سياسةمجتمع

واشنطن بوست: ما عاشته معلمة مصرية في مدرسة أمريكية بعد فوز ترامب

واشنطن بوست: ما عاشته مدرّسة مصرية في مدرسة أمريكية بعد فوز ترامب

واشنطن بوست – فاليري شتراوس – أماني الكسباني
ترجمة: فاطمة لطفي

أماني الكسباني، هي مدرسة مصرية أمريكية مسلمة ومهاجرة تعمل في مدرسة توماس وتون الثانوية في مقاطعة مونتغومري في ألاباما بالولايات المتحدة الأمريكية. وصلت بصحبة عائلتها إلى أميركا عام 1970 عندما كان عمرها عامين. قالت أنها تواجه تحديات جديدة في فترة الرئيس المنتخب دونالد ترامب، الذي سيتولى منصبه في يناير.

بعد انتخابات نوفمبر الرئاسية، أراد التلاميذ في صف الكسباني مناقشة الأمر، وعندما قال تلميذ واحد أنه شعر بالسرور بفوز ترامب، لم تدري ماذا تفعل. وتسائلت كمهاجرة من الشرق الأوسط وكمسلمة :” أي جزء “مني” سيرد على ذلك؟ وهذا ما قررت أن تفعله، وهذا ما كتبته:

أماني الكسباني:

في الصباح الذي تلا الانتخابات الرئاسية، حييت تلاميذي كعادتي وقلت:”صباح الخير”، لكن بابتسامة متكلفة. كنت أشعر فعليًا أن كل شئ يسير عكس كل ماهو جيد، شعرت بالحزن والغضب والخوف والصدمة والخذلان. على مدى وقت طويل من العام،  كنت أستمع إلى خطابات ترامب التي ساعدت في تقسيم بلادنا على  أسس عنصرية ودينية وجنسية. وكـ امرأة أمريكية مصرية ومسلمة وابنة لمهاجرين، شعرت بوجه خاص بالاستهداف. كنت مذعورة أن بلادي اختارت هذا المرشح ليكون رئيسًا لها. ارتديت الأسود في ذلك اليوم تعبيرًا عن حزني.

ردت تلميذة على تحيتي وقالت:” هذا ليس بصباح جيد”، لم تفسر أو توضح أكثر، لم تكن مضطرة لذلك. أنا أعيش في ولاية “زرقاء”، أي ولاية صوتت لصالح هيلاري كلينتون التي خسرت، لكن الأمر لم يكن متعلق بخسارتها فقط، لكنه متعلق كذلك بفوز ترامب.  الذي كانت رسالته أن الأشخاص الملونيين والمهاجرين والمسلمين والنساء، يهددون بشكل ما أمريكا العظيمة، وبما أنه فاز، لم يكن صباحًا جيدًا  لي ولا لتلاميذي.

وقبل أن أجد فرصة لسؤال تلميذتي عما تعنيه، عارضها تلميذا آخر وقال مبتسمًا وبفخر :” إنه صباح عظيم”. الصمت الذي تلى ذلك كان واضحًا. كنا في بلاد منقسمة، وفصلي كان منقسما أيضًا. كان الجميع هادئًا ينتظر تعليقًا مني .

أي جزء “مني” سيرد إذن؟

أراد الجزء المتعلق بالمرأة المهاجرة والمسلمة منّي أن يصرخ عاليا ليعارض رأي ذلك التلميذ. وأرادت المرأة الرؤوفة بداخلي، خلق مساحة آمنة لجميع التلاميذ للتعبير عن آرائهم، مهما كانت. وأدركت المعلمة بداخلي أن هذه لحظة جيدة للتعليم وأردت مساعدة التلاميذ لرؤية أن الاختلاف لا يجب أن يدمر حس الوحدة.

في ذلك الصباح، انتصرت بعد جهد المعلمة التي بداخلي.

بدأت أشرح لهم مدى إنزعاجي من نتيجة الانتخابات ومحاولاتي لفهم كيف وصلنا إلى هذه النقطة. وأخبرتهم أنه رغم حزني إلا أنني لازلت أؤمن أن معظم الناس كانوا صالحين، وأنني أردت فهم كيف يختار أناس صالحون شخصًا أهان وأقصى الكثير من الأمريكيين لتولي أعلى منصب في البلاد. أردت لتلاميذي أن يمارسوا ذلك، احترام جميع الأشخاص والانفتاح على وجهات النظر المتعددة، حتى هذه التي يختلفون معها، وخاصة هذه التي تثير غضبهم ونفورهم.

لكن التدريس بالإقناع أمر صعب. يمانع معظم طلبة المرحلة الثانوية التعبير عن آرائهم الشخصية والسياسية في الفصل، خشية أن يثير قولهم لأي شئ انتقاد مدرسيهم، أو ابتعاد زملائهم عنهم. أردت من تلاميذي التعبير عن آرائهم، لكنهم كانوا محبطين من نتائج الانتخابات.

أعربت الفتاة التي ردت بأنه ليس صباحًا طيبًا، عن خوفها من فقدان حقها في اتخاذ قرارات هامة متعلقة بجسدها. بينما قالت  تلميذة أخرى، أمريكية أفريقية:” يبدو أننا نعود إلى الخلف، كل الحقوق التي ناضلنا لأجلها، ربما يسبلوننا إياها في أي وقت”. أومأ قليل من التلاميذ موافقةً على ذلك.

أما التلميذ الذي قال إن الصباح عظيم، زعم أن رده لم يكن تعقيبًا على نتائج الإنتخابات، لكن تعبيرًا عن سعادته بشأن موقف شخصي. أرادت المدرسة بداخلي تصديق أنه صادق. لكن الأمر كان صعبًا.

بعد انتهاء اليوم الدراسي، تحدثت معه عن تعليقه، أصر أنه لم يكن تأييدًا لنتيجة الانتخابات. لكنه قال رغم ذلك، أن الأمر سيتم فهمه على هذا النحو، بالنظر للسياق العام، وأن نبرة حديثه بدت عدائية للتلاميذ الذين شعروا بالتهميش بسبب نتيجة الانتخابات.

ولأكون منصفة، قدم التلميذ خلال الحصة الدراسية، سببًا لنتائج الانتخابات. قال أن رئاسة ترامب ستعزز من تحالفنا مع روسيا، التي يتزايد نفوذها على الساحة الدولية. كان صعب عليّ كمسلمة، إنشاء مسافة بيني وبين ما يعبر عنه، لكنني استطعت كمدرسة.

وفي الفترة الأخيرة، طلبت من تلاميذي مجددًا الكتابة عن مشاعرهم حول نتائج الانتخابات بعد مرور وقت. لم تكن الإجابات مفاجئة. أعرب معظمهم عن الإحباط والخوف والفزع والغضب لجميع الأسباب التي يمكن لأحد توقعها، تزايد معدل جرائم الكراهية، خطابات ترامب التحريضية، بالإضافة إلى إحتمالية إلغاء السياسات التقدمية التي تستفيد منها المرأة وجاليات المثليين والمتحولين جنسيًا والسحاقيات وثنائي الجنس والأقليات.

بينما كتب التلميذ المبتهج صاحب التعليق :” صباح عظيم” جملة واحدة:” أنا سعيد لفوز ترامب”. لم أكن مهمومة برأيه بقدر إحجامه أو عدم قدرته على قول الأسباب”.

بعدها سألني تلميذ إذا كنا سنحظى بنقاش في الأمر، قلت له أنني أود ذلك، لكنني قلقة بشأن أن تمنعني انحيازاتي الخاصة من أن أكون مرنة وموضوعية في هذا النقاش. وعليّ ألا أسمح لهذه الإنحيازات أن تمنعني من معاملة جميع التلاميذ بإنصاف وحيادية وكياسة، كما عليّ الإستماع إليهم دون الحكم عليهم.

سأعود إلى تلاميذي بعد العطلة، وسأقوم بما هو صعب، لكن ضروري. وسأفعل ما أعتقد أنه هدف التدريس، اكتشاف الأراء والخبرات المختلفة عني، واستخدام الحوار للعمل من أجل تحقيق الفهم الحقيقي والاحترام المتبادل بيننا.

وأشعر بجميع ما أنا عليه، كامرأة مهاجرة ومسلمة،  وعلى وجه الخصوص كمدرسة، بالتزام أخلاقي قوي إلى أهمية الغرس في أذهان التلاميذ القيم التي أعتقد أنها باتت مهددة، مثل العدالة، والتعاطف، والمشاركة، والإحترام وشجاعة التحدث عند انتهاك هذه القيم. ويبدو واضحًا أن تلاميذي يريدون التحدث، ووظيفتي هي مساعدتهم في الاستماع إلى بعضهم البعض.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى