سياسة

نيويورك تايمز: هكذا سحق “رجل التأميم ” منافسيه في حزب العمال

نيويورك تايمز: يخشى منتقدو كوربن أن يتحول الحزب إلى “حركة مظاهرات”

نيويورك تايمز – ستيفن كاسل – ترجمة: محمد الصباغ

بعد ثلاثة عقود من الابتعاد والنفور السياسي من اليسار، فاز جيرمي كوربن السبت بقيادة حزب العمال البريطاني المعارض بنصر كبير وبرنامج يشمل التوسع اقتصاديا، ومنع الأسلحة النووية، وتفكيك السياسات الوسطية لسابقيه ومنهم رئيس الوزراء الأسبق توني بلير.

فاز كوربن، 66 عاماً، برئاسة حزب العمال بأغلبية ساحقة بعد دعم من آلاف المؤيدين الجدد، ويعد ذلك أحد أكبر التقلبات في السياسة البريطانية الحديثة.

ويؤكد ذلك عدم الاستقرار في البنية السياسية الأوروبية نتيجة توابع الأزمة المالية عام 2008، ويظهر ذلك ابتعاد المصوتين بشكل واضح عن السياسات ذات الخلفية الوسطية، والاتجاه نحو اليسار الإشتراكي أواليمين القومي.

لم يجد برنامج كوربن، الذي يشمل تأميم شركات النقل والطاقة، دعما كبيراً بين زملائه من حزب العمال، وهذا يعني أنه سيعاني من أجل توحيد حزبه. أعلن بالفعل العديد من الشخصيات البارزة مثل إيما رينولدز وتريسترام هانت، أنهم لن يعملوا بفريق كوربن، فيما وعدت هيلاري بين بدعمه.

كانت هناك مشاهد لفرحة كبيرة يوم السبت عقب الإعلان عن نتائج فوز كوربن بنسبة 60% من الأصوات، وسحقه لمنافسيه الثلاثة يفت كوبر، وآندي بارنهامن وليز كيندل.

وقال كوربن للحشود في خطاب قصير: ”لا يجب أن نكون غير متساويين، لا يجب أن نكون غير منصفين، الفقر ليس أمرا حتميا“، وأضاف: ”يمكن للأشياء أن تتغير، وستتغير“، وندد بالمستويات ”البشعة“ من عدم المساواة ووجه اللوم في أزمة الهجرة التي تجتاح أوروبا حالياً إلى التركة المريرة من الذهاب إلى الحرب. وفي أولى تحركاته، قال كوربن إنه سيحضر مظاهرة في لندن لإبراز محنة اللاجئين.

وظهرت رغبة كوربن في الضرب على وتر حساس في الحزب الذي صار العديد من أعضائه محبطين من قيادة توني بلير، والذي سمم قراره الاشتراك مع جورج بوش في غزو العراق تركته. إلى الآن يعد بلير أحد هؤلاء القلة من حزب العمال الذين فازوا بانتخابات عامة، ويخشى منتقدو كوربن أن يتحول الحزب إلى حركة مظاهرات أكثر منه بديلاً واقعياً للحكومة المحافظة بقيادة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون.

وقال أحد مشرّعي حزب العمل، الذي طلب عدم ذكر اسمه كي لا يظهر كوربن منعزلاً، إنه أصيب بالجنون وأمسك نفسه كثيراً عن الحديث. وذلك عقب الاعلان عن النتائج.

إلى متى سيظل نقاد كوربن هادئين. سجله البرلماني كنائب متمرد يعارض حتى سياسات حزبه ستجعل الأمر صعباً عند طلبه لأي دعم من الحزب. قد يعطيه حجم الفوز بعض الوقت لتأسيس قيادته. في الواقع كان على كوربن، النباتي الذي لا يشرب الكحوليات، أن يقتنع بالترشح كقائد لليسار، وكاد أن يفشل في وضع اسمه على قائمة الترشح.

كي يترشح كوربن كان عليه أن يحصل على 35 ترشيحا من مشرعي حزب العمل، لكنه لم يجمعهم إلا حين قرر بعضهم – وهم لا يدعمونه – إنه ينبغي ان يتواجد كوربن على قائمة الترشح لتوسيع مساحة الحوار والنقاش داخل الحزب.

تحقق انتصار كوربن بفضل تعديل على قانون داخلي يسمح لكل من يدفع 3 جنيهات إسترليني التسجيل كـ”داعم مسجل“ ويشارك في التصويت. كان الحزب يمتلك حوالي 187 ألفا قبل انتخابات مايو العامة، وكسب أكثر من 105 آلاف منذ ذلك الحين، وأكثر من 112 ألف ”داعم مسجل“. ومع إضافة هؤلاء المتعاونين مع الحزب ،من خلال الاتحادات، كان هناك أكثر من نصف مليون شخص لهم حق التصويت، وتقريباً شارك في الانتخابات 420 ألف شخص.

في يوم السبت، تحرك المعارضون السياسيون لإدانة تحرك حزب العمل نحو اليسار. ووصف مايكل فالون، وزير الدفاع، الحزب المعارض بأنه ”مخاطرة كبيرة على أمننا القومي، وأمن اقتصادنا وحياة عائلاتكم“، وأضاف في بيان ”سواء تعلق الأمر بإضعاف دفاعاتنا، وزيادة الضرائب على الوظائف والدخل، وأغراقنا بالمزيد من الديون وأموال الرعاية الاجتماعية أو رفع تكلفة المعيشة بطباعة النقود- حزب العمل بقيادة جيرمي كوربن سوف يضر بالطبقة العاملة”.

ما سيقلق كوربن أكثر هو النقد الداخلي. يقول ستيفن فيلدنج، مدرس التاريخ السياسي بجامعة نوتنجهام، إن طبيعة النصر الحاسم لكوربن ستتسبب في أن يبقى معارضوه صامتين لشهور، وسيأملون تعثره. وأضاف: ”أعتقد أنه سيكون هناك هدنة، وسيرون كيف تسير الأمور، وأفترض أنه بمرور من 6 إلى 12 شهراً“ سيبدأ تأثير نتيجة الانتخابات بالزوال، وسيبدأون بالتحرك بإيجابية.

ووفقاً لفيلدينج، فإن اتخاذ موقف ضد كوربن سريعا سيؤدي ذلك إلى غضب مؤيدي الحزب، والكثير منهم متحمسون لحملة كوربن.

تجمعوا السبت في قاعة مؤتمر إعلان النتائج، وقام بعضهم بالهتاف. وكان من بين داعمي القائد الجديد شون ماهر، مدير تنفيذي في مجال الاتصالات من لندن، وقال إنه كان قد فقد الاهتمام بالحزب خلال التسعينيات بسبب السياسات التي انتهجها توني بلير، وجعلته يشبه المحافظين.

وأضاف ماهر: ”ما الهدف من فوزك بالانتخابات إذا كنت تبدو كالمحافظين؟“، فيما أكد أنه على العكس من ذلك فإن  كوربن يقدم ”قدراً كبيراً من الأمل، وذلك لفترة طويلة قادمة“.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى