ثقافة و فنمنوعات

حين قابلت “نبي الإسلام” و”المصرية الخارقة”..أحد عشر لقاءًا عجيبا

بالصور: مصور صحفي أمريكي يقابل أغرب سكان العالم

مذكرات من رحلة استغرقت سنتين حول عالم يرزح تحت وطأة الحرب العالمية الثانية

في ربيع عام 1943، قررت مجلة “لايف” الأمريكية إرسال مصورها “جون فيليبس” لتغطية الحرب العالمية الثانية في حوض البحر المتوسط والشرق الأوسط. وبالإضافة إلى كونه مصورا محترفا، كان فيليبس قاصا ممتازا أيضا. في هذا التقرير، يحكي فيليبس بعضا من أغرب وأبرز اللحظات في رحلته التي استمرت 23 شهرا في معاقل الحضارات القديمة.

 جون فيليبس – مجلة لايف – عدد 9 نيسان 1945

ترجمة -ريم الدفراوي

التقرير والصور لجون فيليبس

في شتاء 1943، كانت لدى وزارة الحرب الأمريكية أشياء أكثر أهمية من المراسلين الصحفيين كي ترسلها إلى الشرق الأوسط، لذا أرسلوني إلى هناك بحرا على متن شاحنة عسكرية محملة بمواد شديدة الانفجار. كانت تدريبات إخلاء الشاحنة تؤخد بجدية شديدة حيث كان انفجار الشاحنة مؤكدا في حال تعرضت للقصف. وفي بادرة طيبة، سلموا كل منا سترة نجاة بعد أن أخبرونا أن ما نحتاجه فعلا هو مظلة باراشوت.

مررنا في طريقنا بشمال الأطلنطي والبحر الكاريبي والمحيط الهادي والمتجمد الجنوبي وجنوب الأطلنطي ثم المحيط الهندي وبحر العرب، وأخيرا، بعد ثلاثة أشهر كاملة، البحر الأحمر.

1- مصر

وصلنا إلى السويس وقت انتشار وباء التيفود، وقضيت في القاهرة من الوقت ما يكفي للإصابة بتسمم الزرنيخ الذي فسّرتُ أعراضه في البداية على أنها “اسهال الترحال” التقليدي حتّى تعثرت بلافتة في إحدى المكاتب العامة تقول:

“تسبب السكوتش الذي يباع في محلات هذا الحي في آلام حادة لبعض الناس. وبتحليل السائل، وجدنا عنصر الزرنيخ السام ضمن مكوناته”.

لم يكن مذاقه سيئا على أي حال!

2- إمارة عبر الأردن (شرق الأردن)

كان الأمير عبد الله، حاكم الإمارة، نسخة طبق الأصل من شخصية “جوسلو” الكرتونية “الملك الصغير”. كان يرتدي زيا عربيا فائق النظافة، ومن خاصرته تدلى خنجر ذهبي كعلامة على أنه سليل النبي محمد.

وكانت ردهة قصره بعمان تعج بـ”المرايا المنحرفة” وكان يتشنج من كثرة الضحك وهو يراقب، من موقعه بالدور الثاني، زواره الرسميين من الإنجليز وقد بدت هيئتهم المنعكسة في المرآة قصيرة بدينة أو طويلة هزيلة. ولكن خوفا من تهديد هيبة الإمبراطورية البريطانية، فقد ترك الأمير عبد الله هذه المسألة على مضض وبمزيد من الأسف.

قمت بزيارة سموه في أحد معسكرات الحرب خلال شهر رمضان حيث يمتنع المسلمون عن الأكل والشرب والتدخين ما بين شروق الشمس وغروبها. جلس وتململ بعصبية وهو ينظر إلى ساعته مستعجلا موعد الإفطار. وعندما أسبل الغروب ستاره في النهاية، قام الأمير وتوجه إلى البقعة الوحيدة التي تستقبل جهة الكعبة. وهناك، أمام سجادة كبيرة، اغتسل وبدأ يصلي بينما حبس الضباط الإنجليز أنفاسهم وتسمروا في مكانهم حيث وقفوا خلف سجادة الأمير مباشرة في مرحاضهم المموه بعناية!

الأمير عبد الله يهزم جون فيليبس بلعبة الشطرنج. كان الأمير لاعبا ماهرا وسريعا.
الأمير عبد الله يهزم جون فيليبس بلعبة الشطرنج. كان الأمير لاعبا ماهرا وسريعا.

3- ليبيا

في الصحراء الليبية قرب بني غازي، كانت مجموعة المقاتلات الأمريكية رقم 98 مرابطة وسط مساحة شاسعة من الرمال الحمراء. وبشكل يومي، كانت المقاتلات الجوية تنطلق من قلب ذلك اللا-مكان الرملي الهائل متجهة لقصف أهدافها في روما وفلورنسا.

حُدِدَت تلك الأهداف على خرائط تم تخطيطها على جدران كوخ ضخم. في ذلك الوقت، كانت القوات الأمريكية تحارب في صقلية وكانت مواقع القوات محددة على الخريطة باستخدام مسامير الورق. وتحت واحدة من تلك الخرائط، نقشت يد مجهولة هذا النص:

غزاة صقلية

نيكياس من أثينا – هملقاء برقا من قرطاج البونية

ميتالوس سكيبيو من روما – بليساريوس من القسطنطينية

جعفر بن أحمد من جزيرة العرب – روجر من نورماندي

كارلو “الأول” من نابولي – بيدرو “الثالث” من أرواغون

أيزنهاور من كانساس

4- دمشق – سوريا

مرة في الأسبوع، مثل أعضاء نوادي الروتاري، يجتمع دروايش المولوية بإحدى تكايا دمشق. عندما وصلتُ، كان الجمع منعقدا حيث قام بضعة مئات من الدراويش بالرقص الدائري. جلست أشاهد صديقي، مدير أكاديمية المولوية بدمشق، وهو يرقص قرابة الساعة وبعدما فرغ من أداء الطقوس، استأذنته في التقاط بعض الصور. نظر إلى ببعض الألم وقال متحسرا: “وددت لو أجيب طلبك، ولكن علي أن أرفض. كما ترى، الكثير من رفاقي ضيقي الأفق، وسوف يعارضون بالتأكيد”.

5- لبنان

كان سليمان مرشد أفندي ابن اللاذقية يستشيط غضبا عندما يتهمه أحدهم بإدعاء الألوهية. سليمان، ببساطة، كان يرى نفسه النبي السابع للإسلام. تجلت الفكرة له في السادسة عشرة تحت وطأة هلاوس الملاريا، وتم استغلالها على الفور من قِبَل بعد الشيوخ المتواطئين. وعند بلوغه الثامنة عشرة، وجد سليمان أن الشيوخ يأخذون نصيبا كبيرا من المجد على حسابه فاتهمهم علنا بالزيف والكذب.

تنتمي قبيلة سليمان إلى الطائفة العلوية التي تؤمن بأن ظهور النبي السابع علامة على قيام الساعة. ومن هنا، قرروا ألا يباشروا أي عمل منذ تلك اللحظة. انزعجت السلطات الفرنسية من جراء ذلك، وقامت بنفي سليمان إلى مدينة “الرقة”. وبعد مرور سنتين، أُطلقَ سراح سليمان بعد أن قررت السلطات الفرنسية استغلال شعبيته لأغراض سياسية.

قمت بزيارة النبي في محل إقامته وسط الجبال. كان يزن 300 رطلا ويعاني من تراكم الدهون بالقلب. وكان يرتدي بذلة بيضاء ملطخة ويحمل طبنجة ويتجشأ بشكل متكرر.

 سليمان مرشد أفندي يمد يده لأحد أتباعه. يزن سليمان 300 رطلا ويؤمن بأنه النبي السابع الذي يمهد لنهاية العالم.
سليمان مرشد أفندي يمد يده لأحد أتباعه. يزن سليمان 300 رطلا ويؤمن بأنه النبي السابع الذي يمهد لنهاية العالم.

تناولنا السكوتش على الغذاء، وبعد أن فرغنا من وجبتنا، قدّم إلى شمبانيا فرنسية معتبرة. وقتئذ شعر سليمان أنه مدعو للتعبير عن آرائه السياسية لأنه إضافة إلى كونه نبيا، فهو أيضا ممثل منتخب من الشعب، أي نائب ذهب أتباعه المخلصون إلى صناديق الاقتراع لأجله.

“أنا مع سياسة الأمور الوسط. داعم للاعتدال. أنا محافظ” قال سليمان هذا بتجاهل ملوكي لمحاولات الابتزاز ودعاوى مصادرة الأراضي التي كانت تتراكم ضد في محاكم اللاذقية.

6- حلب – سوريا

مات جاسوسان نازيان خارج مدينة حلب في 29 سبتمبر 1943. تم إعدامهما رميا بالرصاص على يد كتيبة فرنسية. شعرت بالسوء صبيحة تنفيذ الحكم لعلمي أن هذين الرجلين لن يشهدا شمس اليوم التالي. وبينما وقفنا نستمع إلى الضابط وهو يتلو قرار الإعدام، قام أحد الجاسوسان بالهتاف. ردد تلك الكلمات التي كانت تبثها الإذاعة الألمانية لسنوات؛ كلمات جوفاء تعودنا تجاهلها. ولكن في مواجهة الموت، اكتسب هذا الرياء معنى.

تذكرت النازي الشاب الذي هددني برأس حربة إبان عملية آنشلوس* بالنمسا وخطر إلى أنهم كانوا ليقتلوننا جميعا بلا رحمة إذا سنحت الفرصة لهم وقتها.

وفجأة، وجدت نفسي أصيح “أطلقوا النار على النازيين الأوساخ!”.

بعد أن سقطا قتيلين، هرعت نزولا من فوق التلة حيث كنت واقفا ووجدتني أتحدث مع أول شخص أقابله. كان رئيس المحكمة التي قضت بإعدام الإثنين. قال لي: “لقد حكمت عليهما بالموت. وإذا كانت لدي أي شكوك وقتها، وهو ما لم يحدث، فلا يمكن أن تكون لدى أي شكوك الآن”.

*عملية عسكرية سلمية تم بموجبها ضم النمسا إلى ألمانيا الكبرى

جاسوسان نازيان يقفان في مواجهة كتيبة إعدام فرنسية بحلب. في الثلاث دقائق الفاصلة بين وصولهم إلى مقر تنفيذ الحكم وبين إعدامهم، وجد أحدهم من الوقت ما يكفي لهتاف نازي أخير.
جاسوسان نازيان يقفان في مواجهة كتيبة إعدام فرنسية بحلب. في الثلاث دقائق الفاصلة بين وصولهم إلى مقر تنفيذ الحكم وبين إعدامهم، وجد أحدهم من الوقت ما يكفي لهتاف نازي أخير.

7- القاهرة – مصر

قضيت اليوم في التقاط صور لقصر الملك فاروق، وعندما هممت بالمغادرة، عرض على أحد مساعدي الملك أن يصطحبني إلى أحد أقسام البوليس. رفضت بدايًة، ومع ذلك لم يبقى أمامي سوي الاستسلام أمام إلحاحه الشديد. في الطريق، قابلنا امرأة هزيلة لا يمكن أن تزن أكثر من مئة رطلا بأي حال. انحنت أمامنا بأدب وأخبرني المترجم أن بإمكان تلك المرأة أن تحمل حجر رحي ضخم فوق صدرها بالإضافة إلى خمسة رجال من فوقه.

طلبت المرأة والمساعد أن التقط بعض الصور لهما، وأكدا أن الملك سيسعد لهذا كثيرا. وافقت على تصويرهما فاستلقت المرأة وعلى صدرها الحجر وخمسة رجال. وكعربون صداقة، طلبت مني ومن مساعد الملك أن نقف فوقها أيضا.

امرأة مصرية تحمل حجر رحى بالإضافة إلى خمسة رجال. في البداية، كانت تلك هوايتها ثم أصبحت الآن مصدر رزقها.
امرأة مصرية تحمل حجر رحى بالإضافة إلى خمسة رجال. في البداية، كانت تلك هوايتها ثم أصبحت الآن مصدر رزقها.

سألتها باستغراب “كيف بدأ هذا إذن؟”، فقالت “بدأ الموضوع بحوض استحمام وقفت العائلة كلها فيه. بعدها انضممت إلى السيرك، وعندها طلقني زوجي”.

8- طهران – إيران

خلال مدة انعقاد مؤتمر طهران، انضممت إلى صفوف الخدمة المدنية وأصبحت العضو رقم 77 في الوفد البريطاني المكون من 77 عضوا الذي يرأسه وينستون تشرشل. جاءت فكرة القبعة إلي في لحظة صمت تخللت مناقشة كانت قد بدأت بعد أن اقترحت أنا أن نبتاع لـ”ويني” هدية بمناسبة عيد ميلاده.

وأخذت أشرح لرفاقي بحماسة ما تصورته من سعادة تشرشل بتلقّي قبعة من الفراء الفارسي- حتما ستبقي على رأسه دافئا خلال أسفاره.

ثم نسيت الأمر برمته حتى أخبرنا رئيس وحدتنا أنه علم من خلال بعض مصادره أن رئيس الوزراء سيسره كثيرا أن نفاجئه بهدية عيد الميلاد. صار علينا الآن أن نشتري الهدية. بعد أن جُبنا شوارع المدينة شارعا شارعا كسائحين في زيارة لمتحف، أخبرنا أحد السكان المحليين أنه يعرف أكبر غشّاش بالمدينة وأن هذا الأخير بمقدوره مساعدتنا. في الصباح التالي، كان في حوزتنا ما يبدو أنه أجود أنواع قبعات فراء القراقلي.

بعد ذلك بعدة شهور، كنت في يوغوسلافيا بصحبة رودولف تشرشل وسألته إذا كان رئيس الوزراء يحب قبعته المصنوعة من الفراء.

“لماذا تسأل؟ إنه يرتديها على الدوام وهو مسافر”. هكذا قال رودولف ثم استطرد “ولكن كيف عرفت بأمر القبعة؟”

قأجبت: “أنا اشتريتها!”.

وينستون تشرشل يرتدي القبعة التي أهداها له جون فيليبس. كلفت القبعة فيليبس 16.5 دولارا وقد أحبها تشرشل كثيرا.
وينستون تشرشل يرتدي القبعة التي أهداها له جون فيليبس. كلفت القبعة فيليبس 16.5 دولارا وقد أحبها تشرشل كثيرا.

9- الجزائر العاصمة – الجزائر

بعد سبعة عشر عاما من مغادرة الجزائر، خطوت بشارع “ميشليه” متوجها إلى البناية التي نشأت فيها صبيا. ميزت بسهولة البوابة المصنوعة من الحديد المشغول والشرفة التي كنت ألعب فيها. دلفت إلى الداخل وكانت هناك درجات حجرية في أعلاها صفائح القمامة. تفحصت الأسماء ووجدت جيراننا القدامى موجودين كما كانوا بالطابق أعلى شقتنا.

جلست أنا وصديقي “بونييه دو لاشابيل” بالطابق الأول بمقر جريدة “لا ديباش” الجزائرية، وتناولنا من الشراب ما يكفي لحل عقد لسانينا. قال بونييه “كان ابني فتى صالحا. كان يتم دراسته بفرنسا، وهرب إلى الجزائر لأنه كان عضوا بالمقاومة وكان الألمان يبحثون عنه. وعندما قامت أمريكا بتحرير شمال أفريقيا “من قوات المحور وعلى رأسها ألمانيا”، انضم هو إلى المتطوعين الفرنسيين. كنت أراه قليلا وتمنيت لو أنه يعود إلى فرنسا بحلول عيد الميلاد. في ذلك المساء، ذهبت إلى المؤتمر الصحفي، ووجدت الجميع يتجنبونني حتى جاء إلى أحدهم قائلا: “لقد اغتيل دارلان*”. نظرت إليه بدهشة فأضاف “ابنك هو الفاعل”. هرعت إلى قسم الشرطة، وهناك وجدته. ظللت بجانبه حتى النهاية. حكموا عليه بالإعدام وأعدموه بالرصاص في 26 من ديسمبر. كانت آخر كلماته “فلتحيا فرنسا مهما يكن”.

*فرونسواه دارلان: أميرال فرنسي وعضو في حكومة فيشي الفرنسية الموالية للألمان. كان الألمان وقت تشكل تلك الحكومة محتلين جزء من فرنسا بالفعل ما أكسب دارلان كراهية الفرنسيين الأحرار بوصفه خائن. عند غزو قوات الحلفاء لشمال أفريقيا التي كانت تحت سيطرة قوات المحور وعلى رأسها ألمانيا، قام دارلان بتغيير ولائه وساعد الحلفاء في السيطرة على المنطقة وتخلى عن حلفائه الألمان. ورغم تخليه عن دعمه للألمان، ظل عدد كبير من الفرنسيين يرون في دارلان خائنا انتهازيا.

10- روما – إيطاليا

كانت الأرصفة تعج بجنود المشاة الجالسين أو الممدين على الأرض في حالة انتظار. وكانت المركبات المصطفة تنتظر هي الأخرى. وكان هناك شعورا هائلا بالإثارة يمكن تمييزه بسهولة تحت ذلك الغطاء من اللامبالاة التي أفرزها الإرهاق. كنا جميعا نشعر بأعين العالم تتطلع إلينا وراودنا إحساس بأننا على وشك أن ندخل التاريخ كجزء من حدث لن يُنْسَى قط.

كان هذا تنصيبا لروما – المدينة التي كانت مركزا للعالم ثم انهارت قبل عشرة قرون من اكتشاف أمريكا. انتصبت “البورتا ماجوري” أحد المداخل الرئيسية لمدينة روما. وهناك، في ذات البقعة التي حلّ بها “قائد مئة” روماني منذ ثمانية عشرة قرن، وقف الرقيب جيمي ديكلاي، عضو برلماني من أريزونا، وإذ تأرجح ذراعه إلى الأمام، دخل الجيش الأمريكي روما.

خارج البورتا ماجوري، أحد المداخل الرئيسية لروما، تلوح يد الرقيب جيمي ديكلاي مؤذنة بدخول الجيش الأمريكي إلى المدينة الخالدة
خارج البورتا ماجوري، أحد المداخل الرئيسية لروما، تلوح يد الرقيب جيمي ديكلاي مؤذنة بدخول الجيش الأمريكي إلى المدينة الخالدة

11- يوغوسلافيا المحررة

أصيب إيفان كوتنيك بالعمى منذ 39 عاما في كارثة منجم الحديد بمنيسوتا. وقتها عاد إلى بلدته الأم “لوز” بسلوفينيا. اعتنت به أخته التي كانت عاملة نظافة بالكنيسة، وبعونها صار إيفان قارع جرس الكنيسة. مرت السنون حتّى دخلت القوات الإيطالية “لوز” في إحدى أيام العام 1941 وبدأ الاحتلال من يومها.

وفي يوم آخر، سُمعت في المدينة هتافات “الموت للفاشية! الحرية للشعب!”. كان جيش التحرير الوطني المقاوم يجوب شوارع “لوز” في أول انتفاضة له بسلوفينيا. استولت المقاومة على المدينة في غضون ساعات ولكنها سرعات ما اضطرت للانسحاب بعد أن شن العدو هجوما بالدبابات.

دمر الطليان المنازل التي لم تكن تأوي أحد رجالهم أو ضباطهم وقُتِل 32 مدنيا وتم القبض على إيفان الكفيف. كان الطليان يبحثون عن الشخص الذي يزود المقاومة بالمعلومات، وتم اتهام إيفان بالتجسس وهدده أحد المحققون بالقتل. قام إيفان بخلع نظارته السوداء، وعندما رأوا محجريّ عينيه الخاويان، قاموا بتسريحه.

“إذن هل كنت تزود المقاومة بالمعلومات؟”

سألته بينما كنا جالسين على كومة أنقاض تحت شمس “لوز” المحررة.أدار رأسه ناحيتي، وابتسم ثم قال: “طبعا!”.

في يوغوسلافيا، يجلس إيفان كوتنيك تحت الشمس في مدينته الأم "لوز" التي حررت مؤخرا على يد قوات المقاومة بقيادة "تيتو". على الرغم من كونه أعمى، فقد كان إيفان جاسوسا للمقاومة.
في يوغوسلافيا، يجلس إيفان كوتنيك تحت الشمس في مدينته الأم “لوز” التي حررت مؤخرا على يد قوات المقاومة بقيادة “تيتو”. على الرغم من كونه أعمى، فقد كان إيفان جاسوسا للمقاومة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى