مجتمع

الصين تحول مسلسل “بلاك ميرور” المرعب إلى حقيقة

درجة تقييم لكل مواطن تحدد الخدمات المسموح له

في الموسم الثالث من مسلسل “بلاك ميرور”، تحاول الحلقة الأولى أن تخلق مفهوم “المدينة الفاضلة”، فيتعامل الأشخاص فيها بسلوكيات مثالية تجاه بعضهم البعض، يلتزمون بالمعايير الاجتماعية والقانونية كافة، بل أنهم يتواصلون بشكل دائم بهواتفهم الذكية عن طريق زرع شبكية تمكنهم من رؤية تقييم أي شخص يقابلونه بمجرد إلقاء نظرة عليه.

يعتمد تقييم البشر، في مسلسل بلاك ميرور، على مجموعة من المعايير منها كيفية تفاعلهم الاجتماعي، والصور التي ينشرونها، فكلما كانت الابتسامة أوسع والشعر جيد وتمتلك الصورة فلاتر جيدة كلما ارتفع تقييم صاحبها، ليحصل أصحاب التقييم المرتفع على مجموعة من الصلاحيات التي تمكنهم من الاشتراك في نواد خاصة، وشراء أماكن للسكن، فضلًا عن حصولهم على تذاكر طيران بمجرد وصولهم إلى المطار دون حجز مسبق، فقط لأنهم من أصحاب التقييم الذي لا يقل عن “4.5”، وهي التسهيلات والامتيازات التي يحرم منها من ينخفض تقييمهم عن 3.5.

ولكن يبدو أن هذه الفكرة خرجت عن كونها مجرد حلقة في مسلسل الرعب والخيال العلمي “بلاك ميرور”، لتتحول إلى أمر واقع، بعد أن أعلنت الصين تطبيق نظام “الائتمان الاجتماعي”، والذي يُقيم فيه المواطن بحسب سلوكياته والتزامه بالقوانين والقواعد الاجتماعية، حيث يمنع أي مواطن ينخفض تقييمه الاجتماعي من صلاحيات أبرزها ركوب القطارات والحصول على حجوزات للطائرات.

في العام الماضي، وبسبب خرق منظومة الائتمان الاجتماعي التي أقرتها الحكومة الصينية، تم منع 17.5 مليون مواطن من شراء تذاكر السفر، ووفقًا لما أعلنه مركز معلومات الائتمان العامة الوطني، مُنع 5.5 مليون شخص من شراء تذاكر القطارات بعد وضعهم على “قوائم سوداء لمخالفي الئتمان الاجتماعي”.

وبحسب ما أعلنت الحكومة الصينية في وثيقتها لعام 2014، فإن هذا النظام يهدف إلى تحفيز المواطنين للالتزام بالسلوك الصحيح وذلك بوضع نظام للعقوبات والمكافآت، حيث يُسمح للحاصلين على الثقة أو تقييمات مرتفعة بمزايا كثيرة، ويتمكنون من التحرك بسهولة في الوقت المناسب لهم، على عكس ما يحدث لمن هم من أصحاب التقديرات والتقييمات السيئة.

وعن السلوكيات التي يعتبرها هذا النظام جرائم اجتماعية، فتتنوع بين عدم دفع الضرائب أو الغرامات، ونشر المعلومات الكاذبة وتعاطي المخدرات، فضلًا عن مجموعة من السلوكيات الأخرى منها استخدام التذاكر منتهية الصلاحية، والتدخين داخل وسائل المواصلات العامة والقطارات.

وبينما اعتبرت الحكومة الصينية، بحسب الجارديان البريطانية، أن هذا النظام سيساعد في خلق منظومة اجتماعية جيدة، ويحفز المواطنين على اتباع السلوكيات الصحيحة، رأى معارضون إن السلطات الصينية تسعى لاستخدام التكنولوجيا والبيانات لفرض سيطرتها الاجتماعية ومراقبة المواطنين.

كانت السلطات الصينية استخدمت “القوائم السوداء” لمنع بعض المواطنين من السفر، إلا أن تطبيق نظام الائتمان الاجتماعي أدى إلى توسيع تطبيق هذه الممارسة، لتعلن المحكمة العليا في عام 2017 عن منع 6.15 مليون مواطن من مغادرة الصين بسبب عدم دفعهم للضرائب.

ولا يتوقف الأمر عند مجرد المنع من حجز تذاكر السفر فقط، وإنما تشمل العقوبات للأفراد منعهم من المشاركة في أنظمة التأمين ومنتجاته، أو راء العقارات أو الاستثمار، بينما تُمنع الشركات المُدرجة في القوائم السوداء من دخول مزايدات على المشاريع أو إصدار السندات.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى