سياسة

وزير الخارجية: مقتل جوليو “جريمة لا اغتيال”..ونحن ضحية لا جناة

فورين بوليسي: دافع سامح شكري وزير الخارجية المصري عن موقف حكومة بلاده في قضية الإيطالي جوليو ريجيني وقضايا حرية التعبير

فورين بوليسي – يوشي دريزدن – سيبوهان أوجرادي – جون هودسون – ترجمة: محمد الصباغ

قال أكبر دبلوماسي مصري في حوار إن الغرب قام بافتراءات ظالمة بشأن سجل حكومته في حقوق الإنسان في حين فشل في دعم القاهرة بحربها ضد المتطرفين الإسلاميين. كما انتقد الملتقى الاقتصادي الدولي بسبب إلغاء قمة بارزة كان مقررا انعقادها في العام الماضي بمنتجع مصري بالقرب من موقع إسقاط الطائرة الروسية، وكان ذلك لمخاوف أمنية.

وأضاف  وزير الخارجية المصري سامح شكري لفورين بوليسي الإثنين إن الهجمات الإرهابية داخل بلاده دفعت بالحكومات الأخرى إلى التشكيك في أجهزة الأمن المصرية بدلاً من التعبير ببساطة عن التعازي وتقديم الدعم العام. وأصاف أن 4 مليون مصرياً إما فقدوا وظائفهم أو تراجع دخلهم بسبب الانهيار الوشيك لصناعة السياحة في مصر خلال الموجات المستمرة من العمليات الإرهابية. ازداد القلق بشأن الأمن في مصر في أكتوبر عندما تحطمت طائرة روسية فوق شبه جزيرة سيناء، الحادث الذي نسبته كثير الدول إلى الدولة الإسلامية. أما شكري فقال إن الحادث مازال قيد التحقيقات.

وقال شكري :”عوملت مصر كجاني وليس كضحية. عندما نواجه عمليات إرهابية في مناطق أخرى، يكون التضامن سريعاً. كان يجب التضامن مع مصر بشكل مماثل، وخصوصاً في ظل المرحلة الصعبة التي تمر بها.“

وفي اللقاء تحدث شكري عن  الجدل الدائر  حول مقتل الإيطالي الشاب جوليو ريجيني، الذي وجدت جثته بالقرب من طريق سريع على أطراف القاهرة. تسببت القضية في غضب كبير في إيطاليا، وعنها قال وزير الداخلية الإيطالي إن ريجيني عانى من ”عنف حيواني لا آدمي.“ كما ذكرت وسائل الإعلام الإيطالية أن السلطات في روما تعتقد أن الطالب الذي يحاول الحصول على درجة الدكتوراة تعرض للتعذيب والقتل بواسطة مسؤول امني، وهو الاتهام الذي نفاه شكري قائلاً: ”مربك تماماً.“

كما استخدم شكري اللقاء في السفارة المصرية بواشنطن من أجل الدفاع ضد الانتقادات الغربية لحكومته بسبب إلقاء القبض على عشرات الصحفيين وعشرات الآلاف من المعارضين السياسيين، وتحديداً من الإخوان المسلمين المحظورة. النشطاء مثل كين روث، المدير التنفيذي لهيومان رايتس ووتش،قالت إن بالدولة 40 ألف مسجون سياسي. أما شكري فقال إن الأرقام –التي تظهر دائماً في المقالات والاخبار والتقارير بواسطة منظمات حقوقية أجنبية- كاذبة.

وتسائل شكري: ”هل نعود إلى الأيدلوجيات والممارسات التي قام بها جوبلز،حيث قال إنك لو كررت كذبة بالقدر الكافي تصبح حقيقة؟“ مشيراً إلى مسؤول البروباجندا النازي الشهير. وأضاف: ”كانت كهجمات تكرر عدد 40 ألف، وتكرر وتكرر وتكرر في المناخ العام حتى تم قبوله كأمر حقيقي.“

في عام 2015، ذكرت لجنة حماية الصحفيين أن مصر من بين ”أسوأ الدول في العالم التي تسجن الصحفيين.“ وفي ديسمبر 2013، ألقي القبض على ثلاثة صحفيين عاملين بشبكة الجزيرة –من بينهم كندي وأسترالي- واتهموا ببث أخباركاذبة والانتماء إلى الإخوان المسلمين. تم ترحيل أحدهم لاحقاً، بينما ظل الأخرين حتى صدر عفو رئاسي عنهم في سبتمبر الماضي. لكن القضية رفعت من الاتهامات ضد القاهرة بأنها تحد من حرية التعبير في الدولة.

دافع شكري أيضاً عن المزاعم بوجود تضييق كبير على حرية التعبير في فترة رئاسة عبدالفتاح السيسي، وقال إنه في عديد المرات تم إعطاء الرئيس قوائم بصحفيين زعم أنهم في السجن واكتشف المسؤولون بعد ذلك ”أنهم يعيشون ويؤدون جيداً في عملهم، وموجودون في منازلهم، ولم يقترب منهم أحد أبداً.“

”تم وضعهم في قوائم بعينها فقط من أجل إستكمال تلك القوائم.“

وصل شكري ،سفير مصر السابق إلى واشنطن، إلى الولايات المتحدة بعد مغادرته جينيف، حيث شارك في محادثات السلام السورية التي انفضت بسبب الاعتداءات المدعومة من روسيا ضد معقل المعارضة القوي في حلب. المساعدات الروسية إلى دمشق دعمت رجل سوريا القومي بشار الأسد في إعادة غزو الكثير من مناطق بلاده بشكل ثابت.

حتى قبل إيقاف الأمم المتحدة لتلك المحادثات رسمياً الأربعاء الماضي، كان قطار المفاوضات يخرج عن القضبان لأن قوتين رئيسيتين من داعمي المعارضة السورية –الولايات المتحدة وتركيا- كانتا تتبادلان الضربات بسبب دعم واشنطن للقوات الكردية السورية.

ترى واشنطن أن الأكراد من أهم حلفائها على أرض المعركة في القتال ضد الدولة الإسلامية، لكن تركيا تعتبرهم منتمين إلى حزب العمال الكردستاني، الجماعة المعارضة الكردية التي ينظر إليها كمنظمة إرهابية.

كان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قد تحدث في نهاية الأسبوع في إشارات واضحة نحو الولايات المتحدة: ” كيف نثق بكم؟ هل أنا شريككم أم الإرهابيين في كوباني؟“

شكري –الذي لعب دوراً كبيراً في التمهيد لمحادثات السلام حول سوريا- انحاز للولايات المتحدة، وقال إن الأكراد يمثلون شريحة مشروعة من العارضة السورية ويجب أن يتم التعامل معهم من هذا المنطلق.

وأضاف: ”هم بالطبع جزء من المعارضة. هو مؤثرون جداً في الحرب ضد داعش. دائماً ما دعمنا كونهم جزء من العملية.“

وعند سؤال شكري حول قرار الملتقى الاقتصادي العالمي بتأجيل الملتقى الاقتصادي بشرم الشيخ بسبب الوضع الأمني، قال إنه لم يكن قراراً مناسباً. وأضاف: ”الملتقى ليس في موقع باتخاذ هذا النوع من التقييم.“ وسخر من استنتاجاته ووصفها ”بالمهلهلة.“

عندما تحول الحديث إلى قضية ريجيني كان شكري حاسماً. اختفى الشاب الإيطالي في 25 يناير الماضي بعد مغادرته منزله بالقاهرة ليقابل صديق بالقرب من ميدان التحرير، حيث انطلقت شرارة ثورة يناير 2011. كانت تلك آخر مرة شوهد فيها ريجيني حياً. زعمت السلطات المصرية أنهم لم يجدوا جثة ريجيني التي بها آثار تعذيب إلا في 3 فبراير.

في الأيام التي أعقبت اكتشاف جثة ريجيني، تكهنت وسائل الإعلام الإيطالية بأن أجهزة أمن مصرية ربما احتجزته وعذبته للحصول على معلومات حول علاقاته بالمصريين. وفي يوم الإثنين، نفى شكري تلك الإدعاءات، واتهم الصحفيين الذي تبنوا تلك القصة بأنهم يقفزون ”إلى استنتاجات وتكهنات دون أي معلومات موثوقة أو تأكيد على ما يلمحون إليه.“

وأضاف الدبوماسي الأرفع في مصر أن الحكومة كانت تشارك نتائج التحقيقات وتعمل مع إيطاليا على كشف كل تفاصيل مقتل ريجيني، والذي وصفها ب”الجريمة“ بدلاً من الاغتيال الفعلي.

كما هاجم شكري بأدب ،لكن بشدة، انتقادات إدارة الرئيس باراك أوباما المستمرة على الملأ لوقائع متنوعة من سجل بلاده فيما يخص ملف حقوق الإنسان ومعاملة الصحفيين والمعارضين السياسيين. كما قال أن بعض المصريين يؤمنون بأن واشنطن كانت دائماً ما تشوه حقيقة الاوضاع داخل مصر.

وأضاف:”نحن نتجنب انتقاد شركائنا. لو أردنا الانتقاد، سنجد متسعاً من الأمور التي قد نقلق بشأنها. لكن لا أعتقد أن ذلك من اختصاصنا.“

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى