سياسة

بي بي سي: برلمان مصر جموح تحت السيطرة

ناثان براون: بي بي سي: برلمان مصر جموح تحت السيطرة

بي بي سي – ناثان براون*– ترجمة: محمد الصباغ

 

من منطلق عدد المرات التي ذهب فيها الناخبون إلى التصويت في السنوات الأخيرة، يبدو كأن المصريين سيمتلكون نظاماً ديموقراطياً حماسياً.

أما بالنظر إلى تعليقات أغلب الخبراء، فقد عاد المصريون إلى سابق الاستبداد حيث البرلمان الجديد سيمثل مجرد غطاء  لنظام رئاسي استبدادي.

وأظهرت نتائج الانتخابات البرلمانية التي انتهت مؤخراً أن المتشائمين يمتلكون أدلة لها وزنها. بالفعل، فقد تم حظر الأحزاب المعارضة أو استغلالها أو تهميشها. أما من يمتلكون دعماً من محركين رئيسيين في الدولة –مثل الأجهزة الأمنية- فسيشكلون أغلب هيكل البرلمان القادم.

لكن النتيجة لن تكون ببساطة عودة إلى الماضي. هناك أسباب تدعونا للإيمان بأن الحياة البرلمانية في مصر سوف تكون أكثر تخبطاً حتى من الماضي، لثلاثة أسباب:

الأول: يمتلك البرلمان بعض الصلاحيات الحقيقية وفقاً للدستور الجديد للبلاد لعام 2014. ويجب أن يراجع جميع القوانين التي أصدرها الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ وصوله للحكم.

الثاني: لن يكون المجلس الجديد “منظما “. كل حكام مصر المنتخبين السابقين حظوا بدعم حزب سياسي، أما السيسي فليس كذلك. وصحيح أن أغلب النواب يعتبرون أنفسهم موالين له، لكن لن يكون من السهل أن ينسقوا فيما بينهم.

أخيراً: أبدى البرلمانيون الحاليون  شيئاً من روح الشراسة – كمجموعات صغيرة أو كأفراد.  سيتكون المجلس من مجموعة متنافرة من الأغنياء، تختلف (إلا إذا تم ترويضها) في التوجهات الأيدلوجية، وشخصيات محلية هامة وشخصيات وطنية (بعضهم معروف بكثرة حديثه بدلاً من الفطنة او التعقل.)

سيمثل البرلمان صداعاً للرئيس. ولكنه لن يكون نقطة ضعف بالنسبة له، إبعد الخطوات التي اتخذت مسبقا لمنع تكوين جبهة معارضة رئيسية،  في الواقع، يبدو النظام الانتخابي قد تم صناعته لإنتاج برلمان مخلص وإن كان جامحا.  .

أما اللاعبون الرئيسيون في الدولة مثل (الجيش، والأجهزة الأمنية، والمؤسسات الدينية والقضائية) فهم معزولون بشكل دستوري وقانوني بعيدا عن البرلمان.

زعيم التحالف الانتخابي الواسع  “في حب مصر” الذي يضم أحزاباً موالية هو مسؤول أمني، وخرج لواء جيش متقاعد ليعمل كأمين عام للبرلمان، ويشرف على موظفي البرلمان وعملياته، حتى أجبر على الاستقالة هذا الأسبوع لافتقاره المؤهلات الوظيفية المطلوبة.

وحتى لو فشلت كل الطرق الأخرى، يمكن في النهاية تعديل الدستور ليقوي من موقف الرئيس، وهي الفكرة التي تم طرحها (حتى من قبل السيسي نفسه) في الأسابيع الأخيرة.

رؤساء مصر السابقين حكموا بشكل عام من خلال السيطرة على المجال السياسي.

على العكس من ذلك، يبدو أن السيسي يأمل بالحكم من دون أن يبدو كذلك –ليأن تقوم  مؤسسات الدولة  بما هو مفترض أن تقوم به وأن يفعل المواطنون ما يتم إخبارهم به.

في مصر اليوم، أنتجت السياسات الاقتصادية والأمنية والإدارية الجديدة للنظام شيئا من التذمر، ومن المحتمل أن يتيح البرلمان مساحة لبعض المناقشات والمواقف، لكن من غير المحتمل أن يقوم بالكثير لتصحيح الأداء.

..

ناثان براون: مؤسسة كارنيغي للسلام  الدولي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى