سياسة

آن سباركل: الجميلة تقتل “أعداء أمريكا”

آن سباركل: الجميلة تقتل “أعداء أمريكا”

ذا دايلي بيست – داون رانج – ترجمة وإعداد: محمد الصباغ

تشرف “آن” على تشغيل الطائرات دون طيار، وتتعامل بشكل جيد جداً مع الموت. تستيقظ من نومها في منزلها بلاس فيجاس في حوالي العاشرة مساءً لتبدأ نوبة عملها في منتصف الليل. هي رقيب قوات جوية ووظيفتها هي التحكم في أجهزة الاستشعار الملحقة بالطائرات دون طيار. وهي أيضا مسؤولة عن مهمات سرب الاستطلاع في العراق وأفغانستان.

“آن” بات اسمها “سباركل” بالنسبة لمشغلي الطائرات الآخرين. وعندما زادت موجة القوات المرسلة إلى أفغانستان بأوامر أوباما عام 2009، كان عقلها بعيداً في صحراء على بعد 7 آلاف ميل. وخلال الأربع وعشرين ساعة التالية ستتعقب أحد المتمردين، وتشاهد مقتله بقذيفة من طراز هيل فاير، ثم تقوم بعد ذلك بالتجسس على جنازته قبل أن تنهي ليلتها بإفطار وزجاجة بيرة ورحلة إلى حديقة الكلاب.

أصبحت الطائرات بدون طيار هي رمز للحروب الأمريكية الجارية في أفغانستان والصومال وسوريا. وبعد 14 عاماً من تنفيذ أول عملية استهداف بطائرة بدون طيار – كانت ضد تنظيم القاعدة –  يبقى الجانب الأخلاقي والشرعي لهذه الضربات الجوية مثيرا للكثير من الجدل.

وبينما كل الحديث يدور حول الطائرات دون طيار، تبقى أسماء الرجال والنساء الذين يشرفون على تشغيل أكثر أنظمة الأسلحة المثيرة للجدل في القرن الواحد والعشرين بعيدة عن الرأي العام – عدا عندما تتحدث تقارير عن ضربات أسفرت عن مقتل مدنيين. ألتقت “الدايلي بيست” بعشرات من هؤلاء العاملين في مجال تشغيل الدائرات دون طيار خلال العام الماضي بقاعدة هولومان الجوية، بنيو مكسيكو حيث يتم تدريبهم قبل ترك القاعدة وتوزيعهم إلى مراكز التحكم أو التشغيل. والأسماء المذكورة هنا هي أسمائهم الأولى فقط أو أسمائهم في إشارات التواصل فيما بينهم.

مثل عمال المصانع، يعمل طاقم الطائرات بطريقة نوبات العمل، في بعض الأوقات يطيرون 8 ساعات في المرة. يعمل الطيارون ومشغلو الاستشعار عن بعد في تناوب دائم، لذا عادة يقوم الأخير بالعمل مع طيار مختلف كل نوبة عمل.

ويقول باتريك (لقبه سباد)، أحد الطيارين الذي عمل في أفغانستان، إنه لم يرد أن يبق بعيداً عن عائلته لذا قرر التطوع عام 2009 من أجل العمل على طائرة دون طيار من نوع (MQ-9 Reapers). وأضاف أنه يعتقد أن مجال تشغيل الطائرات عن بعد أفضل من الطيران العادي. فهو يستطيع البقاء بين عائلته وفي وطنه وفي نفس الوقت يقوم بعمليات قتالية.

عملت سباركل في كازينو بلويزيانا قبل أن تنضم إلى القوات الجوية لكي تستطيع دفع تكاليف جامعتها. بدأت كمحللة للصور، حيث تفحص الصور القادمة من الأقمار الصناعية بحثاً عن أي نشاط للمسلحين. ثم التحقت ببرنامج الطائرات الموجهه عن بعد. وتقول إنها تنغص على العدو حياته حتى في العالم الأخر، وتضيف: ”معظم المتشددين الجهاديين يعتقدون أنهم إذا قتلوا على يد امرأة لن يدخلوا الجنة. وبالنظر إلى كيفية تعاملهم مع نسائهم، أنا أضع الملح على الجرح“. وأثناء الحديث جاء نداء إلى سباركل وسباد يفيد بضربة جوية قادمة سينفذونها، وبالطبع وظيفة سباركل هنا هي توجيه القذيفة إلى الهدف.

قبل كل نوبة عمل يتم إعلامهم بأحوال الطقس. وفي أحد نوبات العمل كان هدفهم هو أحد القيادات الوسطى في طالبان. تابعوه خلال الأسابيع الماضية، ثم حان وقت الضربة. امدتهم الاستخبارات بمخطط لتحرك الهدف، وعلى إحدى الشاشات كانت تحركات الهدف أمامهم. عرفوا من متابعتهم أنه يستغرق 12 ثانية كي يصل بدراجته النارية من مبنى سكني إلى مكان الاجتماعات بالمقابر. وكانت الخطة هي ضربه في منطقة خاوية بين المكانين.

هذه الضربات يكون مخططا لها بشكل جيد، لكن هناك ضربات من نوع آخر يقوم بها أشخاص كسباد وسباركل وهي ضربات تحدث لو حتى فقط تصرف شخص كإرهابي. وفي هذه الحالات، من الصعب التأكد أن الضربات لم تصب الشخص الخطأ أو أنهت حياة مدنيين. وفي إحدى تلك العمليات، قتل وارين وينشتاين، الرهينة الامريكي الذي كان محتجزاً لدى تنظيم القاعدة.

عملية التجهيز لضرب رجل القاعدة استمرت 15 دقيقة. ثم انتظروا جميعاً لحظة ظThe US military in Kandahar, southern Afghanistan, a Taliban stronghold, are using high-tech Predator drones against their enemy. They have approximately 8 there. The Predator has no pilot, and is controlled for his highly secret mission from Las Vegas. The team in Kandahar is in charge of their take off and landings. The drones have a highly powerful camera with infrared, as well as a still camera and two missiles. (Photo by Veronique de Viguerie/Getty Images)هور الهدف. ويقول سباد: ”الأمر مثير جداً في المرات الثماني أو العشر الأولى“، ثم سريعاً ستبدأ بالشعور بالملل. فأنت تبقي عينيك دون أن ترمش أثناء مراقبة هدف ما، وأحياناً يقوم طاقم العمل بمراقبة منزل واحد لساعات.

يأتون بالألعاب لقتل الوقت. وفي إحدى المرات قام أحد الطيارين بابتكار لعبة يكون الفائز فيها من تظهر على شاشته أي حركة سواء كانت لحمار أو سيارة. ويقول أفراد الطاقم أنهم رأوا لمرات لا تعد مقاتلين يقضون حاجتهم في الغابة أو يمارسون الجنس، وأحياناً مع حيوانات.

وخلال الرقابة الطويلة تحدث علاقة بين طاقم الطائرات بدون طيار الذين يعملون بالولايات المتحدة وبين الهدف، فيعرفون معلومات أكثر من الطيارين المقاتلين العاديين أو الجنود، فهم يعرفون مسجد العائلة ومدارس الأطفال.

وبالعودة إلى رجل القاعدة –هدف اليوم- فقد شاهدوا الشاشة أمامهم وانتظروا لساعات. ساعتان بعد بداية نوبة عملهم، ثم خرج الهدف من منزله. قالت سباركل ”إنه يخرج“. كانت هناك فرحة كبيرة على وجه سباد وسباركل عند ظهور الرجل.هنا لم يسمح لأحد بدخول غرفة العمل. المكان هادئ جداً. وقالت سباركل إن اللعبة بدأت أبرزوا أنيابكم.

بدأت أصابع سباركل في الارتعاش الخفيف كما يحدث مع كل ضربة. خلال أول ضربة لها، كانت يدها مخدرة من القلق قبل أن تتحكم في حركة قنبلة موجهة بالليزر إلى مجموعة من 15 مقاتلاً أفغانياً.  وتؤكد أنه بعد القيام بالأمر لخمس أو ست مرات في اليوم التالي يكون الأمر مختلفاً.

خرج الهدف من دائرة سباركل وسباد، لكن كان هناك طاقم آخر في انتظاره، ولو فقدوه سيعود الدور إلى الثنائي الأول. أنهى الفريق الثاني العملية، وارتفع دخان الحطام بعد الضربة، كان عليهم تقييم الأضرار والتعامل مع مشاعر إنهاء حياة شخص ما من على بعد آلاف الأميال. وتقول سباركل: ”إنها جثة. نقوم بما يجب أن نفعله. إنه ميت. والآن علينا مراقبة عملية دفنه“.

وفقاً لإحصائية من مركز الإشراف الصحي بالقوات المسلحة، وجد أن من يعملون في تشغيل الطائرات دون طيار يعانون من ضغط عصبي عالي جداً بسبب العمل. يعتقد الخبراء أن ساعات العمل الطويلة والمعارك العنيفة تسبب ذلك. فقامت القوات الجوية حالياً بتعيين علماء نفس ورجال دين وأطباء واستشاريين، لمساعدة الطيارين ومشغلي أجهزة الاستشعار عن بعد. فيما يقول سباد إنه لا يسمح لتكل الأمور أن تتداخل مع بعضها البعض، فالمحللون أخبروه أن طالبان والقاعدة يجعلون الأطفال يرتدون سترات انتحارية، وهنا يفكر عقله في أطفاله.

ويضيف: ”أنا أب في المقام الأول وطيار بالقوات الجوية في المقام الثاني. أنت تسبب الفوضى مستخدماً الأطفال فليس من الصعب عليّ أن أقتلك“.

كما قال ”يجب أن تشعر بسعادة غامرة لأنك تقوم بعملك جيداً وهناك شخص سيئ قد رحل، لكن يجب أن تكون حزيناً لإنهائك حياة شخص ما“.

The US military in Kandahar, southern Afghanistan, a Taliban stronghold, are using high-tech Predator drones against their enemy. They have approximately 8 there. The Predator has no pilot, and is controlled for his highly secret mission from Las Vegas. The team in Kandahar is in charge of their take off and landings. The drones have a highly powerful camera with infrared, as well as a still camera and two missiles. (Photo by Veronique de Viguerie/Getty Images)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى