سياسة

“كوارتز”: “ترامب” إلى زوال لكن أضراره ستبقى

كوارتز: ترامب لن يفوز لكن أضراره على سمعة أمريكا سيكون من الصعب إصلاحها

كوارتز – هارون موجول – ترجمة: محمد الصباغ

ترامب لا يمكنه الفوز، ربما تكون تلك العبارة حقيقية. لكن لا يعني ذلك أن الأشياء التي يرددها غير مهمة. وعلى غرار  الخطابات الجمهورية عبر سنوات تحولت التركيبة السكانية الأمريكية بقوة إلى اللون الأزرق –لون الجمهوريين، وربما يحوّل الأثر التراكمي لسنوات السياسيات اليمينية المتطرفة العالم بعيداً عن أمريكا بشكل كامل.

ترامب ليس أمراً عابراً يحدث مرة ثم لا يتكرر مجددا. وهو ليس بهيرمان كين أو ميشيل باكمان، بشكل واضح هو غير قادر على القيادة، وسريعاً ما يفارق أذهاننا. ترامب رجل أعمال عنصري تحول إلى سياسي وأصبح مسيطراً على المشهد السياسي الأمريكي لشهور. لكن حتى لو لم يتم اختياره، فالضرر الذي سببه بحق سمعتنا الدولية سيكون من الصعب إزالته بشكل  أكبر مما نتخيل.

أديت فريضة الحج في مكة للمرة الأولى وأنا في عمر الثامنة عشر. جلست في الدوائر حول الكعبة استعداداً للصلاة، وهناك لاحظت أن الشباب السعوديين يمتلكون ”سوالف“ أطول من تلك التى كانت منتشرة في أمريكا، أطول كثيراً. ذكرت هذا الأمر الغريب أمام شقيقي الأصغر الذي يعيش ويعمل هنام منذ شهرين، فقال شارحا الأسباب: ”القنوات الفضائية“.

أكبر قوة عظمى بالعالم أصبحت أقرب من أي وقت مضى. وأصبحت أقرب في السنوات التالية. تساعد مواقع فيسبوك وتويتر العالم على التواصل بشكل فوري. لكن أيضاً تساعد العالم في الوصول إلى المعلومات عن أقوى دولة بالعالم في الوقت الحالي.

لا يمكن تجاهل أقوى أمة في العالم. إنها أمريكا بكل ما لديها من اقتصاد، وسياسة، وسياحة، وصناعة –تقريباً كل مجال في العالم يتأثر بالرجال أو النساء القليلين الذين ننتخبهم. (هل تعتقد أن آل جور كان ليغزو العراق؟ مجرد فكرة).

نخبر أنفسنا أن تلك الأشهر من المناوشات الرئاسية لا تعني الكثير، وأن الناخبين ببساطة يختبرون المرشحين. لكن بقية العالم، حتى من نقوم باختبارهم يتم مراقبتهم بشكل كبير. ربما شوش بين كارسون وريك سانتروم على المتابعين الدوليين، لكن لا يمكن مقارنة أي مرشح بالجمهوري الأوفر حظاً، الذي يقود الدفة منذ شهور. ومازالت أسهمه تتصاعد في الاستطلاعات.

وفي حديثه مع “كوارتز” يقول الأكاديمي الكندي ومؤلف كتاب ”استراتيجية إعادة البناء: الرقص مع رب الموضوعية“ بكل صراحة ”يؤدي ترامب إلى تراجع صورة أمريكا عالمياً“، وأضاف أنه في الطبيعي ”لا يكترث الكنديون كثيراً بالمرشحين في المراحل الأولى“، لكن في هذه المرة يهتمون بها كثيرا. ”بالرغم من من المزاعم الأمريكية المسبقة عن الحرية والمساواة وحقوق الإنسان“ لن ينسى الكنديون –ولا العالم- ”أن التعصب الديني والعنصرية قد قادوا بالفعل أحد الأحزاب السياسية للوصول إلى الرئاسة“.

القوة الصارمة.. القوة الناعمة.. انعدام القوة

ربما ينظر المؤرخون في المستقبل إلى تدخل بوتين في سوريا كنهاية لفترة كوننا القوة العظمى الوحيدة في العالم. ليس فقط لقيام بوتين بذلك ضد المصالح الأمريكية بل أيضاً لحدوث ذلك دون أي رد فعل أمريكي مؤثر. بوتين يقود وأمريكا بقيادة اوباما أجبرت على العمل على الهوامش.

يعود ذلك بشكل جزئي إلى حروبنا في أفغانستان والعراق والتي سببت استياءً حول دورنا في المنطقة، أقتنع الكثيرون بأننا غير قادرين على إحداث التغيرات الدولية التي نزعم أننا نريدها. لكن بالتأكيد لن يساعدنا ذلك – كأمة – ونحن نتجه إلى الأسوأ.

نحن فريدون بين الدول المتطورة لتشككنا في قضية تغير المناخ. لذلك قد يشكك العالم فيما إذا كان من الممكن الاعتماد علينا في المساعدة فيما قد تعتبر أخطر التهديدات على الكوكب. نحن الدولة العظمى الوحيدة في العالم التي يقتل مواطنيها بعضهم البعض بمعدل خطير، وإلى الآن نبدو عاجزين عن إيقاف ذلك. ويمتد الأمر إلى سياستنا الخارجية.

في خطاب الرئيس أوباما يوم 6 ديسمبر، ناقش قضية الإرهاب، والتعصب ضد المسلمين، والحرب على تنظيم الدولة الإسلامية، التي توقعنا حولها أيام من النقاشات، من أجل التقدم في الأحاديث السياسية. بدلاً من ذلك، اختطف ترامب مرة أخرى الأضواء، وما بعد الحفل، وقام بمضايقات ضد المحللين. بدلاً من الحديث بجدية حول تنظيم الدولة الإسلامية، نتحدث اليوم عن حظر المسلمين تماماً بعيداً عن إقامة تحالف ضد الإرهاب، نتساءل عما إذا كنا نستطيع أم لا التسامح مع السياح المسلمين فيما بيننا.

قامت بالفعل أحد أكبر متاجر التجزئة بالشرق الأوسط، بسحب منتجات ترامب من مخازنها. فيما قال الملياردير الإماراتي خلف الحبتور إنه ندم على دعمه ترامب. فيما أزيلت الملصقات التي يبدو فيها ترامب وابنته من مواقع البناء في دبي. كان ذلك تأثير ترامب في القوى العربية السنية الكبرى.

ربما لا يختلف الأمر في كل مكان.

فقال روبن أفيكسو، رئيس تحرير المجلة الألبانية الأمريكية –إليريا، Illyria- إن الألبانيين ”مؤيدون بشدة للأمريكيين“، لكن ”قام الكثير منهم – الألبان – بالهجوم على تصريحات دونالد ترامب عبر وسائل التواصل الاجتماعي“ ويشرح أفيكسو الأسباب: ”البلقان منطقة تحاول بعد خروجها من الحرب أن تعيد بناء الثقة مع جيرانها. ربما تجد الولايات المتحدة صعوبة في نصح أبناء البلقان بالتسامح والتعاون لو تم انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة”؟.

ومن جانب آخر، قال ميرنس كوفاتش، الصحفي من سراييفو ومؤلف كتاب ”حصار الإسلام“ إن ”التدخل في البوسنة أثبت عدم الحياد الأمريكي في سياستها الدولية“، وأضاف كوفاتش إن تدخل الولايات المتحدة في البوسنة لحماية المسلمين من الإبادة الجماعية أظهر أن أمريكا ليست ”في حرب مع الإسلام“. لكن ”نفس خطابات الخوف والكراهية التى ظهرت في بداية التسعينيات في يوغوسلافيا قبل الإبادة الجماعية في البوسنة تظهر في أمريكا الآن”.

وأضاف أن ترامب يقوض من موقف أمريكا.

كعادته استمر ترامب في عدوانيته في كل مكان، فسخر من اثنين من أقوى حلفاء أمريكا. (هاجم بالفعل السفير الفرنسي لدى أمريكا.) ثم مر على اختيار المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من قبل مجلة “التايم” كشخصية العام، وزعم أنها ”تدمر“ ألمانيا. وفي العاشر من ديسمبر كتب عبر تويتر أن المملكة البريطانية ”تحاول بقوة التستر على مشكلتها الإسلامية الكبيرة“، وهو الزعم الذي أنا متأكد من تقدير كاميرون له مع قيام حكومته بالتواصل مع المواطنين المسلمين.

دعاية ترامب تعتمد على إزعاج الكوكب، وفي القريب العاجل سيقوم العالم بما يفعله الخبراء من مستخدمي تويتر: الضغط على زر كاتم صوت الاشعارات والمضي في طريقهم. لكن حتى لو لم يفز ترامب، وحتى لو لم يستمر في حملته لثلاثة أشهر أخرى، فالضرر الذي قام به، باسم أمريكا، سيكون من الصعب جداً إزالته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى