فيديومجتمع

واشنطن بوست: لماذا تركتم القبائل البدائية ..وحيدة؟

واشنطن بوست: قبائل الأمازون المنعزلة ترغب في التواصل مع العالم.. والحكومات تخشى استغلالهم من شركات النفط وقطع الأشجار

واشنطن بوست – إيشان ثارور – ترجمة: محمد الصباغ

لأول مرة سيعمل المتخصصون في علم الإنسان (الأنثروبولوجيا) التابعين للحكومة البيروفية على محاولة الاتصال بأعضاء قبيلة بعيدة تعيش بغابات الأمازون. تأتي تلك الخطوة بعد تزايد القلق بشأن سلوك شعب (الماشو بيرو)، حيث قاموا بهجمات واعتداءات على المجتمعات المجاورة.

تعتبر أمريكا الجنوبية وبالتحديد منطقة الأمازون الواسعة موطناً للقبائل الأخيرة التي لا تتصل بالعالم الخارجي. الشعوب الأصلية التي بغض النظر عن السبب، قررت أن تعيش خارج نظاق الدولة التي تنتمي إليها بشكل رسمي. ويخشي الخبراء من أن بعض المخاطر التي قد تحدث بعد اتصال تلك القبائل الكامل بالعالم الخارجي، بداية من استغلالهم بواسطة جشع شركات التعدين، أو شركات قطع الأشجار، وحتى نقل مسببات الأمراض المدمرة التي لا يمتلكون مناعة لمقاومتها.

في العقود الأخيرة، اتخذت بعض الحكومات خطوات دفاعية محاولين تحصين تلك المجتمعات من الإتصال الخارجي، وكان ذلك غالباً لأسباب ترتبط بالمخاطر الصحية. ويقدر البعض أن الأمراض التي تأتي من الخارج قتلت حوالي 100 مليون من المواطنين الأصليين عقب وصول الأوروبيين إلى الأمريكتين.

وتمنع دولة البيرو الاتصال بالعشرات من تلك القبائل الأمازونية التي تعيش داخل حدودها، وهو تغيير إيجابي حيث في السابق لم تدرك الحكومة من الأساس وجودهم. أما في البرازيل فلديها مؤسساتها الخاصة المسؤولة عن السكان الأصليين. في عام 2011، سمحت للكاميرات بالتوثيق وتصوير لقطات جوية ليس لها مثيل للغابة.

كما دافعت المجموعات الحقوقية دائماً عن حماية السكان الأصليين في الأمازون، وهاجمت جشع شركات النفط، وسط تاريخ مأساوي واجهته تلك الشعوب من المستوطنين وقاطعي الأشجار والمهربين.

بحسب منظمة البقاء الدولية (Survival international)، التي تعمل لصالح حقوق القبائل والمجتمعات الأصلية حول العالم، ففي البرازيل والبيرو لا تقوم الدولة بالعمل الكافي لحماية تلك القبائل. وحذرت المنظمة في العام الماضي من السياح الذين ينفذون رحلات ”سافاري“ قرب أرض قبيلة ماشو بيرو.

وذكر ”جيفري كلوجر“ المحرر العلمي بمجلة “تايم”، أن دراسة حديثة بمجلة علمية سردت بالتفصيل التحديات والأخلاقيات في كيفية التعامل مع تلك القبائل التي لم تتصل بالعالم الخارجي من قبل. كما شملت الدراسة رواية يقشعر لها البدن حول ضعف تلك القبائل تجاه الاتصال الخارجي: ”يتحدث الصحفي أندرو إلى القروي البيروفي مارسيل بينيدو، 69 عاماً، الذي ولد في الغابة ثم غادرها مؤخراً. ويتذكر بينيديو أول اتصال له مع شخص من خارج قبيلته الذي غادر ومعه هدية عبارة عن سلسلة مكونة من هيكل عظمي لسمكة. وبعد ذلك، أصيب الكثير من سكان القبيلة بالتهاب في الحلق و حمى ومات 200 منهم. وفي الثمانينيات، مات أكثر من 400 قروي بيروفي بعد الاتصال بعمال من شركة نفطية“.

نتيجة لذلك، أثارت التحقيقات الجارية حالياً في بيرو حول قبيلة ماشو بيرو الكثير من القلق.

قال كلاوس كويك، رئيس (FENAMAD) وهي منظمة محلية للسكان الأصليين ببيرو،  لوكالة رويترز: ”يجب أن تمنع الحكومة القوارب من العبور وتبقي الناس بعيداً“.

ما زاد من ضرورة الإسراع في الاتصال بالقبائل هو الحادث الذى وقع في شهر  مايو، عندما هاجم بعض القبليين جماعة محلية أخرى، وقتلوا شاباً بسهم. وقرر المسؤولون أن الاتصال سيكون عبر مترجمين يتحدثون لغة اليني (Yine)، وهي لغة يعتقد أنها تحتوي على حروف كثيرة تتشابه مع طريقة كلام سكان قبيلة ماشو بيرو.

لفت سكان ماشو بيرو الأنظار بشدة إليهم عام 2013، عندما ظهر العشرات منهم على ضفاف الأمازون بالقرب من قرية ”يني – Yine“، وطالبوا بأحبال ومناجل وموز. وطالبهم حراس منظمة (FENAMAD) المتمركزين هناك بعدم عبور النهر، لكن الأزمة شهدت توتراً، مع حمل بعض رجال القبيلة الأقواس والأسهم الخشبية الطويلة.

فيما قال بعض سكان القرى القريبة والمبشريين المسيحيين والسياح بأنهم قد رأوا بعض أفراد قبيلة الماشو بيرو.

ويقول لويس فيليبي توريس، أحد المسؤولين في بيرو عن شئون القبائل لرويترز: ”لا يمكننا التظاهر بعد الآن أنهم يحاولون صنع نوعاً ما من الاتصال.كما أن لديهم الحق في فعل ذلك“.

يرى الخبراء أن تسميتهم بالقبائل غير المتصلة بالآخر (Uncontacted) هي تسمية خاطئة، نظراً لأن كل المجتمعات على سطح الكوكب كانت على وعي بجيرانها وكان لديها بعض الفهم لمسألة وجود عالم خارجي حول موطنها.

يقول كيم هيل، عالم الأنثروبولوجيا بجامعة أريزونا بالولايات المتحدة، لبي بي سي: ”يمتلك الناس هذه الرؤية الرومانسية للقبائل المنعزلة ويعتقدون أنهم – أبناء القبائل – من اختاروا الابتعاد عن العالم المدني الحديث الشرير“، ويضيف: ”لا وجود لفكرة أن مجموعة ما بقيت منعزلة لأنهم يعتقدون أنه أمر جيد ألا يكون لهم اتصال بأي شخص آخر في الكوكب“.

وفي “ساينس ماجازين” الشهر الماضي، أوضح هيل وروبرت ووكر تلك النقطة وذكروا أن معظم القبائل المنعزلة في أمريكا الجنوبية ”اختاروا العزلة خوفاً من القتل أو الاستعباد“، ومثل أي بشر يعيشون وسط قيود ”يريدون السلع الخارجية والابتكارات والتواصل الإيجابي مع جيرانهم“.

ويقول الأكاديميون إن الطريقة الأفضل للتعامل مع الأمر هي عبر سياسة ”الاتصال تحت السيطرة“ مع تلك المجتمعات، وبحرص يتم تجنب انتشار العدوى، لكن أيضاً يمكن من بناء الثقة ويقدم المساعدات، وخاصة الطبية المطلوبة. وقد تخدم الخطوة البيروفية الحالية هذا المسعى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى