“التعصب الديني” و”التطرّف الإرهابي”.. هل هناك فرق؟
“التعصب الديني” و”التطرّف الإرهابي”.. هل هناك فرق؟
ترجمة: فاطمة لطفي
في الأسبوع الأخير، تابع الكثيرون هجوم فرنسا الدامي الذي دهس فيه رجل بشاحنة حشدا من الناس كانوا يحتلفون بـ”يوم الباستيل” في مدينة نيس في فرنسا، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 80 شخصًا، وأدخل البلاد في حداد في عيدها الوطني، بالإضافة إلى أربع هجمات أخرى كبيرة في الأسبوع الأخير في ألمانيا.
ألقى المرشح الرئاسي المحتمل، دونالد ترامب، اللوم في ما يجري على السلطات. ودعا إلى خضوع المواطنين الفرنسيين والألمان إلى “التدقيق الشديد” قبل الدخول للولايات المتحدة، مضيفًا أن كلا البلدين الأوروبيين مثيران للشبهة من الناحية الإرهابية.
في قلب حل ترامب البسيط للمشكلة المعقدة هناك سؤال حول كيف يمكن الفصل المتطرفين والإرهابيين المحتملين عن بقية السكان. في الحقيقة، ذهب ترامب أبعد في خطته بالدعوة إلى حظر كل المسلمين من دخول الولايات المتحدة. لكن كيف سيشرّع هو والولايات المتحدة هذا “التدقيق الشديد” الذي سيجري إتمامه لفحص الزائرين؟
في المملكة المتحدة، على سبيل المثال، تعهدت الحكومة البريطانية بمعالجة التطرف، لكن مثل معظم البلاد، لا تملك الحكومة تعريفًا واضحًا للتطرف بعد. يُعرّف التطرف الآن على أنه: “المعارضة الصوتية أو النشطة لقيمنا العريقة، بما في ذلك الديمقراطية، وسيادة القانون، والحريات الفردية والاحترام المتبادل والتسامح مع المعتقدات والديانات المختلفة.”
التقرير الذي أصدرته اللجنة المشركة حول حقوق الإنسان، والذي يستعرض استراتيجية الحكومة في مكافحة الإرهاب أحدث فجوة في هذا التعريف، على سبيل المثال، يمكن لشخص أن يكون لديه فوبيا من المثليين جنسيا بسبب ما تمليه ديانته، هل يجعله هذا متطرفًا؟ ماذا لو كان أحدًا يؤمن أن القوانين يجب وضعها من الله، ماذا لو كانوا يشاهد مقاطع فيديو لجهاديين؟
يجادل التقرير أن على الوزراء أن يوضحوا بسرعة تعريف “التطرف” قبل المضي قدمًا في تشريعات أخرى، والتي قد تؤدي إلى احتمالية حدوث تمييز ضد مجتمعات مثل المسلمين. يجب أن يكون الهدف هو معالجة التطرف الذي يؤدي إلى العنف، ليس قمع الآراء التي ترفضها الحكومة”.
تساءلت هارييت هرمان، رئيسة اللجنة: “هل تطبيق تدابير مكافحة الإرهاب بخاصة على التعصب الديني “الإسلامي” على سبيل معالجة العنف، سيكون تمييزًا مقبولًا أم سيؤدي إلى تبرير الظلم؟
تكافح الحكومات عبر العالم ليس فقط لإعادة تعريف “التطرف”، لكن للإجابة عن هذا السؤال الملّح: “كيف يمكننا منع شخص من ارتكاب هجوم إرهابي؟ هجوم باريس الإرهابي الذي أسفر عن مقتل أكثر من 120 شخصًا في نوفمبر الماضي، يبرز هذه القضية المتفاقمة. عمر إسماعيل مصطفى، أحد الإرهابيين المتورطين في الهجمات، ظهر مثل الإرهابيين الآخرين، على قائمة المراقبة الراديكالية للشرطة المسماة بـfiche S التي احتوت على أكثر من 10 آلاف شخص العام الماضي.
احتفظت الحكومة بقائمة بأسماء أفراد يشتبه في كونهم أصوليين، لكن لم يرتكبوا بعد أي أفعال إرهابية. لكن ما الذي يمكن لأي حكومة أن تفعله بقائمة لمتطرفين لم ينفذوا بعد أي هجمة إرهابية؟
أوضح الرئيس السابق، نيكولا ساركوزي، الذي يسعى إلى خوض الانتخابات مجددًا العام المقبل، أنه يحرص قليلًا على هذا السؤال، داعيًا أن يخضع هؤلاء من هم ضمن قائمة المراقبة للإقامة الجبرية قائلًا: “جميع هؤلاء من ذهبوا للجهاد وعادوا يجب وضعهم في السجن، حتى وإن لم يرتكبوا أي جرم”.
ومن المحتمل أن يتردد صدى النتيجة التي وصل إليها تقرير من المملكة المتحدة في أرجاء أوروبا وبقية العالم. حيث يدعو التقرير مسؤولي الحكومات إلى توخي الحذر عند محاولتهم الإجابة عن هذا السؤال “ما الفرق بين التعصب الديني والتطرف الإرهابي؟” لأن الأمر يحتاج إلى إعادة تعريف.