الاحتجاجات العنيفة على “حظر ترامب” تعرقل رغبة السعودية في علاقات جيدة مع الرئيس الأمريكي الجديد
مارجريتا ستانكاتي- أحمد العمران
ترجمة: فاطمة لطفي
رغبة العائلة المالكة في السعي نحو علاقات جيدة مع إدارة ترامب، تتعارض مع الاحتجاج العنيف المندلع بسبب حظر المسلمين من دخول الولايات المتحدة الأمريكية.
لطالما استخدمت السعودية، منشأ الإسلام وموطن اثنين من أقدس البقاع الدينية، نفوذها الديني لإبراز دورها كزعيم إقليمي للمنطقة. والآن، يضعها نفس هذا النفوذ في معضلة شائكة.
رغبة النظام الملكي في تدعيم علاقات مع إدارة ترامب أفضل مما كانت لها مع أوباما، تعرّض السعودية إلى انتقادات حيث هي عازفة عن دعم حلفائها المسلمين، خاصة من شملهم الأمر التنفيذي لترامب الذي يضع قيودًا على دخول مواطني سبع دول مسلمة بالدرجة الأولى إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
يقول إبراهيم فريحات، أستاذ في حل النزاعات بمعهد الدوحة للدراسات العليا: “وضع الحظر السعودية في موقف حرج، حيث يُتوقع منها اتخاذ موقف مناهض للحظر، وذلك لأن بعض الدول المشمولة بالحظر، كالسودان واليمن، حلفاء رئيسيين للمملكة، وأيضًا بسبب تقديمها لنفسها دومًا باعتبارها زعيمًا إقليميًا للعالم الإسلامي”.
لم تستجب وزارة الخارجية السعودية لطلب إبداء تعليق بهذا الشأن.
وأعلن البيت الأبيض، الأحد، عن تحدّث الرئيس دونالد ترامب مع العاهل السعودي الملك سلمان حول قضاي تشمل لاجئي الشرق الأوسط، والاتفاقية التي تتضمن منع إيران من الحصول على أسلحة نووية، بالإضافة إلى تحسين العلاقات الأمنية بين البلدين.
وقال البيت الأبيض: “الرئيس طلب، والملك وافق على دعم إنشاء مناطق آمنة في سوريا واليمن، فضلًا عن دعم أفكار أخرى لمساعدة العديد من اللاجئين النازحين من الصراعات المستمرة”.
وقال بيان لوكالة الأنباء السعودية الرسمية التالي إن “وجهات نظر الزعيمين كانت متماثلة” حول قضايا شملت مكافحة الإرهاب والتطرّف، بالإضافة إلى مكافحة “هؤلاء الذين يسعون إلى تقويض الأمن والاستقرار في المنطقة، والتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد الأخرى”. في إشارة إلى إيران وأنشطة وكلائها الإقليميين.
كما قال البيت الأبيض إنهم وافقوا على “أهمية التطبيق الصارم” لاتفاقية السلاح النووي الملتزمة بها إيران مع قوى عالمية أخرى منها الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2015. انتقد ترامب ومسؤولون سعوديون عدة مرات الاتفاقية، التي رفعت العقوبات عن إيران في مقابل فرض قيود أخرى على برنامجها النووي”.
رحب القادة السعوديون بحماس بانتخاب ترامب، معربين عن أملهم أن ينسجم موقفه المتشدد حول منافستها إيران، مع أهداف المملكة الاستراتيجية. إيران بين سبع دول ذات أغلبية مسلمة فرض عليها قرار وقف التأشيرة لمدة 90 يومًا، بالإضافة إلى دول أخرى تعتبرها السعودية حليفة لها.
يطبّق الحظر على مواطني السودان أيضًا، وهي عضوة في تحالف الدول الإسلامية الذي حشدته السعودية لمكافحة الإرهاب. اليمن أيضًا ضمن هذا التحالف، حيث تدخلت السعودية عسكريا في عام 2015 ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران بهدف إعادة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى السلطة. كما يطبق الحظر على السوريين الفارين من الحرب، ومن جانب آخر، الرياض هي الداعم الرئيسي للمعارضة السورية التي تقاتل الرئيس السوري بشار الأسد وظهيريه الإيراني والروسي.
أنتجت السعودية العديد من المتطرفين الذين شنوا هجمات على الأراضي الأمريكية أكثر من الدول المتأثرة مباشرة بالحظر. أسامة بن لادن، الزعيم الراحل لتنظيم القاعدة جاء من أكثر العائلات ذات النشاط التجاري البارز في المملكة، و15 من الخاطفين التسعة عشر للطائرة التي هاجمت البرجين في 11 سبتمبر كانوا سعوديين. وحسب دراسة لمجموعة صوفان المتخصصة في الاستشارات الأمنية، أسهمت تونس بالكثير من المقاتلين الأجانب المنضمين لـ تنظيم داعش.
وعلى تليفزيون “إن بي سي” يوم الأحد، ترك رئيس موظفي البيت الأبيض، رينس بريبوس، الباب مفتوحًا لاحتمالية إضافة السعودية ومصر وباكستان، وجميعهم حلفاء مقربون للولايات المتحدة الأمريكية، إلى قائمة الحظر. لكن عمدة نيويورك السابق، ردوي جولياني، والذي أسهم في إعداد الأمر التنفيذي قال لـ”فوكس نيوز” يوم السبت أن السعودية ليست مشمولة بالحظر لأنها “تمر بتغيير هائل”، مضيفًا أنها “ليست السعودية القديمة”.
ومن شأن الحظر في حالة فرضه على السعودية أن يحمل تبعات بعيدة المدى، منها تعطيل التحالف التجاري والعسكري الذي لطالما ساعد في إقحام الولايات المتحدة في المنطقة، كما كان ليؤثر أيضًا على عشرات الآلاف من الطلبة السعوديين الملتحقين بالكليات الأمريكية ضمن منح ممولة من الحكومة.
التزم المسؤولون السعوديون الصمت بشأن القيود الجديدة المفروضة على تأشيرة الولايات المتحدة. لكن عندما طرح ترامب فكرة حظر المسلمين لأول مرة، وصف وزير الخارجية السعودية عادل الجبير الاقتراح بأنه “خطر جدًا جدًا” قائلًا بأن من شأنه تعميق الانقسامات بين الأشخاص ذوي المعتقدات المختلفة، لكن خلال مؤتمر صحفي في الرياض الثلاثاء الماضي، قال إنه كان “متفائلا جدًا بإدارة ترامب” وأثنى على اختيارات الرئيس الأمريكي الجديد في الوزارة، منهم وزير الدفاع جيمس ماتيس، وريكس تيلرسون وزير الخارجية.
وبثقتها في رئاسة ترامب، أملت السعودية أن يغيّر البيت الأبيض من سياسة أوباما مع إيران، والتي توجت باتفاقية السلاح النووي، وترى الرياض إن الاتفاقية مكّنت طهران من التدخل في شؤون العرب، وتسببت في حالة من عدم الاستقرار في المنطقة.
لكن يقول بعض المحللين إن افتراض أن رئاسة ترامب ستكون جيدة للمنطقة، مع القليل الذي نعرفه حول سياسته في الشرق الأوسط، أمر مُفرط في التفاؤل.
بينما قال بريان كاتوليس، زميل كبير في مركز التقدم الأمريكي: “إنهم يتجاهلون التعصب الأعمى الموجه ضد المسلمين”، كما يعترض كاتوليس على “حالة التمني وعمى البصيرة المتعمد”.
