أخبارثقافة و فن

إيمان مرسال تتبع الأثر الغامض والمجهول لعنايات الزيات

كتاب يكشف النقاب عن روائية مصرية رحلت منتصف القرن الماضي

 

 

“كنت أنوي أن استأنف البحث في اليوم التالي وتخيلت أنني قريبة من مقبرة عنايات. كم كنت ساذجة! لن أجد مدفن رشيد باشا إلا في صيف 2018، فقط لأكتشف أن المقبرة ليست النهاية. يبدو أن عنايات إرادتها قوية كما قالت بولا، كأنها تراقب كل شىء، وتريدني أن أصل إليها بطرق أخرى”

صدر حديثا بالقاهرة كتاب “في أثر عنايات الزيات” للشاعرة المصرية البارزة إيمان مرسال صاحبة “جغرافيا بديلة” و”ممر معتم لتعلم الرقص” و”كيف تلتئم: عن الأمومة وأشباحها”. الكتاب رحلة بحث في أثر روائية مصرية مجهولة هي عنايات الزيات، كتبت رواية واحدة هي “الحب والصمت” في خمسينيات القرن الماضي، قبل أن ترحل عن العالم بصورة مأساوية

“في أثر عنايات الزيات” هو التعاون الثاني لإيمان مرسال مع الناشر “الكتب خان” بعد كتاب “ذبابة في الحساء” (٢٠١٦) السيرة الذاتية للشاعر الأمريكي تشارلز سيميك.

نتيجة بحث الصور عن عنايات الزيات

من النص:

“قبل أن تتحوّل عنايات من كاتبة مجهولة إلى ندّاهة تطاردني، قبل أن أرى صورتها، وأسمع طرفًا من أخبارها، وأشعر أنني مشدودة من أنفي لمعرفتها، كنت أبحث عن الكنز، عن أرشيفها الشخصيّ الذي لا بد أنه هناك، متفرق بين البيوت وجغرافيا القاهرة وفي ذاكرة من تبقى من حياتها من أحياء.

تدمير أرشيف عنايات الشخصيّ، بدا لي مثل كارثة في أول الأمر، لكن غيابه جعلني أتتبع أثر ما تم طمسه. جعلني أفكر أن طموحي ليس عرض حياتها في صفحات كتاب، عرض حياة شخص ميت هو مشاركة في التسطيح والتفريغ المستمر للماضي من معناه. قلتُ لنفسي، لا يجب أن أتكلم باسمها، لا يجب أن أقدم مسودة لحياتها، هناك لحظة تقاطع بيننا، سأجعل هذه اللحظة تعمل مثل دليل روحي وسنختلف في كل ما عداها كثيرًا. ربما هي نفسها لا توجد إلا في هوامش نجت من سيطرة المؤسسات والأسرة والأصدقاء؛ ربما كان عليَّ أن أتتبع آثارها في “الهالِك”، في جغرافيا دارسة عاشت وماتت فيها، الشارع والمقبرة والمدرسة الألمانية ومعهد الآثار الألماني، في قانون الأحوال الشخصية وقضية الطلاق، في سياق رفض الرواية ونشرها، في الأحلام والصداقة والحب والاكتئاب والموت. لقد بدتْ لي قصص كل من تقاطعت حياته مع حياتها، وكأنها جزء من قصتها. أردتُ أن أعرفهم واحدًا واحدًا لأنهم مروا بحياتها.”

صورة ذات صلة
عنايات الزيات

 

من كلمة الناشر:

في مطلع الخمسينيات، فتاتان في نهايات المراهقة يراهما المارّة في شارع قصر النيل وسط القاهرة أمام فيترينات “النوفوتيه”؛ إحداهما شقراء صارخة الجمال والأخرى مليحة سمراء، كأنّهما مارلين مونرو وجين راسل في “الرجال يفضلون الشقراوات”… بعد سنوات قليلة ستصير الشقراء من نجمات السينما بالفعل، ستشتهر باسم نادية لطفي، وتصنع لنفسها تاريخًا مميزًا على المستوى العربي. لكن تُرى أين ذهبت صديقتها السمراء؟

في مطلع التسعينيات وبعد أن تقاعدت نادية لطفي عن أدوار البطولة، تسير شاعرة صغيرة مغتربة في الشوارع ذاتها وقد زال عن المدينة بريق “العصر الذهبي”، وتجد على إحدى فرشات الكتب القديمة رواية بعنوان “الحبّ والصمت” لكاتبة لم تسمع بها من قبل تُدعى عنايات الزيات، يعود تاريخ صدورها إلى أكثر من ربع قرن. تنفض الغبار عن الكتاب وتشتريه. تعرف بعدها أن عنايات –التي ماتت منتحرة قبل صدور روايتها– لم تكن سوى صديقة قديمة لنادية لطفي.  وبعد عشرين عامًا أخرى ستصبح الصغيرة شاعرةً مرموقة وأستاذة للأدب العربي بإحدى جامعات كندا، وفي جعبتها لا يزال الكتاب القديم نفسه، وهاجس حول تلك الروح المتمردة التي انتحرت في وهج شبابها، يظلّ مُلحًّا كتهديد خفيّ، ويتركها أمام سؤال حول المنعطف الذي يقود إلى هكذا قرار.

 

في ثاني إصداراتها، تستضيف سلسلة “بلا ضفاف” المغامرة الكتابية الجديدة لإيمان مرسال، في أثر عنايات الزيات؛ حيث تتبع الشاعرة مشروع كاتبة متفرّدة أجهضته ظروف وقوانين جائرة. بالبحث الميداني، والغوص في أرشيفات القضايا والصحف، وبلقاءات مُكثفة مع أقاربها ومن عرفوها، لا سيما الفنانة الكبيرة نادية لطفي، وبسرد يمزج الاستقصاء بالتقنيات الروائية. رحلة تُعيد الألوان الطبيعية –غير المبهجة دائمًا- للكثير من الحكايات الصغيرة لتضيءَ الملامح الواقعية لوجه “العصر الذهبي” الغارق في نوستالجيا الأبيض والأسود.

 

عن الكاتبة:

نتيجة بحث الصور عن إيمان مرسال

إيمان مرسال شاعرة وأكاديميّة ومترجمة مصريّة، أستاذ مساعد الأدب العربي في جامعة ألبرتا بكندا. صدر لها خمس مجموعات شعريّة، آخرها “حتّى أتخلّى عن فكرة البيوت”، دار شرقيّات – دار التنوير، القاهرة – بيروت في ٢٠١٣. تُرجمت مختارات من قصائدها إلى لغات عديدة منها ترجمة ريشار جاكمون الصادرة بالفرنسيّة عن أكت سود، باريس في ٢٠١٨.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى