش، حيث تم احتجازها وأسرتها بشكل متكرر وتعرضت للتعذيب والضرب.

وسابقًا قالت نادية: “أراد مقاتلو التنظيم أخذ شرفنا، لكنهم فقدوا شرفهم”.

بالنسبة للجهاديين، بتفسيرهم الصارم للإسلام، ينظر إلى اليزيديين على أنهم زنادقة، ويتبع المجتمع الناطق باللغة الكردية دينًا قديمًا، يحترم إلهًا واحدًا و”قائد الملائكة”، ممثلة بطاووس.

مثلها مثل الآلاف من اليزيديين، تم بيعها وزواجها بالقوة من جهادي، وتم ضربها، وعلى النقيض من الزوجات الرسميات لقادة داعش، أجبروا على وضع المكياج وارتداء الملابس الضيقة، وهي تجربة ذكرتها أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وقالت نادية لوكالة فرانس برس في عام 2016: “أول شيء فعلوه هو أنهم أجبرونا على التحول إلى الإسلام”.

بدأت نادية محاولة الهرب، وتمكنت بالفعل من ذلك بمساعدة عائلة مسلمة من الموصل باستخدام أوراق هوية مزيفة، وعبرت عشرات الكيلومترات إلى كردستان العراق، وانضمت إلى حشود من اليزيديين النازحين الآخرين في المخيمات.

وهناك، علمت أن ستة من أشقائها وأمها قُتلوا.

وبمساعدة منظمة تساعد اليزيديين، تمت إعادتها لتعيش مع أختها في ألمانيا، حيث تعيش اليوم، حتى هناك تقول إنها لا تزال تخاف، لنفسها ولسيدات أخريات أبرياء، وقالت نادية للصحفيين في المؤتمر الصحفي: “أنا شخص بهيج وأنا شخص صريح ولا أريد أن أعيش في خوف”.

بلغ عدد اليزيديين نحو 550.000 في العراق قبل 2014، لكن نحو 100.000 شخص غادروا البلاد، ويظل الكثيرون ممن فروا من مسقط رأسهم إلى كردستان العراق مترددين في العودة إلى أراضيهم التقليدية.

وكرست نادية نفسها لما أسمته “معركة شعوبنا”، وحصلت هي وصديقتها لمياء حاجي بشار على جائزة حقوق الإنسان لعام 2016 من الاتحاد الأوروبي “ساخاروف”.

ودعت إلى تقديم المساعدة لنحو 3000 من اليزيديين الذين ما زالوا مفقودين، ويفترض أنهم ما زالوا في الأسر، وكذلك بالنسبة إلى البلدان الأوروبية لاستقبال النازحين الأيزيديين.

كما قامت بحملة من أجل الاعتراف بالأعمال التي يرتكبها داعش على الصعيد الدولي على أنها إبادة جماعية.

وفازت القضية اليزيديّة بدفاع رفيع المستوى، وهي المحامية اللبنانية الحقوقية اللبنانية، أمل كلوني، التي كانت في حفل جائزة نوبل، وصاغت مقدمة كتاب مراد “الفتاة الأخيرة”، الذي نُشر عام 2017.

وفي نفس العام، أعلنت الأمم المتحدة أنها ستبدأ في جمع الأدلة حول جرائم حرب داعش، أو الجرائم ضد الإنسانية، أو الإبادة الجماعية التي ستُستخدم لمحاكمة مقاتلي داعش في المحاكم العراقية، وتم تعيين أول بعثة ميدانية في العراق لعام 2019.

وقالت مراد في خطابها عن نوبل: “حتى الآن لم يتم تقديم مرتكبي الجرائم التي أدت إلى هذه الإبادة إلى العدالة”، “أنا لا أسعى إلى المزيد من التعاطف أريد أن أترجم هذه المشاعر إلى أعمال على الأرض”.

كانت مراد في الولايات المتحدة عندما سمعت عن جائزتها، وقالت إنها “خائفة” في البداية، وقالت “أول ما تبادر إلى ذهني هو أمي، لقد بكيت كثيرا”.

وتابعت: “كان الأمر صعباً للغاية، لقد تلقيت جائزة نوبل للسلام من المشقة والصعوبات التي واجهها جميع هؤلاء الأشخاص ومن كل العمل الشاق الذي قمنا به”.

وعلى النقيض من جميع المآسي التي حلت بها، تظهر الصور الأخيرة لنادية على “تويتر” أوقاتًا أكثر سعادة.

ووجهت مراد الشكر، خلال كلمتها التي ألقتها في حفل تسليم الجائزة إلى الطبيب الكونغولي موكويجي، بسبب قيامه بالعمل على إنقاذ ضحايا العنف الجنسي، وكشف آلام النساء اللاتي وقعن فريسة لأعمال العنف أمام العالم.

وأعربت عن الأمل أن يكون اليوم بداية لعصر جديد يسوده السلام، وأن يعمل العالم بشكل جماعي على التوصل إلى خارطة طريق تحمي النساء والأطفال والأقليات من الاضطهاد.

يذكر أن الطبيب الكونغولي الفاز بالجائزة لقب بـ”مداوي جراح النساء”، وذلك بسبب جهوده التي بذلها لإنقاذ ضحايا العنف الجنسي في الكونغو الديمقراطية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى