ترجمة وإعداد: ماري مراد
الكثير من أصحاب الحيوانات سيخبرونك بأن أصدقاءهم الحيوانات يتصرفون بشكل يذكرهم بأشياء من المفترض أن يفعلها البشر وحدهم. اسأل أي صاحب كلب، وستجده يقول لك إن كلبه “يضحك”، في حين أصحاب الببغاوات والطيور الأخرى سيخبرونك بأشياء مشابهة عن طرق تفاعل رفاقهم الطيور معهم.
بعض الأسئلة تجلب إلى الذهن أسئلة أخرى عن فكرتنا عن الثقافة وماذا تكون، والأهم من ذلك: هو ما إذا كان البشر هم الحيوانات الوحيدة التي تقوم بمثل هذه السلوكيات. وفي منشور غير ذي صلة هنا على موقع “Mysterious Universe”، تطرقت (كاتب التقرير) إلى هذه المسألة، والاختلافات بين البشر والحيوانات. وكتبت “في النهاية، على المرء أن يسأل في أي مرحلة يُمكن على وجه التحديد رسم الخط الوهمي بين الإنسان والحيوان.
هذا يقودنا إلى قصة رائعة عرضتها موخرًا صحيفة “نيويورك بوست”، أثارت أسئلة مماثلة. القصة كانت متعلقة بالشمبانزي جولي، التي تبلغ 15 عامًا، والتي كانت واحدة من ضمن 15 في ملجأ في زامبيا. في عام 2007، بدأت جوليا اتجاه أزياء فريد بين أقرانها: فقد كانت تضع ورقة عشب خلف أذنها. تمامًا مثلما يضع الشخص قلم رصاص خلف أذنه بين فترات الاستخدام.
بعد فترة قصيرة، تبنى صغيرها الاتجاه ذاته وبدأ وضع ورقة عشب خلف أذنه أيضًا. لم يمض وقت طويل قبل قيام 8 من قردة الشمبانزي التي تعيش إلى جانب جولي في الملجأ بالأمر ذاته. وكتبت ماري هون: “عندما مانت جولي في 2012، ظلت مجموعتها المحلية ترتدي الفرع كإكسسوار، وانتشر النمط في نهاية المطاف إلى القرود المهتمة بالموضة في مجموعتين قريبتين”.
قصة جولي لم تكن الأولى من نوعها. فالكثيرون يألفون فيديوهات مثل الموجود أدناه، الذي يظهر في ببغاء يمزق شرائط من الورق ويضعها بين ريش ذيله، في محاولة واضحة لتعزيز مظهر ريشه الطبيعي (رغم أن هذا ليس بالضرورة سلوكًا “مشتركًا” بين أعضاء هذا النوع من الببغاء، فإنه سلوك شائع، وهو سلوك مشابه لاستخدام جولي الشمبانزي ورقة العشب خلف أذنها).
أصبحت الأمثلة الأخرى لمثل هذا السلوك أكثر انتشارًا خلال السنوات القليلة الماضية. ففي عام 2013 ، جادلت ورقتان علميتان بأن سلوكيات “شائعة” مماثلة قد لوحظت في أنواع الرئيسيات الأخرى، وكذلك بعض الحيتانيات.
وكتب مايكل بالتر في “Science”: “في البشر، بمجرد أن تظهر موضة عابرة، يبدأ الجميع في تطبيقها. وتوصل فريقان دوليان بقيادة باحثين بجامعة سانت أندروز في المملكة المتحدة إلى دليل جديد لقوة المطابقة الثقافية في نوعين مختلفين يشتبه في أنهما يظهران سلوكًا ثقافيًا: القرود الفرفت والحيتان الحدباء”.
في حالة القرود الفرفت، التجربة تضمنت إطعام المخلوقات الذرة من صنفين ملونين بشكل مصطنع، واحد وردي وآخر أزرق. وبعيدَا عن هذا التمييز الظاهري، فإن الذرة الزرقاء نُقعت في الصبار لمنحها مذاقًا مريرًا، ما يقود بطبيعة الحال القردة لتجنبها. وعندما وُلدت ذرية هذه المجموعة الأولى من القرود، توقف الباحثون عن نقع الذرة الزرقاء بالصبار، ورغم أن النوعين المختلفين من ذرة أصبح مذاقهما واحدًا، فقد استمرت القرود البالغة في تفضيل الذرة الوردية، وهو تفضيل يبدو أن صغارها يتبنونه أيضًا.
الدراسة المتزامنة مع الحيتان لاحظت تقنية تستخدمها الحيوانات تُعرف بتغذية الذيل، حيث توظف المخلوقات ذيولها القوية لضرب سطح الماء. وكان يعتقد أن هذه التقنية قد لا تكون مفيدة فقط في “جمع” أنواع معينة من أسماك المحيط التي تفضلها الحيتان ولكن استخدامها ينتشر بالفعل بين الحيتان الحدباء التي “خلقتها”.
وكتب بالتر في “Science”: “عبر سنوات، انتشرت تغذية الذيل بين ما يصل إلى 37% من الحيتان. ويبدو أن ما يصل إلى 87 ٪ من الحيتان التي اعتمدت هذه التقنية قد فعلت ذلك من خلال كونها على اتصال وثيق مع حوت آخر عرفت بالفعل بهذه الطريقة”.
مثل هذه الدراسات أدت على مر السنين إلى وعي أوسع بالحيوانات التي تنخرط في مثل هذا السلوك، بما في ذلك تأسيس منظمات مثل “Culture & Animals Foundation” أو “CAF”، المجموعة التي تهدف إلى تشجيع وتمويل المهارة التي تساعد على تعميق الوعي العام بالصلات بين البشر والحيوانات.
بحسب موقع المؤسسة، تقدم “CAF” منحًا سنوية للعلماء والمبدعين باستخدام فطنتهم وإبداعهم وتعاطفهم لبناء فهم أعمق للعلاقات بين الإنسان والحيوان واحترام أكبر لحقوق الحيوان. وتستضيف المجموعة أيضًا اجتماعات ومحاضرات سنوية تعقد في جامعة ولاية كارولينا الشمالية في تشابل هيل بولاية نورث كارولينا.
الكثير من هذه الأنواع من السلوك- التي تترواح من الحيوانات التي تقلد أشياء يفعلها البشر، إلى الأنواع البرية التي يبدو أنها تُشارك بعض السلوكيات المتعلمة- توسع باستمرار فهمنا للطبيعة ومملكة الحيوانات. نحن نتعلم أكثر عن التفكير وسلوك الأنواع غير البشرية، كما إننا نبدأ معرفة كيف يمكننا كبشر التعامل معها بشكل أفضل.